لقاء استغرق ساعة إلا عشر دقائق أماط فيه رئيس مجلس ادارة شركة الاستشارات المالية الدولية (ايفا) نائب رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب لشركة ايفا للفنادق والمنتجعات، طلال جاسم البحر اللثام عن مشاريع انجزتها المجموعة طوال مسيرة استغرقت سنوات

Ad

ولا تزال مستمرة، بقوله ان «المرحوم الوالد رسم خطوطها العريضة ونحن ماضون في استكمال تلك المسيرة، وهو من وضع السطور الأولى في الخطة الحديثة للمجموعة عموما».

ولم يخف طلال البحر تأثر المجموعة عموما برحيل والده رحمه الله عن الحياة، ولا تأثره هو شخصيا بهذا الرحيل فهو: "الأب والصديق والأستاذ واكثر من كان يتحدث اليه في اليوم".

اما في الامور الاقتصادية فقد برز خلال الحوار الذي اجريناه معه حرصه على ضرورة انفتاح البلاد اكثر والعمل على تطوير المشروعات لتشجيع الآخرين على دخول البلاد، فضلا عن استهجانه لمسيرة القوانين الكويتية التي تناقض ما يتم سنه في الدول الاخرى، فهي تكبح تقدم الشركات لعدم وجود التشريعات المناسبة كقوانين الـ"بي أو تي"، أو قوانين السكن الخاص، أو الخطط التنموية التي "لم نر لها وجودا منذ الثمانينيات في القرن الماضي إلى ان عادت وظهرت هذا العام"، الى جانب الروتين الذي تغلغل في معظم الدوائر والمفاصل الحكومية على اختلافها، وفوق هذا وذاك يرى ان الامل معقود على خطة التنمية المطروحة مؤخرا فقط إن وجدت طريقها الى نور الواقع بعيدا عن ظلمة الحبر على الورق! وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:

•  قانون الاستقرار الاقتصادي الذي لم يقر بعد هل ترى فيه الحل الأمثل لمشكلات الاقتصاد الكويتي؟

قانون الاستقرار كخطوة أولى كان صحيحا لأنه ردّ الثقة نوعا ما الى السوق، غير ان قانون الاستقرار وحده لا يكفي، إذ كان من المفترض ان تكون هناك خطوات اخرى تأتي مكملة لقانون الاستقرار كتغيير بعض تفصيلاته، فمما تضمنه قانون الاستقرار عدم السماح بإعطاء الشركات قروضا جديدة لتسدد قروضها القديمة وهذا شيء غير عقلاني، فإذا اردت للشركة ان تكمل مسيرتها في النمو والازدهار فمن المفترض ان يكون هذا الامر متاح، بالإضافة إلى عدم السماح بالتعامل بالأسهم والعقار للشركات بينما ثلاثة ارباع الاقتصاد الكويتي اسهم وعقار للقطاع الخاص، فإذا انتزعت منه هذين القطاعين فماذا ابقيت؟ إن الجزء الصناعي من الاقتصاد الكويتي جزء بسيط وهو محرك صغير لا يكاد يذكر في السوق في وقت يبلغ دخل ونشاط الدولة النفطي وتوابعه ما بين 70- 80 في المئة ويعتبر العامل الاساسي الذي تقوم عليه الشركات هو مشاريعها الداخلية والخارجية، فمن باب أولى ان توجه العناية والاهتمام الى المشاريع الداخلية.

وبالرغم من ذلك، فإن المشاريع التي تم طرحها جيدة جدا، لكن السؤال هو من اين سيتم تمويل تلك المشاريع؟ فمن المفترض ان تكون هناك قوانين وحوافز من الحكومة للبنوك المحلية والأجنبية لتسهيل عمليات التمويل للشركات والاشخاص، بحيث تتوفر السيولة اللازمة للقيام بمشاريع جديدة.

نجونا من الأزمة

•  كيف نجت مجموعة إيفا من الأزمة فالجميع يرى ان مجموعتكم من بين الناجين من الأزمة، فهل هي السياسة المتحفظة للشركة في توزيع استثماراتها ام ماذا؟

الحمد لله قبل الأزمة بسنة ونصف السنة بدأنا بإعادة هيكلة الشركات من حيث التخصص في المجالات، وبدأنا بالدمج قبل الأزمة كما حصل في "الديرة" و"المشروعات" اللتين أعلنتا عن الاندماج قبل الازمة بسنة، ولم يكن هذا تنبؤ باحتمال دخول الاقتصاد العالمي بأزمة ولكنها خطة عمل المجموعة لتطوير العمل المؤسسي في الشركات والتخصص.

لقد حدثت مشكلة ليس في الكويت فحسب بل في العالم عموما، فالكادر البشري المؤهل كان من الصعب ايجاده، وكان لدينا تخصص فرغبنا بالتركيز على هذا التخصص، فمثلا شركة "الديرة" هي شركة قابضة و"الدولية للمشروعات" هي الاخرى نوعا ما قابضة، وكانت لدينا رغبة في التركيز على الاستثمار في الشركات الناشئة، اضافة الى استثماراتنا الاساسية في شركات مدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية مثل "الدولية للتمويل و"ايفا" و"الأولى للتأمين التكافلي".

هذا بالطبع لا نستطيع تسميته سياسة متحفظة، ففي العقار دخلنا دولا مختلفة قليل من استثمر فيها، وكنا جريئين في دخولنا في عدد من المشاريع، وكان هناك اعتدال في توزيع المخاطر حيث قمنا بتوزيع مخاطرنا جغرافيا، الامر الذي كان له دور ايجابي في تحقيق النجاح للمجموعة.

لقد كان التركيز في استثمارات المجموعة في مجالين، الاول في الاسهم، الجزء الاكبر منها داخل الكويت لخبرتنا الكبيرة في السوق الكويتي، والجزء الاخر خارج الكويت. اما المجال الثاني ففي مختلف انواع العقار داخل وخارج الكويت، ومع التركيز الاكبر  على كل من دبي، تايلند، جنوب افريقيا.  

• هذا يسوقنا الى السؤال عن حال عقاراتكم في دبي ومدى تأثرها بما أصاب دبي جراء الأزمة المالية العالمية الخانقة؟

الحمد لله نجونا من الأزمة والتأثر بسيط، واغلب التأثر كان نتيجة لتأخير الدفعات، الملاك الذين يستلمون الشقق يتأخرون قليلا ونحن والحمد لله بعنا اغلب مشاريعنا في دبي وكل مشروع اعلنا عنه في دبي مبيع بنسبة 80 - 90 في المئة. لقد قمنا بتسليم مشروع السنة الماضية، وسنقوم بتسليم مشروع فيرمونت بالم ريزيدنس هذا العام، ولم يبق لدينا سوى مشروع فندق فيرمونت بالم جميرا المتوقع الانتهاء منه خلال 12 شهرا ومملكة سبأ في 2011. لدينا اراض في دبي لم نطورها بعد وهي المرحلة الثانية من مشروع مملكة سبأ. تلك الاراضي التي نعتبرها من افضل الاراضي في دبي على النخلة جميرا، وليس علينا التزامات مالية بخصوص هذه الاراضي وهي مملوكة بالكامل للشركة، اما الالتزامات الاخرى على المقاول وغيره فهذه امور انشائية.

وبالنسبة للالتزامات البنكية في دبي فتبلغ نحو 100 مليون دولار فقط، ومشاريعنا فيها تبلغ نحو 2- 3 مليار دولار. ولذا فإنها تعتبر التزامات بسيطة وليس لدينا تأخير بالسداد وعلاقاتنا ممتازة مع البنوك التي نتعامل معها، اما بخصوص التمويل في دبي والمنطقة فهو غير متوافر حاليا، الامر الذي سيؤثر على تطوير المشاريع المستقبلية والتي ستبقى معلقة الى حين فتح باب التمويل مرة اخرى.

• كيف هي مشاريع إيفا، وإيفا للفنادق في الوقت الراهن؟

 استطيع الحديث بشكل اوسع عن ايفا للفنادق. فبالنسبة لآسيا لدينا اراض في تايلند تكفي الشركة مدة خمس سنوات تقريبا لتطويرها.  كما عززنا من وجودنا فيها ورفعنا نسبة ملكيتنا في الشركة المدرجة هناك، شركة ريمون لاند، لأننا نرى ان السوق الاسيوي رغم الازمة، نشط وهو سوق واعد مثل ماليزيا وتايلند وسنغافورة والصين واندونيسيا وفي القطاع العقاري بشكل خاص من تطوير اراض وبنايات سكنية. اما في افريقيا  فنحن مستمرون في تسليم مشاريعنا ايضا ونأمل خيرا في 2010 في ظل اقامة كأس العالم في جنوب افريقيا، ويعتبر هذا السوق من اكبر الاسواق في افريقيا ولدينا اراض مملوكة بالكامل، وتكفينا للتطوير لعشر سنوات،

وفي لبنان سنسلم المرحلة الاولى من مشروع تلال العبادية في الشهر المقبل والمرحلة الثانية نبتدئ بها قريبا، ولكن ننتظر قليلا في التوسع في الاستثمار في مشاريع اخرى في ظل ارتفاع اسعار العقار هناك. هذا ونتطلع للتوسع في السوق السعودي مع التركيز على مجالين، السياحة الدينية في كل من مكة والمدينة، والمجال الثاني في الاستثمار في العقار السكني.

بالنسبة الى خطط "ايفا" المستقبلية، فسنعمل على تركيز انشطة الشركة على نشاطين، الاول في ادارة الاصول "Asset Management" والمتضمن الصناديق العقارية في الدول الناشئة والاستثمار في اسواق الاسهم في منطقة الخليج. فبالعودة الى الصناديق كنا في السابق نستثمر اموالنا عن طريق المجموعة وفي جميع الشركات التابعة لها، ولكن اليوم نفتح المجال امام ادخال صناديق عقارية تركزعلى التوسع على مستوى المنطقة ونطرح فرصا داخل وخارج الخليج وتختلف الاستثمارات من حيث موقعها، فبعضها داخل المنطقة وبعضها خارج المنطقة.

ولدينا خطة لطرح 3 صناديق عقارية في عام 2010 مجموعها نصف مليار دولار. منها ما سيطرح خلال الشهر القادم، ويتركز على استثمارات عقارية في افريقيا، واوروبا والخليج العربي، برأسمال يتراوح بين 5 و50 مليون دولار وعائد ثابت بنسبة 9 في المئة. اما الصناديق الاخرى فندرس خططا لطرح صندوق عقاري اسلامي واخر لاقتناص الفرص العقارية. كما يجري العمل على افكار وصناديق اخرى لطرحها على عملائنا في 2010.

• علاقة المجموعة من البنوك هل تأثرت في ظل الازمة من حيث التمويل وقدرة الحصول عليه دون معوقات او اعتراضات او تحفظات من قبل البنوك؟

نسبة ديوننا مع البنوك الكويتية قليلة، فتمويلنا كمجموعة من البنوك الكويتية يشكل 25 - 30 في المئة، اما ما تبقى فمن بنوك اجنبية. فلو اخذنا "ايفا للفنادق" على سبيل المثال ليس عليها اي ديون مع بنوك الكويت، وديون "ايفا" تتراوح بين 25 - 30 في المئة والباقي تعاملات مع بنوك اجنبية، وسوق الائتمان الكويتي ليس اساسيا لمجموعتنا، وبشكل عام نلاحظ ان البنوك متحفظة جدا في اعطاء التمويل اللازم للمشاريع ونأمل ان تعيد البنوك النظر في سياساتها لتحريك العجلة الاقتصادية.

الدمج هدفه التخصص

• هل لدى المجموعة خطة في الدمج؟

اسباب الدمج واضحة بالنسبة الينا، وهي تخصيص الشركات في المجال المناسب لكل منها وتوضيح الرؤية المستقبلية لمجموعة الشركات. لقد بدأنا بدراسة الاندماجات بين شركات المجموعة قبل الازمة وليس بسببها. وكما ترى فإن هيكل المجموعة بعد الدمج الاول لكل من شركة الديرة القابضة والشركة الدولية للمشروعات الاستثمارية، والدمج الثاني بين كل من الشركة الدولية للتمويل وشركة كويت انفست القابضة وشركة جيزان القابضة، خلق شركات متخصصة في مجالات محددة.

فـ"ايفا" تتخصص في ادارة الاصول والاستثمارات في مجالات عدة، و"ايفا للفنادق" تتخصص في مجال الفنادق والمنتجعات بالاضافة الى العقار في الاسواق الناشئة، اما بالنسبة الى شركة عقارات الكويت، فتركيزها على قطاع العقار التجاري والسكني في منطقة الوطن العربي.

وبالنسبة الى الشركة الجديدة الناتجة عن دمج الدولية للتمويل وجيزان القابضة وكويت انفست القابضة، سيكون تركيزها على المنتجات المالية والتمويل وخدمات العملاء من مجموعة الوساطة المالية الموجودة في كل من الكويت، دبي، سورية، الأردن ومصر، اما التمويل فمن خلال الشركات التابعة في الكويت ولبنان والامارات وبالاخص في امارة ابوظبي. ويركز النشاط في شركة الديرة على الشركات الناشئة والاستثمارات الاستراتيجية في شركات مدرجة.

ولا ننسى الشركة الأولى للتأمين التكافلي والتي تتوسع حاليا في كل من السعودية وتركيا. اما بالنسبة للدولية للمنتجعات، فنحن نعمل على وضع خطط جديدة لتركيز عملها سوف نعلنها في المستقبل القريب.

وكما ترى فإن هذا التخصص يجعل العائد على المساهمين افضل، ويعزز المركز المالي لمجموعة الشركات مما سيزيد الثقة في الشركة وادارتها ويخلق كيانات اكبر بدلا من كيانات عدة صغيرة.

طموحات مصرفية

• مجموعة البحر كان لديها وربما لا يزال طموح مصرفي (حيازة حصة مؤثرة في بنوك او تأسيس بنك... الخ) اين وصلت المجموعة في تحقيق هذا الطموح؟

القطاع المصرفي يتبع الفرصة وفي الكويت الامر صعب جدا، لا الشراء سهل ولا عملية التأسيس سهلة، ولكن في الخارج سننتظر اي فرصة تتاح لنا، وليس ثمة فرص في الوقت الراهن كي تتضح الرؤية بسبب غبار الازمة الذي اضعف القطاع المصرفي على مستوى العالم اجمع نوعا ما.

• ما هي قراءتك للسوق العقاري الكويتي (العقار التجاري- العقار الاستثماري- العقار السكني)؟

سوق العقار في الكويت تأثر كثيرا خاصة في ظل انعدام التمويل في الكويت. فإن فتحت الحكومة باب التمويل امامه بعض الشيء

وطرحت المشاريع لاستعادة الشركات عافيتها، ولكن حتى لو الحكومة فتحت الباب امام المشاريع الجديدة فهي لن تعيد الحياة بتلك السرعة الى سوق العقار حسب اعتقادي.

 إن وضع العقار التجاري في خطر فليس لدينا عدد الشركات التي تملأ هذا الكم الهائل من المكاتب، اما العقار الاستثماري لديه فرصة للنهوض فهو لم يتأثر كالتجاري. فالتجاري بحاجة الى دخول الشركات الاجنبية حتى نقول ان هناك املا في ان ينشط هذا النوع من العقار وليس ثمة امل في ذلك! وانا شخصيا متخوف من العقار التجاري وقد يشهد المزيد من الانخفاض، وإذا لم تتدخل الدولة وتطرح المشاريع التي تنشط السوق فلن يتعافى.

اما الاستثماري فأتوقع ان الشخص الذي كان يعيش في شقة مستواها متدنٍ سوف يرتقي الى شقة مستواها ارفع مع ما سيشهده سوق العقار الاستثماري من انخفاض بسبب زيادة العرض امام الطلب، واتوقع الا يشهد انخفاضات اكثر مما هو عليه اليوم.

•  في تصريح محافظ بنك الكويت المركزي انذار او تحذير للشركات للاستفادة من قانون الاستقرار الاقتصادي خلال فترة محددة والا ما عليها الا الخروج من السوق ما هو تعليقك على ذلك؟

اكثر من 80 في المئة من الشركات وخصوصا الشركات العقارية والاستثمارية لا تستفيد من القانون، ولا يبقى الا الصناعية والصناعية غير كفيلة وحدها بتحريك السوق!

•  من الملاحظ وجود تداولات على اسهم مجموعة ايفا في البورصة، ما السر وراء ذلك؟

 هناك اكثر من سبب يقف وراء هذا الاقبال الشديد على التداول على اسهم الشركة، منها الرخص، فالقيمة الدفترية تبلغ 240 فلسا وسعر السوق 110 فلوس، هذا بالنسبة لـ"ايفا"، وبالنسبة

لـ"عقارات الكويت" فالقيمة الدفترية 150 فلسا، والسهم بـ75- 80 فلسا، فمن جانب الرخص هي رخيصة وعلى المدى البعيد ان الاستثمار مجز جدا، ومن ناحية ثانية تستطيع قراءة ذلك من خلال الثقة فالازمة اظهرت وفرزت وجعلت المساهم اكثر قدرة على الحكم سواء كان من حيث انواع الشركات او طرق ادارتها او ملاكها اومراكزها المالية، ونحن كملاك نقف وراء شركاتنا وندعمها دائما ان شاء الله تعالى.

• ما قراءتك لوضع "إيفا للفنادق"، توسعاتها ومشاريعها الحالية وخططها المستقبلية؟

لدى ايفا للفنادق 46 مشروعا، في اربع قارات في 13 دولة و18 فندقا ومشاريع سكنية يتراوح حجم المشاريع بين 8- 10 مليارات دولار. وملكياتنا تختلف إذ ان لكل مشروع ملاكا مختلفين، فهناك مشاريع لنا ملكية فيها تتراوح بين 20 في المئة واخرى تصل ملكيتها إلى 100 في المئة وان شاء الله نكون قادرين على تكملة النمو.

الأزمة ماثلة والمبشرات خير

• هل ترى أن الازمة المالية على مستوى العالم انتهت وعلى مستوى الكويت هل هي كذلك ام لا تزال؟

لا تزال ولكن كل المؤشرات تبدو جيدة والاسواق تتعافى شيئا فشيئا، واسمح لي بالقول: "ان من يقول انه عارف ان الازمة انتهت او لم تنته كذاب"، لان الامور لم تتضح بعد امام الجميع، وهناك محللون يقولون ان ثمة تصحيحات ستحدث، وبالطبع يختلف كل سوق عن الاخر. وهناك اسواق ليس فيها مشكلة ولكنهم خلقوا مشكلة كما حصل في الكويت، فالكويت ليس فيها مشكلة ولا ازمة اساسا، ولكنهم خلقوا مشكلة من عدم وضع حلول، فبينما تشهد كثير من الدول بعض الأزمات وتوفق بحلها بتدخل حكوماتهم بل والاسراع في التدخل للخروج منها سريعا والاشتغال بالادوات الموجودة لانجد في الكويت حتى اليوم مشروعا تحفيزيا واحدا يدفعنا الى التفاؤل بأننا على طريق الخروج من الازمة، وليس ثمة خطوة على ذلك الطريق وقانون الاستقرار تكلفته للبلد صفر، ولم يطرح، والحكومة لم تطور اية خطوة، والازمة لم تدخل الكويت اصلا.

 إن بعض الشركات اتخذت من الازمة شماعة لتعليق فشل مجالس اداراتها عليها والبعض لتعليق خسائرها، وهناك شركات فشلت لسوء الادارة واخرى فشلت لان الامور لم تساعدهم، ولكن المشكلات التي ظهرت والتي ابرزها السيولة، كانت السبب الرئيسي في وقوع البعض في الازمة، اضافة الى ان لدينا نظاما ائتمانيا لايسمح للشركات باستثمار الاموال على المدى البعيد، ففترة القرض قصيرة جدا بينما اغلب الاستثمارات على المدى الطويل! وهذا قد يخلق نوعا من عدم التوافق (mismatch) في سيولة الشركة. واذا لم تجدد البنوك هذه التسهيلات للشركات فبالتأكيد ستخلق مشاكل كما حدث لبعض الشركات العام الماضي. وهذا بسبب ضعف النظام الائتماني في البلد الذي لم يتطور فهناك من يعطي 15- 20 سنة ولكن الكويت لا تتجاوز مدة التمويل الـ 5 سنوات.

وبعض الشركات تعثرت، وظهرت عيوبها، هذه حال الازمات ترفع اسهم البعض وتزداد الثقة فيهم وتخفض اسهم اخرى!

رب ضارة نافعة

•  ماذا استفدتم من الأزمة، وما هي الدروس التي تعلمتموها؟

"رب ضارة نافعة" لقد استفدنا كمجموعة من الازمة، فقد اعطتنا حافزا للتركيز والتنسيق بين بعضنا بعضا كشركات المجموعة بشكل عام اكثر من السابق، وهذا طبعا يساعد في خلق الفرص وترابط الشركات اكثر والتعاون اكثر. فنحن عندما نعمل في ظل الازدهار الاقتصادي تختلف اولوياتنا ونغض النظر عن الاشياء البسيطة. أما في ظل الازمة عدنا الى التدقيق والتركيز اكثر في جميع الخطوات وعدنا الى ترتيب الامور اكثر و"ترتيب البيت الداخلي" كما يقال.

اما بالنسبة للمشاريع التي تشتمل عليها النظرة الحكومية وهل سيكون لنا نصيب منها فهذا لم نجد فيه (بشكل عام) ما يكون لنا فيه نصيب، ليس الجميع بل بشكل عام.

ونتطلع الى خلق كيانات جديدة كي نكون جاهزين حين تلوح فرص مناسبة في الافق، ومن المؤكد انه سيكون لنا حينها نصيب وان لم يكن لنا منها نصيب ندعو الله ان يوفق من كانت من نصيبه.

•  عملية استثناء البنوك الإسلامية في ما يخص التمويل للسكن الخاص هل ترى فيه عدالة ام ان الامر يجب ان يشمل البنوك التقليدية ايضا؟

لم تكن عملية استثناء البنوك الاسلامية من قانون السكن الخاص عادلة، فالأمر غير عقلاني، واذا ارادت الحكومة خفض الاسعار امام المواطنين فما عليها الا فتح الاراضي التي لاتزال نسبة 83 المئة منها محتكرة للدولة، فحتى المدن السكنية لا تزال الحكومة متأخرة فيها. وليس ثمة سبب يدفع الى التأخر بعملية السكن الخاص، فنحن مقبلون على ازمة.

في الكويت ما بين 65- 70 في المئة اعمارهم لا تزيد على 25 سنة اي جيل الشباب، وبعد 15 سنة من اين لهذا الكم الهائل من الشباب والاعداد الكبيرة من الخريجين بالحصول على وظائف او مساكن خاصة؟!

 على الحكومة خلق نظام جديد يستوعب هذه الاعداد من الخريجين، نحن لم نر خطة لمواجهة هذا الأمر، فالاقتصاد قوة لتشغيل الطاقة البشرية، واذا استمر الوضع كما هو عليه الآن بالكادر الجديد "سيزيد الطين بلة" والبطالة المقنعة سيزيد عددها في الكويت.

الـ «B. O. T» قانون فاشل

• قانون «B. O. T» منذ صدر لم نر مشروعا واحدا اقيم بناء عليه، فما تقييمك لهذا القانون؟

انه قانون فاشل، والقانون الجديد اكثر تعقيدا من القديم والمفترض إذا اردنا تيسير الامور وتسهيل الاجراءات والقوانين لا تعقيدها اكثر مما هي عليه من التعقيد، ففي حين يعطي المستثمرون وفقا لقانون

"B. O. T " للدول الخارجية فرصة اطول نعطي في الكويت 25 سنة، اليوم نسمع نائب رئيس مجلس الوزارء للشؤون الاقتصادية الشيخ احمد الفهد يقول انه مقبل على احداث تعديل بهذا القانون والاشياء التي يتكلم عنها الشيخ احمد الفهد جميلة جدا وتكون اجمل اذا وصلت الى ارض الواقع.

جذب الاستثمارات الأجنبية

• الكثير من الشركات التي ترغب في دخول السوق الكويتي احجم في ظل الروتين المنتشر وصعوبة الإجراءات الرسمية في استقدام العمالة وغيرها، فما قولك؟

إذا وقفت الأمور على العمالة واستقدامها والإجراءات الروتينية فقط فنحن بألف خير ان شاء الله، اننا في الكويت إذا صحت ارقامي، اقل دولة في الخليج استطاعت اجتذاب اموال او استثمارات خارجية، بسبب، عدم وضوح الخطط، فالخطة التنموية التي طرحت اليوم رأيناها قبل نحو عشرين سنة ولم تطرح منذ الثمانينيات من القرن الماضي وهذه الخطة اعطت وضوحا للمجالات التي من الممكن التركيز عليها، وليس لدينا جهاز يحث على العمل لانجاز هذه الخطة.

فمثلا من الناحية الاستثمارية لماذا الشركات كلها تطرح صناديق خارج الكويت؟ بالطبع لأن عملية الإجراءات تأخذ خارج الكويت 20 يوما بينما في الكويت تحتاج الى 4- 5 اشهر في اقل تقدير وهذا ينهي الفرصة وهذه المشكلة الحقيقية، فكيف يريدون تحويل الكويت الى مركز مالي في ظل هذه الظروف والتشريعات حين تستغرق القوانين البسيطة سنوات فكيف تشرع القوانين الجديدة الكبيرة التي يجب سنها لامور جديدة؟!

• هل تذكر عندما طرح الوالد (رحمه الله) مشروع البورصة الخاصة في السابق باسم "ايفا" حتى اليوم لم يأت الرد من وزارة التجارة والصناعة، وكان لدينا فكرة ادخال المجاميع الاستثمارية كلها فيها، وارى ان مشروع الهيئة يعطي نوعا من التفاؤل حول السوق، وانا غير متفائل في ان يرجع مقترح انشاء بورصة خاصة الى الظهور على ارض الواقع.

لدينا مشروع مستقبلي على انشاء بورصة خاصة خارج الكويت، نعلن عنها في حينها.

• القطاع العقاري شبه منسي في قرارات الحكومة ومداولات مجلس الأمة وقوانينه، ما تعليقكم على ذلك؟

إن انشاء بورصة عقارية امر جيد سيلعب دورا كبيرا في عملية تنظيم سوق العقار، فقطاع العقار مهمل حكومياً والعقار فيه نوع من الاحتكار رغم ان التركيز عليه من شأنه تنشيط قطاعات واسعة من الاقتصاد الكويتي من عمالة واعطاء فرص عمل، مع فتح مدن سكنية جديدة، واذا حصل نوع من الانسجام الصحيح بين القطاع الصحيح والحكومة فهذا امر جيد، والقطاع الخاص في الكويت شبه منسي رغم وجود شركات جيدة ولها جذور جيدة ايضا، والاقتصاد الكويتي مبني على النفط بينما المجال متاح أمام القطاع الخاص للمشاركة في المؤسسات الأخرى، وهذا القطاع سيكون اجدى من القطاع العام في انجاز المشاريع لان تركيزه على الربح وعلى سرعة الانجاز.

• ما العوامل التي تراها ملحة وضرورية لجذب المستثمر الاجنبي وتوطين المستثمر المحلي؟

التشريعات وتجديدها وتغيير العقلية، اذا كنا نرغب في استقطاب المستثمرين الاجانب اما اذا العقلية لم تتغير فهذا صعب.

 

• هل اثر غياب ابوطلال على مسيرة الشركة عموما ومسيرة حياة طلال جاسم البحر خصوصا؟  

اثر تأثيرا كبيرا على الشركة فهو من واضعي خطتها الجديدة، اما على الصعيد الشخصي فأثر 100 في المئة فهو الاب والصديق والمعلم واكثر شخص اكلمه في اليوم.

يقولون اقتصاد حر... أين هذه الحرية؟

• الاقتصاد الكويتي اقتصاد حر والقوانين لا تزال تحكمه وتكبحه وتمنعه من الانطلاق ما قولك في ذلك؟

يقولون انه اقتصاد حر، ولكن هل رأيت شيئا من هذه الحرية على ارض الواقع؟ استطيع طرح سؤال عن وجود سياسة مالية في الدولة هل سمعت من مسؤولين حكوميين ما هي السياسة المالية العامة للبلد؟ فكيف نخلق اقتصادا سليما من غير اسس صحيحة؟ لدينا سياسة نقدية كما يقولون ولكن السياسة المالية غير موجودة هم يقولون إنها موجودة ولكنها في الواقع لا وجود لها.

اما بالنسبة لهيئة سوق المال اذا ظهرت وطبق قانونها بشكله السليم كما في الدول الاخرى فهذا امر جميل سيصب في مصلحة الاقتصاد الكويتي والشركات الكويتية والسوق الكويتي، بحيث تكون مستقلة وتابعة الى رئاسة الوزراء، وما بإمكان الهيئة ان تقوم به خطوة ممتازة جدا، والمجال الوحيد الذي من شأنه جذب مستثمرين خارجيين الى السوق الكويتي. وخصخصة البورصة يفسح المجال امام الهيئة كي تحاسب اما ان تترك الامور كما هي، اي ان يكون الخصم والحكم واحدا فهذا امر غير منطقي.

استمرار مسيرة المرحوم والدي

• ادارتكم للمجموعة بماذا تختلف عن ادارة الوالد المرحوم جاسم البحر؟

هي تكملة لمسيرة المرحوم، وقد تم وضع الخطة في عهده. حتى لو تغيرت بعض الامور نوعا ما مع الازمة، ولكن الادارة نفسها وكذلك الاستراتيجية، ونحن ماضون في إعادة هيكلة شركات المجموعة على اساس التخصص. وكما ترى نحن مستمرون بالاندماجات التي بدأناها قبل وفاة الوالد رحمه الله كما حصل مع كل من الديرة والمشروعات.

لقد قمنا بوضع الخطط والدراسات اللازمة للاندماج ثم قمنا بالاعلان عنه مثل ما حصل مع جيزان والدولية للتمويل وكويت انفست. ما نعمل عليه هو تركيز التخصص في كل شركة من شركاتنا بهدف تقويتها، فإذا نظرت إلى ميزانياتنا ترى ان نسبة ديوننا على اصولنا لا تزيد عن الـ25- 30 في المئة وهي تعتبر من اقل نسب الديون ليس فقط مقارنة بالمجاميع الاخرى، بل في المعايير العالمية. وسنواصل تركيزنا على الاستثمار في الكادر البشري، فهو الاستثمار الرئيسي الذي سيميزنا عن غيرنا من الشركات في المستقبل.

لا تلقوا اللوم

على مجلس الأمة

قال البحر: كل شيء يلقونه على مجلس الأمة، ومجلس الامة ليس له شأن في إدارة البلد "رغم انه اليوم هو من يدير البلد فعليا"، الحكومة إذا كانت اريد استقطاب اسثتمارات "واتوقع انهم لا يريدون"، فلدينا اموال لا نعرف كيف نستثمرها كحكومة، فإذا صار وضوح بالخطة فإن الشركات الاجنبية ستدخل، وخصوصا اذا استطعنا التخلص من البيروقراطية المنتشرة في البلاد.