كلمة حول اخطاء الدعاة
![د. ساجد العبدلي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1461946551445173900/1461946567000/1280x960.jpg)
ويحضرني في ذلك أن الشيخ عايض القرني كان قد ذكر في أحد تسجيلاته المنتشرة، وكل تسجيلاته واسعة الانتشار، أن الدكتور ديل كارنيغي، الذي هو أحد أشهر المعلمين في مجال تطوير الذات والتغلب على القلق والنجاح في الحياة، قد مات منتحراً، ويبدو أن الشيخ القرني قد استند في ذلك إلى طرف معلومة منتشرة على الإنترنت، فانتشر ما ذكره بدوره عند متابعيه ومحبيه، ليستخدمه بعضهم للتشكيك في مصداقية كارنيغي والتقليل من قيمة وجدوى كتبه المنتشرة على نطاق واسع والمترجمة إلى عشرات اللغات، في حين أن حقيقة الأمر هي أن كارنيغي كان قد مات بالسرطان! القصة هنا، ليست كيف مات كارنيغي، فليس هذا هو المهم، إنما كيف يجب أن يتعامل الدعاة مع ما يقولونه على الملأ، حتى لو كان شيئاً هامشياً في نظر البعض، كقصة كارنيغي هذه؟ فالداعية، وكما أسلفت، مصدق دائماً في كل ما يقول ويكتب وينشر، وكلامه لن يقبل النقض عند الآلاف من عموم الناس بعد ذلك، وبالطبع سيكون الأمر أكثر خطورة بعشرات المرات في حال كان ما صدر عن هذا الداعية فتوى، أو رأي شرعي ما، واتضح له الخطأ بعد حين.هذا الأمر، يجب أن يضع كل من يدخل إلى هذا المجال الخطير أمام مسؤولية مضاعفة، فالتصدي للدعوة والإفتاء، وممارستهما بهذه الطريقة الإعلامية الفضائية والإنترنتية العصرية الرهيبة، يجب ألا يكون أمراً هيناً يُتَساهل فيه، ولا يصح أن يعتقد أحد أن هؤلاء الدعاة سيؤجرون سواء أصابوا أم أخطؤوا في كل الأحوال، باعتبار (معنى) الحديث «إن للمجتهد المصيب أجرين وللمخطئ أجر»، وذلك لأن هذا الحديث الشريف قد قرن الأمر بالاجتهاد أي بذل الوسع إلى أقصى حد، ومجرد الاكتفاء بطرف معلومة من هنا أو من هناك والاستناد إليها، ليس اجتهاداً على الإطلاق، ولذلك فعلى من لا يجد نفسه كفؤاً لتحمل هذه التبعة الثقيلة، ولبلوغ هذا المستوى العالي من الاجتهاد أن يكف أمره عن الناس وأن يلزم حدوده.