المشتبه... مخرج بالمصادفة!
«المشتبه» شريط سينمائي خائب، يُضاف إلى محاولات ساذجة أخرى لتبدو السينما المصريّة على أرضية التنوّع، والابتعاد عن سينما الفكاهات والهزليات التي سيطرت 10 سنوات كاملة.يأتي «المشتبه» ضمن أعمال سينما الحركة، التي تحفل بالتشويق والإيقاع المتدفق، الأخاذ! الطريف أن بطل الفيلم عمرو واكد تبرأ من العمل، وهاجمه ورفض حضور عرضه الخاص، وكان أول الأسباب لديه أن الفيلم يفتقد إلى الإيقاع النابض بالحيوية الذي كان يجب أن يأتي على درجة من السرعة. والبطل أصاب في رأيه، لأن الفيلم جاء فعلاً عملاً فاقداً للإيقاع.
يلوم واكد المخرج على هذا الإخفاق، فمحمد حمدي لم يسبق له أن عمل في الإخراج وهو مهتم بالتصوير السينمائي، ويعترف أنه أخرج الفيلم بالمصادفة، حينما أطلعه عليه مؤلفه حسام موسى.ولأن هذا النوع من الأفلام يتسم بالغموض، نجد في «المشتبه» افتعالاً لهذه الميزة، وسعياً إلى التشويق والترقّب، لكن خاب في هذا مسعى أصحاب الفيلم! يتوفى رجل الأعمال «مجدي» (عمرو واكد) في حادث سيارة غامض، فتبدأ مهمة البحث عن الجثة، لكن لا يتمكن أحد من العثور عليها. وبعد أن تحاول الزوجة (بشرى) إلى جانب شقيق زوجها اكتشاف مكان الجثة يكتشفان أن الزوج قُتل عمداً... فمن القاتل؟هكذا تدور بقية الأحداث، بحثاً عن القاتل، فهل يشكّل اكتشاف الحقيقة مفاجأة في النهاية، على طريقة أعمال الجريمة التقليدية؟ بالربط بين الأحداث والشخصيات، يصبح الجميع فجأة في موضع «اشتباه». فلا تشعر بسيطرة الإخراج في الفيلم ولا بإدارة للمثل، وحتى العناصر الموهوبة تبدو ضائعة. إنه عمل يحتار معه الناقد، إذ يتعذر عليه الحصول على مادة حقيقية للتقييم والتناول النقدي. والحق أن مستوى النقد السينمائي وقيمة ملاحظاته ترتبط بمستوى الأفلام ومدى نضجها الفني والجمالي والفكري.فتردي مستوى الأفلام جزء من مشكلة السينما بقدر ما هو جزء من مشكلة النقد، وقد واجه النقد السينمائي هذا العام عدداً من «الكوارث» السينمائية مثل أفلام «علقة موت» و{دكتور سيليكون» و{أزمة شرف» و{بدل فاقد»، وغيرها، فضلاً عن المستوى المتواضع الذي جاءت عليه أفلام كنا نأمل فيها خيراً.ويمكن اتخاذ سينما 2009، حتى الآن، كنموذج للمستوى المتراجع، الذي سارت عليه السينما المصرية، ليس مقارنة بمستويات السينما في بلاد محدودة التقدم مثلنا، وإنما حتى مقارنة بما كانت عليه السينما في بلادنا في سنوات أو عقود خلت!تصل السينما المصرية في كثير من إنتاجها الآن إلى حد الإفلاس، فأفلام الحركة أو الجريمة مثل «المشتبه» بلغت حد الإفلاس والفقر الشامل في الفكرة والخيال وفي التجسيد والتنفيذ. كذلك يندر أن نجد فيلماً ناضجاً يستحق البقاء سواء على صعيد الفيلم الدرامي المتعمق أو الفيلم النفسي أو الكوميدي أو التاريخي أو السياسي أو الغنائي الموسيقي...تردي حال السينما جزء لا يتجزأ من ترديات أعم وأشمل وأخطر!