كأننا ولدنا من جديد، لأن الصدق، بريد أنانا المتفردة.
كأننا كنّا ظلالكِ ومرآتكِ وكنتِ ماءنا في الحياة والموت.كأننا أصغينا لما نقول: اتركها نائمة وغطّها، بياسمينالصباح لكي لا تنكسر أعمدة السماء. كنّا قساة علىالعتبة وندفع الباب، باتجاهكِ. وكنتِ تضحكين ببراءةمَنْ لا يعرف، غير الغفران. كنتِ في أحلامنا معنىوكنتِ الليلَ والضوءَ والرغبة. لم نصبر كما صبرالماغوط فوضعك صورةً على الدار. كنّا وقتها نرىالضوء يرتعش في شعرك الأسود. وكنّا يتامى لأن حبّناكان كاملاً وأعزل. كان النور يولد من ثقوب نايّ سحري،يحمل النغمة الشفيفة إلى شتاءِ المسافرين، كنتِ كما تفتحالقوقعة أمومتها أمام البحر. كما تولد الغمازةُ على مرأىالطبيعة. نحسبُ أننا لم نركِ، نحسبُ أننا توهمّنا في صباحٍماطرٍ ضوء الشمس. على الأرجح أننا عمينا أمام ابتسامةتدوّخ العالم. كنّا نظن اننا نكبر أمام مياه النهر، أمام، ضوءالحقيقية فلا نتيه وحدنا في الظلام. كنّا نظن أننا لن ننكسرأمام زيت المحبّة. كنتِ في البهو الفسيح أمام الرجل والمرأةبعد سقوطٍ وآخر، بين كذبةٍ بيضاء فوق جبين أسود.كنّا يتامى في بلاد غريبةٍ فوجدناك نائمة بين البحيرات.كنتِ صباح فاكهة البحر السعيد. تنهضين من نومكِ كسولةًكلؤلؤةٍ في قلب قوقعة، محاطة بالأشنات وأعشاب المياهالخضراء والمرجان اللامع. كنّا نرى طيفك في الأفلام،في «شيء من الخوف».البحر والنوم والعتبة العالية. تنامين فترحل أحلامنا ونصحوعلى فراغ الأسرّةِ، على ملاكٍ ضائع بلا حراسة. يؤخذ الحبدفعة واحدة لأن وردة الجسد هي نفسها وردة الروح.ما كان ينبغي أن تضيعَ أزهارنا. ما كان ينبغي أن تكون السماءرمادية. ماذا نفعل الآن وأنتِ في الصورة -بالأبيض والأسود-في فمكِ زهرة الأسى وعلى شفاهنا طعم رماد الغابة.لم نكن حراساً أوفياء. لم نشكر الطبيعة من أجلك.انسحبتِ من أغوار الألم السحيق، وكنّا يائسين ننظرُإلى النهر ونسمع أغنية الصبا.أحببناك لأنِك كنتِ تلميذة الألم الوفية، لأنك ابنة الخساراتمثلنا. أحببناكِ بقوة الرغبة، بقوة الأحلام، بقوة الحكاية التيلم نصدقها. ما كان ينبغي أن تتركينا هكذا، جميلين،قريبين إلى سمائكِ، إلى شتائك، إلى عزلاتٍ كبيرة.لقد انتحروك منذ زمن بعيد، دون أن ندري ولم نصدق.الكآبة؟ أجل. الخيبات؟ أجل. عمتِ صباحاً على شرفةٍتطل على النيل والحديقة الخلفية.عمتِ صباحاً في ضباب لندن الشتائي.عمتِ صباحاً على أعشاب صبانا.افتقدناك، وافتقدنا حكايات سندريلا،نحن الذين من أجلكِ أوقدنا الشموع.
توابل
الرسالة التي لم تصل
24-02-2010