كما توقعنا عاد مؤيدو طرح الثقة بوزير الإعلام بخفّي حنين بعدما لم يحظ طلبهم بالأغلبية، لكن يبدو أن البعض لم يتقبل النتيجة بعد، ومازال يصر على المزايدات والتخوين والفرز السطحي، في محاولة يائسة للتغطية على الفشل السادس على التوالي.

Ad

أكثر ما يثير الضحك والشفقة هو دأب بعض النواب من مؤيدي طرح الثقة ومن يتبعهم من كتّاب على فرز النواب إلى أبيض وأسود حسب موقفهم من طرح الثقة هذه المرة، فنجدهم يستخدمون كلمات مثل «الهامات المرفوعة» و«الأحرار» وما إلى ذلك من الكلام «الفاضي» الذي يعبر عن سذاجة في التحليل والفرز. فهؤلاء يعتقدون أن كل من طرح الثقة إنما قام بذلك عن قناعة ورأي حر، وفي المقابل كل من لم يطرح الثقة هو خاضع و«بصام»، مع أن الواقع يقول إن هذه الصفات تنطبق على نواب في الطرفين.

فهناك من طرح الثقة لمقايضة سياسية متعلقة بأمور أخرى لا من أجل التباكي على الوحدة الوطنية كما حاولوا إيهامنا؛ لأنهم لم يظهروا كل هذا الحماس في قضايا مشابهة، بل أشد بكثير من قضية الجويهل، وهناك من طرح الثقة بعدما فشل في المساومة على أمور مع الحكومة، مع ملاحظة أن كل المساومات ليست من أجل الفساد، فهناك من يساوم على إصلاح بعض الأمور ويربط موقفه بإجراء هذه الإصلاحات.

وفي المقابل، هناك من وقف ضد طرح الثقة لقناعته بأن المحاور لم تكن مقنعة وأن «وراء الأكمة ما وراءها»، خصوصا أن مقدم الاستجواب وبعض من يقف خلفه لهم سوابق في تمزيق النسيج الوطني والطعن في وحدته، فهناك عدد جيد من النواب من غير المنتفعين ولديهم ملاحظات كثيرة على الأداء الحكومي لكنهم ضد المزايدات والاستعراض، ويريدون التركيز على خدمة المواطن بدلا من إضاعة الوقت على الاستجوابات الشخصانية، ثم إذا كان هناك من استفاد مقابل التصويت مع الوزير، ألا يعد نواب التأزيم مساهمين في هذا الفساد لأنهم يفتحون هذا الباب مرارا وتكرارا عبر تقديم المزيد من الاستجوابات العبثية المعروفة النتائج مسبقا؟

من ناحية أخرى، هناك بعض طارحي الثقة بالوزير العبدالله ممن كانوا ضد طرح الثقة بالوزير الخالد والعكس صحيح، وإذا كان كل من يدعم طرح الثقة هامته مرفوعة وحر، وكل من يقف ضد ذلك خاضع و«بصام» كما يدعي البعض فكيف يفسرون لنا انتقال هؤلاء النواب من صنف البصامين إلى الهامات المرفوعة والعكس بهذه السرعة؟!

فهناك من طرح الثقة بوزير الإعلام وله تاريخ في الخضوع للحكومة مقابل الاستفادة من خدماتها، لكنه وجد نفسه مجبرا على طرح الثقة لحسابات انتخابية بحته ونتيجة لخضوعه للإرهاب الفكري لمناوئي الوزير، وإذا كانت الحكومة تمارس الترغيب والترهيب لحصد المؤيدين لوزيرها، فإن مسلم البراك أيضا يمارس الترهيب والترغيب لنواب الدائرتين الرابعة والخامسة عبر إرسال المجاميع الانتخابية لتهديدهم بعدم إعادة انتخابهم مرة أخرى، وكلنا يذكر ما قاله النائب شعيب المويزري في كلمته ضد طرح الثقة بالوزير الخالد وإشارته إلى المجاميع التي أرسلها مسلم البراك للضغط عليه. حينها قيل عن المويزري إنه «بصام»، أما اليوم فهو من ذوي «الهامات المرفوعة» فقط لأنه مع طرح الثقة بوزير الإعلام، لكن سيقال عنه مرة أخرى بأنه «بصام» إذا كان ضد طرح الثقة بأي وزير قادم «عجيب فعلا».

لقد بات البعض عندنا يصلح أن يطلق عليهم لقب «البوشيون الجدد» لأن منطقهم كمنطق بوش في نظرته للأمور، فإذا كنت معه فأنت داعم للديمقراطية وضد الإرهاب، أما إذا كنت ضده فأنت مع الإرهابيين، إنه منطق أعوج وإرهاب فكري يمارسه البعض لأن منطق هتلر يسيطر عليهم، كما قال النائب عبدالرحمن العنجري، وقد آن الأوان أن يتصدى الجميع لهذه الظاهرة.

***

كم كان رائعا بيان النائبة د. أسيل العوضي بشأن طرح الثقة، لكن يبدو أن أحد رؤساء التحرير لم يتقبل موقفها ولا نتيجة التصويت بعد، فلجأ إلى محاولة الانتقام عبر السير ضمن نهج «البوشيون الجدد».

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة