دار الحديث بيننا إلى أن داخ وسقط "مغشىً عليه" لشدة الإرهاق والإعياء. كنا نتناقش في الديوانية عن مقترحات دولة الرئيس جاسم الخرافي التي تحدثت عنها في مقالتي السابقة. قال صديق مؤزّم: ليس له إلا مقترح واحد قدّمه في عام 1975، وأقسم مؤزم آخر أن دولة الرئيس حفظه الله لم يتقدم بأي مقترح طوال تاريخه البرلماني الناصع، وقال ثالث أكثر تأزيماً: أقطع ذراعي من هنا، وأشار إلى كليته اليمنى، إذا قرأتم له مقترحاً عن تطوير التعليم أو الصحة أو الإسكان أو البنية التحتية أو حتى عن فوائد التفاح الأحمر.

Ad

قاتل الله المؤزمين ما أكذبهم، كيف يفترون على دولة الرئيس وهم يسمعونه ويشاهدونه ويقرأونه كل يوم وكل ليلة وكل عصرية يتحدث عن مشاكل المواطن وهمومه حتى كاد أن يورّثه، ويتحدث عن الوطن حتى كاد أن يقبّله؟ اتقوا الله وأنتم تتحدثون عن الحكيم، الإطفائي، رجل الدولة، كح كح (عفواً، أتعبني التدخين). اتقوا الله وابحثوا في مضابط البرلمان عن مقترحاته وستجدون ما يشيب له شعر الليل الدامس. ابحثوا واستعينوا بأقاربكم لمساعدتكم واستعينوا بالصبر والصلاة. ابحثوا تحت السجادة، خلف خزانة الملابس، ارفعوا "الغنفات". لا تيأسوا. انكثوا الأوراق يرحم الله آباءكم الأولين، أو فاختصروا الطريق واسألوا دولته مباشرة: "غفر الله لك، هل سبق أن تقدمت باقتراح أو شاركت في صياغة قانون أو ساهمت بأي شيء في أي شيء بخلاف مشاركتك في الحكومة بعد تعليق الدستور؟".

أشهد أنه رجل دولة كما أن سلوى الجسار امرأة دولة، وستُفلح الدولة بمثل هؤلاء بإذن الله، وستنبت الأزهار على نوافذنا، كح كح (الله يلعن أبو الزقاير على أبو من اخترعها).

وإلى أن يرد الحكيم على سؤالكم بردٍّ يُفحمكم ويلجمكم كما يُلجم الضعفاء الأثرياء بأموالهم وسائلَ الإعلام، تعالوا نرمم هذه الحقائب المهترئة التي استخدمها معالي الوزير العظيم الشيخ أحمد العبدالله. معاليه أرثع في الحقائب الوزارية، وأرثع في الحلّة والترحلّة. تقول غضب سماوي حاق بالحقائب. نسأل الله العافية. ما إن تلامس يده حقيبة حتى يسقط حزامها ويسلس سحّابها.

كل وزارة تسلّمها معاليه قرأنا عليها: "ارجعي إلى ربك راضية مرضية"، ولم يبقَ لنا إلا ملابسها نشمشمها ونبللها بدموعنا ونضمها على صدورنا الناحبة. كم وزارةً تسلم معاليه حقيبتها طوال رحلته السعيدة؟ ثماني وزارات؟ تسعاً؟ أربع عشرة؟ أكثر؟ أقل؟ لا أدري، ضاعت الحسبة. الأكيد أنه الشخصية الأكفأ في هذا البلد. والأكيد أيضاً أنه لو تسلم "وزارة المحيطات والبحار" لهربت الحيتان إلى الجبال ولدَهنت البحار وجوهها بكريمات ترطيب البشرة.

معاليه يتحجج بضعف القوانين وهزال اللوائح ويطالب بتغييرهما، وهو لم ينفّذها أصلاً، تماماً كما تطالب حكوماتنا دائماً بتغيير الدستور وهي لم تطبق مواده أساساً. وطبعاً معاليه، كما تعرفون كلكم، ملمّ بمواد قانون المرئي والمسموع كإلمام دولة الرئيس بمواد الدستور. اللهم احفظهما من الملمات واعف كل عاجز من المهمات.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة