ما كدنا نفيق من صدمة وحش حولي "صاحب الوجه البريء" حتى ظهر لنا خليفته وحش خيطان "المتدين وهادئ الطباع والمحافظ على الصلاة في وقتها"، كما يصفه أبناء قريته الذين عبروا عن دهشتهم من اتهامه باغتصاب الأطفال وقتلهم، وبأنه لابد أن هناك خطأً ما في الأمر مع أنه اعترف بـ"عظمة لسانه" ودل رجال الشرطة على ملابس ضحيته الباكستانية وتعرف عليه بقية الضحايا من الأطفال، وبعد حولي وخيطان، يا عالم ماذا تخبئ لنا الأيام من وحوش أخرى، وهل سيظهر لنا وحش في كل منطقة وكل حارة وشارع؟!

Ad

المنطق والعقل يقولان نعم... مادامت هذه النوعيات التعيسة من العمالة السائبة تدخل كل يوم إلى هذه الأرض تسرح وتمرح وتعيث في الأرض فساداً من أجل حفنة من النقود يقبضها الكفيل وليذهب كل شيء آخر إلى الجحيم!

وكيل وزارة الشؤون بشرنا أخيراً بأن العمالة الأجنبية قد بلغت 70% مقابل 30% من المواطنين، ولا تسأل عن النوعية فهي لا تسر الخاطر أبداً، فكثير منها يأتي من بيئات معدمة، قليلة التعليم سيئة الخلق شرسة الطباع، قضى بعضهم جزءاً من عمره في السجون وتلقى منها خبراته في الحياة!

ليأتي بعد ذلك إلى هنا بـ"فيزا" مدفوعة الثمن، ويقدم لأبنائنا ولنا خبرات جديدة في ارتكاب الجرائم التي لم نعتدها في هذا المجتمع الصغير، ومن يتابع صفحات الحوادث في السنوات الأخيرة يلحظ بوضوح تزايد جرائم القتل والخطف والاغتصاب والاعتداء من قبل الشباب والمراهقين، مما يعطي انطباعاً واضحاً بأن القادم أسوأ و"منيل بستين نيلة" إن لم نتحرك جميعاً حكومة وشعباً لمعالجة هذا الخلل، وسيأتي يوم لن يأمن أحدنا أن يغيب طفلاً من أطفاله لحظة عن عينيه، مخافة أن يظهر له وحش "هادئ الطباع ومتدين" من تحت الأرض... ليجده بعد ذلك في أقرب محرقة ولا حول ولا قوة إلا بالله!

***

صارت عادة عند الإخوة النواب، إن أراد أحدهم أن يقوم بعمله المفترض أن يؤديه بهدوء وصمت، لجأ إلى الصحافة بحثاً عن تغطية للعمل العظيم الذي يقوم به وكله من أجل أن يقول:"يا ناخبين شوفوني وأنا أشتغل وأنجز"... وما حكاية غرفة التجارة والضجة التي صاحبت عدم دستورية قانونها إلا مثال على ذلك، فكل المطلوب من النواب الأكارم المعترضين على قانون الغرفة تقديم مقترح بالقانون الجديد، ومن ثم عرضه على المجلس لمناقشته وإقراره دون هذه "الهيصة" الإعلامية المفتعلة والمتشنجة بلا داع ولا مبرر معقول!

***

أعجبتني مطالبة الدكتور الشيخ عجيل النشمي بمنع مفسري الأحلام من الظهور عبر وسائل الإعلام، وهي إن جاءت متأخرة بعض الشيء، فإنها ضرورية في ظل هذا الطوفان التفسيري للأحلام في كل قناة فضائية تقريباً، غير أنني حين قرأت بقية كلام الشيخ وقفت متسائلاً عما يقصده حين قال إنهم "مسرفين على أنفسهم في اقتحامهم هذا الميدان من دون توافر الشروط والآلات التي تمكنهم من التفسير الصائب والتأويل الصحيح، وأكد أن أكثر إجابات الذين يظهرون عبر وسائل الإعلام المختلفة غير صحيحة"!

هل هناك إجابات صحيحة وغير صحيحة يا شيخ؟! هل هناك علم يسمى علم تفسير الأحلام؟ وعلى أي شيء قائم هذا العلم؟ وفي أي جامعة محترمة يدرس؟!

الواقع الذي نعرفه جميعا أن "كلو في الهجايس"، كما قال الراحل أحمد زكي حين لعب دور دجال  يفسر الأحلام ويعمل التمائم في فيلم "البيضة والحجر"، وأن العملية كلها استغلال لجهل الناس وخوفهم من المجهول، خصوصاً حين يتخذ مفسر الأحلام المظهر الخارجي لشيوخ الدين، ويصحب تفسيراته بعض الأحاديث النبوية والآيات القرآنية ليضفي بعض القدسية والمصداقية على ما يقول، وكأنه نبي مرسل يفسر رؤى الناس بقدرة إلهية!