يختلف خبراء النفط في الكويت بين مؤيد ومعارض لزيادة إنتاج النفط الكويتي، إذ يرى المؤيدون أن هذه الزيادة تهدف إلى الاستعداد لأي طلب طارئ في سوق النفط، كما أن هذا الأمر يساعد الكويت على التفاوض لزيادة حصتها في «أوبك»، بينما يرى الطرف المعارض أن الفائض المالي من إنتاج نفط الكويت الحالي لا نستطيع استثماره بشكل صحيح، والمستفيد الأكبر من هذا الأمر هو الشركات النفطية الأجنبية.

Ad

أعلنت المملكة العربية السعودية قبل ايام وقف التنقيب عن البترول، لحفظه من أجل الأجيال القادمة، معللين ذلك بأن هناك مخزونا كبيرا في ارض المملكة، وان هذا المخزون يجب ان يترك لأبنائنا والأجيال القادمة. يذكر ان المملكة أكبر بلد مصدِّر للخام في العالم. ويبلغ المستوى المستهدف لإنتاج السعودية 8.05 ملايين برميل يوميا  أي ما يقل قليلا عن عشرة في المئة من الانتاج العالمي.

اما في ما يتعلق بالكويت فالمخزون النفطي ضخم سواء في حقل برقان أو حقول الشمال أو حقول الغرب، وعلى ضوء ذلك تهدف شركة نفط الكويت ضمن خطتها الاستراتيجية إلى التركيز على تطوير حقول شمال الكويت وغرب الكويت ذات التحديات الصعبة، وكذلك التركيز على تطوير إنتاج حقل برقان الكبير والمحافظة عليه.

كما ان الكويت ماضية نحو تطوير حقول الشمال لرفع طاقتها الإنتاجية إلى مليون برميل يوميا، وذلك عن طريق زيادة الطاقة الإنتاجية لشمال الكويت من 450.000 برميل يوميا إلى 730.000 برميل يوميا (في أبريل 2010)، ومن المتوقع أن تزيد في نهاية عام 2010 إلى 850.000 بالاضافة الى تطوير أحد حقول النفط الثقيل لانتاج 270 ألف برميل يوميا، وتطوير حقول الغاز لإنتاج النفط المصاحب بمعدل 350 ألف برميل.

أما بالنسبة إلى غرب الكويت فقد استطاعت أن تزيد طاقتها الإنتاجية من 200.000 برميل يوميا إلى 500.000 برميل يوميا (في عام 2005)، ولا تزال محافظة على هذا المستوى.

وبذلك يصل معدل الطاقة الانتاجية لحقول شمال وغرب الكويت إلى ما يقارب 2 مليون برميل يوميا، مما يتطلب أن تكون نسبة الإنتاج من حقل برقان الكبير 50 في المئة للوصول إلى الهدف الاستراتيجي لإنتاج 4 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2030.

 بالاضافة الى ان  مديرية (جنوب وشرق الكويت) قامت برفع طاقتها الإنتاجية إلى 1.7 مليون برميل يوميا في نهاية 2008 مما أمكنها تولي الريادة في توفير طاقه فائضة مرنة لتلبية احتياجات الطلب العالمي وسد النقص من الحقول الأخرى في أي حالة طارئة، وتمكنت بنجاح من توفير طاقة مقدارها  600.000 برميل يوميا من حقل برقان الكبير.

ويعد هذا التوفير بمنزلة الطاقة الإنتاجية المختزنة التي تعتبر ضمن استراتيجية تهدف إلى الاستعداد لأي طلب طارئ في سوق النفط، كما ان هذا الامر يساعد الكويت على التفاوض لزيادة حصتها في "أوبك"، علماً بأن حصة دولة الكويت الإنتاجية من منظمة الأوبك تعادل 2.2 مليون برميل يوميا، وتستطيع الكويت زيادة هذه الحصة إلى حوالي 3 ملايين برميل يومياً من جميع الحقول النفطية.

 

زيادة القدرة الإنتاجية مهمة

اما في ما يتعلق بالكويت وتحديدا في موضوع زيادة الانتاج هناك 3 فرق تختلف في ما بينها، حيث يرى الفريق الاول ان زيادة القدرة الانتاجية في الكويت امر رئيسي ومهم وليس مرتبطا بمستوى معين، إذ ان الكويت في عام 1995 فكرت في زيادة الانتاج الى 3 ملايين برميل يوميا، وفي عام 2000 وضعت خطة لزيادة الانتاج الى 4 ملايين برميل، وهذا لا يمنع من مراجعة استراتيجية المؤسسة وما هي الطاقة التي يمكن الوصول اليها فهذا الامر  يجب مراجعته باستمرار بحسب الاستراتيجية الموضوعة.

وأكد هذا الفريق اهمية هذا الامر بأنه من خلال زيادة الانتاج تحقق الدول من خلالها موارد مالية اضافة الى تحقيق اهداف اقتصادية وسياسية اخرى، بشرط  ان زيادة الانتاج يجب ان تكون دون الاضرار بالمكامن النفطية.

وتطرق الفريق الى تطوير حقول الشمال للوصول الى 900 الف برميل بحيث يمكن ان نصل اليها ويمكن الا نصل، وقد تتعرض المكامن الى اضرار، كما يجب الاستعانة  بالشركات العالمية لتطوير الحقول إذ انه يجب ان تراجع الكويت باستمرار زيادة انتاجها والا تقف عند 4 ملايين برميل، وعليها معرفة الطاقة التي يجب ان تستهدفها الكويت لأن من الضروري الاستفادة من الثروات الطبيعية الموجودة.

ويوضح فريق زيادة الانتاج ان الامور التي كان ينظر اليها عند رسم السياسة لمؤسسة البترول هو الوضع السياسي والمالي والفني، مستذكرين ان في السابق كانت تتم المطالبة برفع الطاقة الانتاجية حتى لو كانت ظروف السوق النفطي صعبة وانهارت الاسعار فيكون للكويت الطاقة الانتاجية التي تمكنها من التعويض وزيادة ايرادات الدولة، كما ان رفع الطاقة الانتاجية سيساهم ايضا في حال زيادة اسعار النفط كما كان عام 2004 و2005.

واشار الى ان الزيادة على الطلب العالمي للنفط تصل الى مليون برميل في اليوم، وكانت المؤشرات تقول ان العالم في عام 2005 يحتاج الى 15 مليون برميل اضافي عما كان عليه في 1995 وان الكميات الاضافية سيكون مصدرها دول الخليج لانها من تملك المكامن النفطية الضخمة.

وعندما وضعت الاستراتيجية لزيادة الانتاج كانت بغرض مواكبة الطلب العالمي على النفط مستقبلا، إذ إن زيادة الطاقة ليست لمواكبة السوق اليومي، وهو مستحيل لان المشاريع النفطية تحتاج الى ما يقارب الاربع سنوات للانتهاء منها، كما انه يجب زيادة الايرادات لزيادة الطاقة الانتاجية للكويت، كما ان زيادة الانتاج تعطي وزنا سياسيا للكويت، لاننا نعيش في عالم متقلب سياسيا فيجب ان يكون للكويت مركز مستقل في الساحة العالمية من خلال استغلال الثروة الطبيعية لها وهو متمثل في زيادة الانتاج، مشيرا إلى انه لو كانت الكويت حققت استراتيجيتها بأن تصل الى 3 ملايين برميل يوميا عام 2005 لكانت استفادت بشكل كبير من زيادة الاسعار التي وصلت الى 140 دولارا.

وهناك تساؤل: هل ستتضرر المكامن النفطية في الكويت اذا لم تستعن نفط الكويت بشركات متخصصة ذات خبرة في المكامن الصعبة؟

حيث ان هذا الامر سينكشف مع مرور الوقت، كما ان السرعة في تطوير الحقول من قبل نفط الكويت قد تنجح او لا تنجح، ولكن هل الكويت مستعدة لأن تكون حقولها حقلا للتجارب، مشيرين الى ان هذه الامور يجب الا يكون فيها تحد او مكابرة، كما ان متخذي القرار واعضاء مجلس الامة متخوفون من الاستعانة بالشركات العالمية لجهل البعض منهم بحيثيات الموضوع.

ويشير فريق زيادة الانتاج الى ان هناك تقصيرا من مجلس الامة لفهم مثل هذه المشاريع المهمة لمستقبل الكويت، لأنهم مترددون وغير مستوعبين للفكرة، حيث ان اسهل قرار هو عدم اتخاذ القرار، ويخاف ان يأخذ المسؤولية ويتركها لمن سيأتي بعده، والكويت تضيع بسبب هذا الجهل من بعض متخذ القرار.

وما هي  فائدة ترك النفط تحت الأرض، وبالمقابل يجب أن يعدل أسلوب التعامل مع الموارد المالية، بحيث توظف هذه الاموال في قنوات استثمارية جيدة.

لماذا نحول النفط إلى عملة؟

من جانبه، يرى الفريق المعارض لزيادة الإنتاج أن الكويت في وضعها التنظيمي والفوضى القرارية لا نعرف لماذا ترغب في تحويل السلعة المهمة التي اندلعت حروب في العالم بسببها لتكون تحت رحمة البنوك العالمية، حيث ان النفط الكويتي اصبح يطبق عليه مقولة "السر: هو اسيرك متى خرج من قلبك كنت اسيره"، إذ ان النفط اذا تحول الى عملة اصبحنا اسيره سواء ارتفع سعره او قل، وهناك  تجربة في مؤسسة البترول الكويتية التي ضمت الى احضانها 10 مليارات دينار كويتي، ولم تستثمر اي شيء بسبب التعقيد والبيروقراطية، حيث تم التركيز على العملية الادارية اكثر من الانجاز.

وشدد الفريق المعارض لزيادة الانتاج على ان تكون هناك خطة واضحة ومطمئنة ضمن الاطر المتفق عليها عالميا والا لماذا تستخرج هذه السلعة وتحول الى عملة وتوضع بشكل ودائع بينما العالم يتصارع عليها، مشيرين الى ان بعض الدول عندما تزيد انتاجها فهي بحاجة اليه، ولديها خطة لتطوير الحالة المعيشية لشعبها، بينما نحن في الكويت لايزال البعض يشكك في الخطة التنموية!

وحذر الفريق من زيادة الانتاج لغرض زيادة الانتاج فقط، حيث إن الفائض المالي من انتاج نفط الكويت الحالي لا نستطيع استثماره بشكل صحيح، والدليل على عدم معرفة استثمار الاموال واضح امام الكل، خاصة بتلاعب مجلس الامة فيه تارة يطالبون بسداد القروض وتارة بتسديد فواتير الكهرباء! مشيرين إلى ان المستفيد الاكبر من هذا الامر هو الشركات النفطية الاجنبية، حيث تستثمر النفط بشكل صحيح ويأتي بأضعاف اضعافه من الاموال التي تضعها الكويت بشكل ودائع هذا إن لم تستثمر في اماكن غير مجدية.

وعلل الفريق اسباب رغبة الكويت في زيادة انتاجها في السابق، بوجود الحاجة الى الاموال للاستثمار في شركات خارجية، إذ كانت هناك نظرة فعلية لإنعاش الكويت اقتصاديا، بالاضافة الى وجود زيادة في تعداد السكان، موضحا أنه اذا كانت هناك خطط قابلة للتخطيط ويمكن ان تنفذ ومطلوب زيادة الانتاج الى 4 ملايين ب/ي، وهذا امر جائز، لكن اذا كانت الزيادة للإنتاج من دون وجود خطط واضحة فهذا الامر يعد عبثا بالثروة الطبيعية.

 

الفريق المتسائل

اما الفريق الثالث فيطلق علية الفريق المتسائل حيث لا يعرف سبب زيادة الانتاج ويضع الكثير من علامات الاستفهام حوله ويتساءل ما السبب الرئيسي عندما وضعت الخطة في عام 1995 لزيادة الانتاج الى 3 ملايين ب/ي، حيث كان انتاج الكويت في تلك الفترة 2.2 مليون ب/ي، وسعر النفط 17 دولارا، واليوم الانتاج المصرح 2.2 وسعر النفط اكثر من 75 دولارا؟ متسائلا ايضا: هل زيادة الانتاج بقصد زيادة الاموال ام توفير طاقات فائضة؟ فاذا كان للغرض الثاني فالكويت لديها اليوم 600 الف برميل طاقات فائضة، لان انتاجها الحالي 2.8 مليون برميل يوميا، مشيرا الى ان الانتاج لم يزد ولكن في المقابل زادت الاموال بسبب ارتفاع اسعار النفط.

ويقول الفريق إن جزءا من استراتيجية القطاع النفطي هو تطوير الحقول الصعبة للنفوط الثقيلة، وتقليل اعتماد الكويت على حقل برقان، ومع ذلك اذا كان فعليا وصلنا إلى انتاج 2.8 ب/ي فهذا يعني، كما صرح رئيس مجلس ادارة نفط الكويت سامي الرشيد، ان اعتمادنا على حقل "برقان" 56 في المئة، مما يعني اننا لم نعمل اي شيء لتقليل اعتمادنا على هذا الحقل، والتحول الى الانتاج من الحقول الصعبة سواء في الشمال او في المناطق المشتركة مع السعودية.

واشار الى انه قبل التحدث عن زيادة انتاج النفط الى 3 ملايين ب/ي يجب اعادة الرؤية والدراسات، حيث إن هذه الدراسات وضعت قبل اكتشاف الغاز الطبيعي، وقد يكون هذا الامر له اولوية على النفط الخام، كما انه عندما وضعت الدراسة عام 1995 لم يكن العراق يطمح إلى زيادة انتاجه.