في خضم التعليقات حول إبعاد المصريين «الذين اجتمعوا لمناقشة تأييد البرادعي» إلى مصر كتب أحد الزملاء في صحيفة يومية مطالبا السلطات بألا تجعل الكويت «هايدبارك» أخرى، وعلى العكس مما قال فقد استوقفني التساؤل ولمَ لا؟ لمَ لا تكون الكويت قبلة الباحثين عن حرية التعبير ونافذة للمتحدثين في الشرق الأوسط؟ لمَ لا تكون الكويت «هايدبارك» الشرق؟
لقد حاولت الأنظمة العربية الحاكمة بمساندة بعض المثقفين الموالين لهذه الأنظمة اختزال الديمقراطية وحصرها فقط في حرية التعبير ومبنى يطلق عليه «برلمان» يتغير ساكنوه كل 5 سنوات– أو لا يتغيرون- وللأسف أصبح الشباب في العالم العربي يعتقد ويؤمن أن الديمقراطية هي فقط حرية الكلام ووجود برلمان!! تعتبر الكويت من أولى الدول العربية إيمانا وتطبيقا للديمقراطية- بهذا المفهوم- وهي الأولى خليجيا وبلا منافس لسنوات طويلة، وإذا كانت لها الريادة في الديمقراطية فلمَ لا تكون لها زعامة فكرة «هايدبارك الشرق»؟ قد تبدو الفكرة مجنونة أو غير مقبولة أو هلامية ولكن ببعض التفكير والكثير من التنظيم نتساءل وما المانع؟! بداية يجب تحديد مكان داخل الكويت يصلح لذلك، وليكن «ساحة الإرادة» مثلا، ويجب تحديد زمان، وليكن العطلة الأسبوعية (الجمعة والسبت من 8 ص: 5 م) حيث يسمح لمن يريد الحديث- فقط- لأي مجموعة صغيرة أو كبيرة داخل ساحة الإرادة وفي الوقت المحدد مع التأكيد أن أي تجمع خارجها ولو على أطرافها غير مسموح به على الإطلاق. تحتاج هذه الفكرة إلى جهود كثيرة رسمية وشعبية وأهمها أن تقوم الخارجية الكويتية باستدعاء جميع سفراء الدول العربية والأجنبية لتشرح الفكرة لهم وتؤكد أن كل ما يقال داخل ساحة الإرادة لا علاقة له بالموقف الرسمي للدولة، وأنه فقط صورة من صور الديمقراطية (حرية التعبير) الموجودة والمسموح بها- أو المفترض كذلك- في بلادهم. وعلى المستوى الشعبي تقوم منظمات حقوق الإنسان وجمعيات النفع العام بإعداد المكان ليكن جاهزا لهذه الفكرة الفريدة، ولا مانع من إضافة بعض اللمسات الجمالية المميزة لأركانه فهذا مثلا ركن ذو طابع عربي شرقي للمتحدثين العرب، وذاك غربي أوروبي لخطباء القارة العجوز، وثالث آسيوي لمواطني أكبر القارات... وهكذا ولنتخيل سويا ساحة العلم وقد تحولت إلى «هايدبارك» عظيمة فهذا شخص يتحدث باللغة الأردية مثلا عن الفقر ومشاكله وقد التف حوله مجموعة من مواطنيه يناقشونه، وآخر يعلو صوته وهو يحكي عن الصراع العربي الإسرائيلي، وفي مكان بعيد امرأة تتحدث بالإنكليزية عن التعليم ودوره في بناء الإنسان المعاصر، ورابع أميركي يخاطب المجتمعين عن السياسة الصحية للولايات المتحدة... إلخ. ليتخيل القارئ هذه الصورة الجميلة هل يقبلها؟ وإن قبلها هل تقبلها الجهات الرسمية؟ أعلم أنها فكرة غريبة، ولكن ما المانع من مناقشتها، وبالطبع سيكون أول اعتراض ولماذا لا تنادي بها في بلدك مصر؟! والإجابة ببساطة لأن هذا التنوع والتعدد الكبير من الجنسيات المختلفة غير متوافر مما يجعل الحديث كله تقريبا مركزا على الوضع الداخلي المصري، ويكون كل المتحدثين تقريبا من المصريين مما يفقد الفكرة ميزتها الأساسية، وقيمتها من تنوع المتحدثين واختلاف المواضيع، وإن كنت أوافق شخصيا–رغم ذلك- على تنفيذها، ولتكن الحديقة الدولية في مدينة نصر هي المكان المناسب. بالإضافة إلى جانب حرية التعبير وريادة الكويت لها هناك مميزات أخرى للفكرة لا يمكن إغفالها وأهمها على الإطلاق– بعد فترة من الزمن- ستصبح ساحة الإرادة مزارا سياحيا وحضاريا يفد إليه الزائرون من كل مكان وتصبح الكويت جاذبة للهجرة الأسبوعية وليست طاردة لها، ويصبح اتجاه السير كل أسبوع من المطار وليس إلى المطار.آخر كلام: رغم غرابة الفكرة وعدم تصورها في الوقت الحالي أخشى إن تأخرت الكويت في تنفيذها أن تسرع مدن أخرى قريبة كالدوحة، أو دبي في تطبيقها... فما رأيكم؟ * قيام البعض من «دببة» الحزب الوطني في مصر بالمطالبة بإطلاق الرصاص على المتظاهرين هو دعوة صريحة للاقتتال الداخلي، وبث الفتنة بين أبناء الوطن وصمت الحزب ورئيسه وأمينه على ذلك هو موافقة ضمنية على تلك الدعوة الغبية، يجب أن يحاسبهم الشعب عليه، فهل يفعلون ذلك في الانتخابات المقبلة؟ سؤال ستجيب عنه الأيام القادمة. * التزاما بعهدي مع نفسي والقراء ومنعا لإحراج أحد يستمر استبدال بعض الكلمات بالنقاط. نعم للـ... وتعديل الدستور لا للفساد والاستغلال والـ... كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
هايدبارك الشرق
30-04-2010