واهم من يظن أن خطاب الكراهية الذي روج له السيد جويهل لا يمثل سوى حالة فردية من السهولة محاصرتها والقضاء عليها، كما أنه واهم أيضا من يحصر خطاب الكراهية في موضوع «ازدواجية الجنسية» الذي يحاول السيد جويهل ومؤيدوه أن يغلفوا به دعواتهم للكراهية والعنصرية التي برزت على السطح أخيرا.

Ad

فخطاب الكراهية الذي تولى نشره السيد جويهل ما هو إلا تعبير علني فج عن النفس العنصري الموجود لدى بعض الكويتيين، والذي نجد انعكاسا له، وإن بشكل مستتر أحيانا، في بعض المقالات الصحفية.

 أما موضوع «ازدواجية الجنسية" فما هو إلا ذريعة سخيفة للتعبير عن روح الكراهية والعنصرية التي يحملها العنصريون تجاه مكون أساسي وأصيل من مكونات مجتمعنا، لأن موضوع «ازدواجية الجنسية»، إن كان يمثل فعلا مشكلة حقيقية، فإنه لا يقتصر على حمل بعض الكويتيين جنسيات بعض الدول الخليجية المجاورة بل يتعداه إلى حصول عدد آخر من الكويتيين على جنسيات أميركية وأوروبية وإيرانية وغيرها، وهو ما يتطلب معالجة حكومية هادئة وسريعة وشاملة تفعل قوانين الدولة التي تمنع ازدواجية الجنسية.

لذلك فإنه يجب علينا ألا نتجاهل ما حدث على اعتبار أنه تصرف فردي، بل إنه يتعين على من يهمه تماسك وضعنا الداخلي أن يبحث بشكل جدي وسريع عن أسباب انتشار خطاب الكراهية في مجتمعنا وارتفاع نبرته في هذا الوقت بالذات، على أن يتم تحديد الأشكال المختلفة لخطابات الكراهية والنزعات العنصرية من قبل العنصرين كافة، وما يترتب عليها من تداعيات اجتماعية وسياسية والتفكير بشكل عملي مدروس في كيفية القضاء عليها قبل أن تصبح مستعصية على الحل، لأنه من الخطورة بمكان أن يتم التعامل مع هذا الخطاب الكريه على أنه حدث عابر لا يستحق الوقوف أمامه.

وفي هذا السياق فإننا نظن أنه قد آن الأوان لتأسيس مركز لمكافحة العنصرية والكراهية التي بدأت تنتشر في مجتمعنا في الآونة الأخيرة، والتي كان آخرها خطاب الكراهية الذي روج له السيد جويهل، وعبرت عنه بعض المقالات الصحفية لبعض الكتاب العنصريين، وكذلك الفتنة الطائفية التي عبر عنها متطرفو المذهبين، وعكستها بعض المقالات الصحفية أيضا. ناهيك طبعا عما يتم تداوله في الدواوين والمنتديات الخاصة من طروح عنصرية وطائفية بغيضة.

على أن يقوم المركز، كمؤسسة مجتمع مدني، بعملية نشر ثقافة التسامح واحترام الآخر المختلف، إذ بدأت هذه الثقافة تغيب في مجتمعنا لأسباب كثيرة من المفترض أن يبحثها المركز، وينبه إليها مع وضع مقترحات حلول سريعة وناجعة للقضاء على ثقافة الكراهية والتعصب والعنصرية، علاوة على ذلك فإنه من المفترض أن يتولى المركز عملية فضح العنصريين كافة وتعرية أفعالهم وأقوالهم الداعية إلى كراهية الآخر لأسباب عرقية ودينية. بالاضافة إلى ذلك، فإنه من الممكن أن يقوم المركز بإعداد التقارير الدورية والدراسات، وإقامة الندوات وحلقات النقاش التي ترصد حالات التمييز العنصري في مجتمعنا سواء بالقول أو الكتابة أو الفعل، وتعرية أصحابها على أمل أن نصل إلى المرحلة التي يخجل فيها العنصري أو الطائفي من المجاهرة برأيه كما هو حاصل الآن في الدول الديمقراطية المتقدمة ليس خوفا من العقاب القانوني فحسب، بل أيضا لتجنب أن يصبح منبوذا في المجتمع.

 فهل من مبادر لتأسيس مركز مكافحة العنصرية والكراهية؟