يجب ألا تغفل الدولة الحق المدني لأهل الضحايا من الخادمات حتى لو كانت قضايا قتلهم تغلق عن طريق التعويض المادي باستغلال حاجتهم وفقرهم، ويجب سن تشريعات تلزم العقاب والسجن لمدة معينة لمرتكبي هذه الجرائم حتى لو تم تعويض أهل الضحايا، وذلك لإجبار المجتمع على تغيير نظرته الدونية تجاه هذه الفئة.
من حق كل دولة الدفاع عن مواطنيها ومحاولة إرجاع المذنبين منهم في الخارج إلى ديارها، لكن من حق بقية الدول أيضا الإصرار على الأحكام التي تصدرها سلطاتها القضائية، خصوصاً المتعلقة بقضايا قتل، ولذلك من حقنا- كدولة- الإصرار على حكم الإعدام بحق الخادمة الفلبينية التي قتلت بدم بارد وبصورة بشعة المواطنة المرحومة دلال النقي مع أنها (أي الخادمة) كانت تُعامل معاملة حسنة في منزل عائلة الفقيدة.وأعتقد أن ما شجع الفلبين على محاولة الحصول على قرار العفو هو تقاعسنا في معالجة جرائم القتل التي ارتكبها مواطنون بحق بعض الخادمات، ومنهم طبعاً من الجنسية الفلبينية، ولهذا أتت هذه المحاولة كنوع من المقايضة أو (لي الذراع) وجعل أهل الضحية يدفعون ثمن قصور الدولة في حسم تلك القضايا.لكن يجب أن تعامل كل قضية على حدة، ومن حق أهل المرحومة دلال النقي الإصرار على حكم الإعدام ورفض أموال الدنيا التي تعرض عليهم من قبل بعض السماسرة، والتي لن تعوضهم حياة فقيدتهم بأي حال من الأحوال «وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ». وفي الوقت نفسه يجب أن تكون هذه مناسبة للجدية في حسم جرائم القتل التي ارتكبها مواطنون بحق الخادمات، فمثلما نرفض التنازل عن جرائم ارتكبت بحق مواطنينا، يجب على سلطاتنا المعنية تعقب الذين أزهقوا أرواح رعايا دول أخرى، فكم جريمة قتل بحق خادمة مرت علينا طيلة السنوات الماضية، ومع ذلك لم تصدر أحكام بحق مرتكبيها؟ مما قد يفسر بأن هناك محاولات لـ(طمطمة) هذه القضايا كون الضحايا من المستضعفين أو ينظر إليهم كبشر من الدرجة الثانية.وحتى لو كانت هذه القضايا تغلق عن طريق تعويض أهل الضحايا مادياً مستغلين حاجتهم وفقرهم، فيجب ألا تغفل الدولة الحق المدني، ويجب سن تشريعات تلزم العقاب والسجن لمدة معينة لمرتكبي هذه الجرائم حتى لو تم تعويض أهل الضحايا، وذلك لإجبار المجتمع على تغيير نظرته الدونية تجاه هذه الفئة التي كثيرا ما تعامل بطرق لا إنسانية. ويجب أيضا فتح ملف العمالة المنزلية وسن تشريعات جديدة تغير من الوضع الحالي الذي ينطبق عليه مصطلح «تجارة البشر» بامتياز.
مقالات
لا للعفو... ونعم لمحاسبة المجرمين كلهم
04-02-2010