حتى لا يتعزز الاعتقاد بأن العربي وحده الذي لا يتمنى لأخيه الخير، والذي يغارُ حتى من لحم أسنانه، والذي يذهب به الحسد، بعض الأحيان، إلى سكْب كأس الماء على الأرض ليحرم منه أقرب الناس إليه، فإنه لابد من الإشارة بفرح غامر إلى أن هذا الداء لا يقتصر على الناطقين بالضاد وحدهم، وأنه يشمل حتى الذين عاصمتهم مدينة الضباب التي غدت مربط "خيْلنا" بعد أن اشرأبت استثمارات "إخوتنا" بنايات جميلة في قلب حيّ "النايس برج" المطل على أقدم وأجمل حديقة في الكرة الأرضية.

Ad

حتى في بريطانيا العظمى العريقة بتقاليدها وقيمها وأعرافها فإن الحسد قد دفع الشقيق الأصغر إد ميليباند، الذي كان وزيراً للطاقة، إلى اعتراض طريق شقيقه الأكبر ديفيد ميليباند الذي كان وزيراً للخارجية، والتنافس على موقع زعامة حزب العمال الذي حكم ثلاثة عشر عاماً، ولم يستطع قادته الاحتفاظ بـ "مُلك" حزبهم مثل الرجال.

لقد بدأ تاريخ البشرية بتلك الجريمة البشعة، إذ قتل قابيل أخاه هابيل، أو العكس ولم يوارِ جثته بالتراب بل تركها مكشوفة "تطبخها" حرارة الشمس وتتناهشها مناقير الطيور الجارحة، وهذا بقي متواصلاً ومستمراً وانتقل من الأفراد إلى الدول، إذ ما إن تتضخم عضلات دولة شقيقة أكثر من اللزوم حتى يبادر زعيمها "المحبوب"! إلى دفع جيوشه عبر حدود الدولة الشقيقة الصغيرة... هل تذكرون؟!

ربما صديقة إد ميليباند أو زوجته هي التي حرَّضته على شقيقه الأكبر، ودفعته إلى الترشح ضده لزعامة حزب العمال المهزوم هزيمة نكراء، وربما الطامعون في هذا المنصب هم الذين دفعوا الشقيق الأصغر إلى أن يعترض طريق شقيقه الأكبر، لكن وفي كل الحالات فإن المفترض أن يكون معروفاً أن هذا الشقيق وشقيقه يهوديان، وأن العادة جرت حسب التعاليم التلمودية على أنه يحق لأي كان أن يمارس خطيئة الكذب ضد "الغوويم"- الغرباء- لكنه لا يحق له أن يمارسه ضد أبناء جنسه وأتباع دينه نفسه.

في كل الأحوال إن التقديرات في بريطانيا تشير إلى أن ديفيد ميليباند هو الذي سيكون صاحب الحظ السعيد، وأنه هو الذي سيصبح زعيم حزب العمال الجديد، فهو شاب ذو ثقافة عالية وخريج جامعة هارفارد الأميركية الراقية، والأهم من كل هذا أنه مدعوم بثقل الأقلية اليهودية الفاعلة التي لأسباب لاتزال موضع أخذ ورد قد وقفت إلى جانب ديفيد كاميرون في المعركة الانتخابية الأخيرة... والمشكلة هنا أن كليهما ديفيد!!