{جمعية الفيلم} إحدى أعرق المؤسسات المعنية بالسينما والثقافة السينمائية في مصر، وهي تعرض الأفلام وتنظّم الندوات أسبوعياً منذ ما يقارب النصف قرن، وتقيم سنوياً مهرجانها الذي يعرض أهم أفلام العام، وتمنح لجنة تحكيم مسابقة المهرجان الجوائز لفروع الفيلم السينمائي كافة. عادة تتلقف الأوساط السينمائية والثقافية جوائز الجمعية باحترام واعتداد، لأن غرضها الوحيد النهوض بالشأن السينمائي والارتقاء بالفن السابع.

Ad

أعلنت جمعية الفيلم أخيراً نتائج لجنة التحكيم، التي ترأسها الناقد الكبير علي أبو شادي.

ككل عام جرت تصفية أولى، وبعد استفتاء عام اختار أعضاء الجمعية ثمانية أفلام، من قائمة موسم 2009 التي يبلغ عددها 39 فيلماً، ولعل هذا العام شكل صعوبة أمام لجنة التحكيم، لأنه الأفضل منذ ما يقارب عشرين عاماً، من حيث توافر نسبة مهمة من الأفلام التي تستحقّ الاختيار والدخول في التصفية الأولى من ناحية، وجوائز التحكيم في الفروع كافة من ناحية ثانية.

كان على اللجنة التدقيق في الأفلام الثمانية والمناقشة الشاملة حول عناصرها ومزاياها وأوجه المفاضلة بينها. وهذه الأفلام الثمانية هي بترتيب عرضها:

خلطة فوزية (إخراج مجدي أحمد علي)، واحد صفر (إخراج كاملة أبو ذكري)، عين شمس (إخراج إبراهيم البطوط)، دكان شحاتة (إخراج خالد يوسف)، الفرح (إخراج سامح عبد العزيز)، إحكي يا شهرزاد (إخراج يسري نصر الله)، ولاد العم (إخراج شريف عرفة)، بالألوان الطبيعية (إخراج أسامة فوزي).

شهد كل يوم من أيام المهرجان عرض فيلم واحد من هذه الأفلام، أعقبته ندوة مفتوحة لمتذوقي الفن السينمائي، ناقشوا فيها الفيلم مع مخرجه وصناعه وأبطاله.

أتاحت هذه المشاهدة الجديدة للجمهور والمناقشة الجدية بعدها، فرصة إعادة النظر في أهم أفلام عام كامل وإعادة التقييم وإعادة اكتشاف قيمتها ومواطن الجمال فيها التي لم تظهر بالوضوح نفسه في المشاهدة الأولى!

من بين هذه الأفلام: {خلطة فوزية}، {دكان شحاتة}، {بالألوان الطبيعية}، {عين شمس} وربما غيرها!

تستحق هذه الأفلام، بين النظرة الأولى وإعادة التقييم، حديثاً منفصلاً إلا أن الفيلم الذي حافظ على تقييم إيجابي باستمرار، منذ عرضه في بدايات العام السابق، هو {واحد صفر}، الذي حقق نجاحاً وتقديراً في المهرجانات على مدار العام، وفاز في مهرجان {جمعية الفيلم}، بجائزة أحسن فيلم وأحسن إخراج لمخرجته كاملة أبو ذكري وأحسن سيناريو لكاتبته مريم ناعوم، بينما فاز {الفرح} بجائزة لجنة التحكيم الخاصة، و}عين شمس} بجائزة سامي السلاموني للتجديد والابتكار، وفاز بطلا {ولاد العم} منى زكي وشريف منير بجائزتي أحسن ممثلة وأحسن ممثل.

الحق أننا أمام ثمانية أفلام جيدة للمرة الأولى منذ سنوات، وبعضها يتفوق ويعتبر أكثر من جيد.

تنوعت هذه الأفلام شكلاً ومضموناً، {واحد صفر} من حيث الواقعية المحكمة البناء، المستندة إلى مونتاج متوازٍ بين خمسة خطوط درامية، تعبّر عن مشاكل طاحنة تواجه الأفراد، وتأتي النتيجة الإيجابية لمباراة كرة القدم لمنتخب بلادهم كمخفف وقتي لألمهم، من دون حلّ مشاكلهم، التي تظل مستعصية لأنها مسألة مجتمع مأزوم بالكامل في الأساس!

على غرار الفيلم السابق يدور {الفرح} خلال ساعات يوم واحد، في إطار واقعي، متعدد الخطوط الدرامية والأبطال، تنبع معظم مشاكله من الفقر والحاجة والتردي الاجتماعي والاقتصادي الشامل الذي يعصف بالمجتمع في مرحلة قاسية.

إضافة إلى المواضيع المعالجة آنفاً يضع {عين شمس}، خطوطاً تحت أمراض خطرة إلى حد {السرطنة}، تصيب المجتمع وتغزوه، بسبب فساد القائمين على البلاد، ويذهب الفيلم إلى أن الفوضى والتخريب اللذين حلا بها لا يقلان عما حاق بغيرها عن طريق الحروب!

أما {ولاد العم} فيتمحور حول الصراع بين العرب والعدو الإسرائيلي، وهو فيلم {وطني} من نوع غير معتاد، يندرج ضمن سينما الحركة المشوّقة، ويدور معظمه في المجتمع الإسرائيلي، حيث تخفي القشرة البراقة التي تغلفه قبحاً ووحشية وتفسخاً.