الحكومة مسؤولة عن حريق العيون»

نشر في 19-08-2009
آخر تحديث 19-08-2009 | 00:01
 أحمد عيسى من غير المنطقي طبعاً أن تتحمل المتهمة بإضرام النار في خيمة العيون وحدها مسؤولية ما حدث، فهناك أطراف عدة تقاعست عن أداء واجبها، وعليه تلطخت أيديهم ببقايا الجثامين المتفحمة.

قانونياً، نجد أن إقدام متهمة بحسب ما تسرب من التحقيقات الأولية، بإشعال النار بطرف خيمة، لا يربو عن كونه مجرد عمل تخريبي، حده القانوني جنحة، تتمثل في إتلاف ممتلكات الغير، تنتهي بفرض غرامة، وأي تطور بهذه القضية سيكون في حال ثبوت التهمة أن تتحول إلى جنحة قتل خطأ، ربما تفضي إلى غرامة أو حبس لمدة ثلاث سنوات كحد أقصى، كون المتهمة لم تنو أن يحصد انتقامها هذا العدد من الأرواح.

إنسانياً، ما حدث في «خيمة العيون» ليل السبت الماضي مأساة، يتحملها ثلاثة أطراف: الأول، جهات رسمية حكومية. والثاني، منظمو حفل الزفاف. والثالث، المتهمة متى ما ثبتت عليها التهمة.

بلدية الكويت تمنع منذ عامين إقامة أي خيام في المناطق السكنية، لكن في المقابل وجدنا أن خيمة الكارثة، كبيرة وظاهرة للعيان، نُصبت وسط شارع، رُبط مدخلها الوحيد بمدخل البيت الرئيسي، الذي فُتح فناؤه على الخيمة، لتدخل المدعوات من الباب الخلفي للبيت، إجراءات الأمن والسلامة مفتقدة، هناك مدخل واحد فقط، بينما يفترض أن يكونوا أربعة على الأقل، لا توجد مطفافئ للحريق، وتمديدات الإضاءة تعرضت للنيران، ومادة الخيمة سريعة الاشتعال، أذابت الحرارة تمديدات الكهرباء التي تم توصيلها من داخل البيت، فقادت هذه الأسباب إلى الكارثة، لتدخل بعدها سيارات الإطفاء والإسعاف إلى الشارع الذي كان مغلقا بسبب الخيمة والكثافة المرورية والبشرية، ليبدأ بعدها فصل آخر من المأساة.

بلدية الكويت، والإدارة العامة للمرور، والهيئة العامة للرعاية السكنية، ووزارة الأشغال، والمباحث الجنائية، والإدارة العامة للإطفاء، ووزارة الكهرباء والماء، ووزارة التجارة، ووزارة الإعلام، وأخيراً فريق إزالة التعديات على أملاك الدولة، جميعها جهات حكومية رسمية مسؤولة عن الكارثة، يضاف إليها بالطبع أصحاب الحفل والخيمة، ومن أشرف على التمديدات الكهربائية، وبعدهم تأتي المتهمة بإشعال النار.

مقابل كل ذلك، رأينا مَن يحمِّل المتهمة وحدها مسؤولية المأساة، وهذا مرفوض لعدم توافر نية القتل العمد، كما أن البيانات الرسمية تشيد بسرعة اعتقال الجاني، وطريقة تعامل الجهات المعنية مع المأساة، وهو أيضا مرفوض، فمسؤولية الأطراف المشار إليها واضحة، ومثلما ألقت الأجهزة الأمنية على المتهمة، عليها أيضا أن تلقي القبض على المسؤولين الآخرين عن حدوث هذه المأساة.

في دول العالم المحترم، حينما تتداعى الأخطاء فتقود إلى كارثة، تجد الجهات المعنية تشكل غرفة عمليات مشتركة، وتقوم بتنفيذ خطة الطوارئ، وتسمي ناطقاً رسمياً يقدم معلومة معتمدة وموثقة، وتتولى وسائل الإعلام ومن بينها الرسمي تقديم التطورات تباعاً، ويقوم كل بعمله، وفقا لآلية العمل والإجراءات المعتمدة، لكن ما حدث يوم السبت الماضي، يقتضي منا إعادة النظر في الإجراءات، وعلى الأخص ما يتعلق بمسؤولية بلدية الكويت ووزارة الداخلية، وقواعد الإخلاء وخطط الطوارئ، أما وزارة الإعلام، فتكفي الإشارة إلى تميز «تلفزيون الراي» باستضافة وزير الصحة على الهواء لمدة ساعة مساء يوم الأحد، وحديثه للمواطنين عما جرى، فيما كان تلفزيون الدولة الرسمي يعرض فيلماً وثائقياً يستعرض زيارة رئيس مجلس الوزراء الميدانية للمصابين وموقع الحادث.

ما يؤسف في كارثة الجهراء أننا رأينا متهمة وحيدة، يبدو أنها ستتحمل وحدها مسؤولية ما حدث، فيما لم نسمع عن قيادي حكومي انتقد ما حدث، وقدم استقالته إقراراً بالمسؤولية، ولماذا ندعوهم لذلك ومجلس الوزراء أشاد بجهود الجميع يومي الأحد والاثنين، وأغلق الملف، بينما لاتزال هناك جثامين غير متعرف عليها في الأدلة الجنائية.

back to top