تنص المادة 27 مكرر على أن "تلتزم المؤسسة العامة للرعاية السكنية خلال 3 سنوات من تاريخ العمل بهذه المادة بالعمل على توفير أراض تكفي لإقامة عدد من المدن السكنية لا يقل عن عشر مدن...".

Ad

بعد أن أقر مجلس الأمة قانون الرعاية السكنية في مداولته الأولى، الذي ينص في احدى مواده على الزام الدولة بانشاء 200 ألف وحدة سكنية خلال 3 سنوات، فرض السؤال نفسه: هل ستكون الحكومة قادرة على تنفيذ ذلك على أرض الواقع؟

على المستوى الحكومي، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير المواصلات وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة محمد البصيري عقب الجلسة التي اقر فيها القانون في المداولة الأولى، أن الحكومة ستتقدم بتعديل على تلك المادة، التي يصعب تنفيذها على أرض الواقع، بينما من الجانب النيابي يرى عدد من النواب أنه اذا كانت هناك نية حكومية جادة للتنفيذ فتستطيع ذلك، وليس هناك داع لتغيير المادة.

27 مكرر

وتنص المادة 27 مكرر من القانون المشار اليه على أن "تلتزم المؤسسة العامة للرعاية السكنية خلال 3 سنوات من تاريخ العمل بهذه المادة بالعمل على توفير أراض تكفي لإقامة عدد من المدن السكنية لا يقل عن عشر مدن، ولا يقل عدد القسائم السكنية في كل منها عن عشرين ألف قسيمة، دون أن يحسب من ضمنها ما سبق تخصيصه للمؤسسة من أراض، ودون أن يخل ذلك بما تتولى المؤسسة تنفيذه من مشروعات سكنية بشكل مباشر. وتلتزم المؤسسة بطرح مزايدة المدن الاسكانية المشار اليها في الفقرة السابقة فور الانتهاء من انجاز جميع الدراسات الخاصة بكل منها على المجموعات المؤهلة والشركات الإسكانية المؤسسة وفق هذا القانون للمشاركة فيها، وبما يكفل المنافسة الحرة في اجراءات الطرح وتلتزم هيئة الاستثمار بالإشراف على تأسيس الشركات الإسكانية الكويتية المساهمة من خلال المجموعة الفائزة في العرض ووفق نصوص هذا القانون، وتصدر المؤسسة لائحة تنفيذية تحدد نظام الخدمة المقدمة للمواطنين والسياسات الحاكمة لها وتكون جزءاً من وثائق المزايدة".

فيما تنص المادة 27 مكرر "أ" على أن "تخصص أسهم كل من الشركات على النحو التالي: أربعون في المئة تطرحها المؤسسة في مزايدة علنية بين الشركات المساهمة المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية والشركات الأخرى التي يوافق مجلس الوزراء مشاركتها في المزايدة بشرط ألا يقل رأسمال أي منها عن الحد الأدنى لرأسمال الشركة المسموح بها تسجيلها في سوق الكويت للأوراق المالية، وعشرة في المئة للحكومة والجهات التابعة لها، و50 في المئة تخصص للاكتتاب العام للمواطنين، وتحول الزيادة الناتجة عن بيع الأسهم الى الاحتياطي العام للدولة، وتكون مدة التعاقد لكل شركة 45 عاما من تاريخ ابرام العقد".

وكانت الاراء النيابية متباينة في هذا الجانب، وان اتجهت الى أنه اذا كان لدى الحكومة رغبة حقيقية في التنفيذ فانها تستطيع انشاء الـ 200 ألف وحدة سكنية التي نص عليها القانون خلال المدة المحددة، بينما أكد آخرون عدم قدرة الحكومة على تنفيذها.

مدينة الخيران

واستغرب النائب عبدالرحمن العنجري الزام الحكومة انشاء 200 ألف وحدة سكنية على نفقتها، مشيرا الى أن ذلك لن يتحقق، ضاربا مثالا بمدينة الخيران التي تبلغ تكلفتها ما يقارب اربعة مليارات دينار، والمدن الأخرى الخاصة بالرعاية السكنية، تصل قيمتها الى 30 مليار دينار، متسائلاً "من أين تستطيع الحكومة تمويل تلك المشاريع عالية الكلفة؟".

وارجع العنجري المشكلة الاسكانية في الكويت الى الاحتكار البشري للأراضي، مشيرا الى أنهم سبق أن أوضحوا لنائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير الدولة لشؤون التنمية وزير الاسكان الشيخ أحمد الفهد خلال احد اجتماعات لجنة الشؤون المالية والاقتصادية البرلمانية أن سبب المشكلة الاسكانية احتكار الاراضي.

وأكد أن الحل العادل لبناء الوحدات السكنية يكون من خلال اقراض المواطنين عن طريق بنك التسليف بمبلغ يصل إلى 70 ألف دينار، على أن يقوم بتسديده خلال 30 عاماً، متسائلاً "هل تستطيع الدولة انفاق 30 مليارا على المشاريع الاسكانية؟ مجيبا انه بالتأكيد لن تستطيع الحكومة ذلك، ولن تكون قادرة على تنفيذ 200 ألف وحدة سكنية خلال 3 سنوات، مشيرا الى ان "تلك المشاريع من اختصاص خطة التنمية، كمدينة العمال، التي أعد من مقدمي اقتراح انشائها، بحيث تنفذ عن طريق نظام الـ B.O.T، لمدة استفادة 40 سنة، وتستطيع الدولة تمديدها عشر سنوات اخرى، ما يجعل المشروع مجديا وجاذبا، ومن ثم يكون هناك اقبال عليه من قبل القطاع الخاص".

ورأى العنجري أن القضية الأساسية هي عدم توضيح الكلفة المالية للمشروعات التي يتم تقديمها، فضلا عن أنه من الناحية الفنية فإنه من الأفضل طرحها من خلال الـ B.O.T.

الإدارة الحكومية

وقال النائب محمد هايف إن "الإدارة الحكومية إذا كانت تريد الانجاز والعمل، فالامكانات متوفرة، والكوادر البشرية موجودة، وليست معجزة أن تقوم الدولة ببناء 200 ألف وحدة سكنية خلال 3 سنوات، لا سيما وأنها هي المنوطة بالتنفيذ".

القطاع الخاص

وأكدت النائبة أسيل العوضي قدرة الحكومة على التنفيذ اذا كانت جادة ولديها الرغبة، من خلال اعطاء جزء من المشروع إلى القطاع الخاص، وعدم تنفيذه بشكل كامل.

وعن اعلان الحكومة أنها ستتقدم بتعديلات على هذه المادة بحجة أنه يصعب تنفيذها، قالت العوضي "لتتقدم الحكومة بتعديلاتها أولاً، واذا رأيت أنها مقنعة وواضحة ومستحقة فسأوافق عليها، وغير ذلك سأرفضها، والقرار في النهاية يكون بيد المجلس".

نحو الإحباط

بدوره أبدى النائب عدنان المطوع استغرابه تجاه من يدفعون لاحباط ما نقره من قوانين، مؤكداً أنه من السهل أن تقوم الحكومة بتنفيذ 200 ألف وحدة سكنية خلال 3 سنوات، ومن الممكن انجازه اذا كانت هناك رغبة حكومية حقيقية في التعاون مع المجلس وتنفيذ ذلك، مشيرا في الوقت نفسه الى أن "المسؤولية لا تقع على الحكومة بمفردها وانما ايضا هي مسؤولية مشتركة مع المواطنين المساهمين في انشاء الشركات، خاصة أن هناك شركات كثيرة تم تأسيسها برؤوس أموال كبيرة وهاجرت خارج الكويت"، مشيرا الى ان "المشكلة الاسكانية من المشاكل العالقة التي تؤرق المواطنين، وحلها يساهم في تحريك الاقتصاد وعجلة التنمية، لذا فلا يمنع أن يكون هناك مساهمة حكومية بنسبة 40 في المئة، ويكون الجزء الاخر بمساهمة عامة، ولا مانع من أن تقوم الحكومة بمساعدتهم، لأنه في النهاية سيصب في مصلحة الكويت".

وأكد المطوع أن "الاراضي اللازمة لبناء الوحدات السكنية موجودة وتم الاستغناء عنها من شركة نفط الكويت، وهي تكفي نصف مليون وحدة وليس 200 ألف، وعلى البلدية متابعة هذا الموضوع من أجل انهائه".