بدها شوية منطق

نشر في 16-12-2009
آخر تحديث 16-12-2009 | 00:01
 أحمد عيسى يصوت البرلمان الكويتي اليوم على طلب عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء المقدم بحقه بعيد استجوابه من النائب فيصل المسلم الأسبوع الماضي على خلفية وجود تجاوزات مالية في ديوانه، وكذلك تقديمه أموالا لنواب.

المعطيات تؤكد أن هناك 30 نائباً أعلنوا تأييدهم لرئيس مجلس الوزراء بعد أن استمعوا إلى ردوده واقتنعوا بأسباب وجود التجاوزات وتقديم رئيس حكومة أموالا لنواب يراقبونه، وأنهم منحوه الثقة قبل التصويت على الطلب، وما يفصلنا عن تأكيد ذلك مجرد وقت، وهو ما يكشف عن توجه جديد للبرلمان عنوانه أن النواب باستطاعتهم اختصار الوقت وحسم المسائل العالقة قبل أن يحين موعد فصلها، وأعني هنا توافر القاعدة التي سينطلق منها رئيس الوزراء لمرحلته الجديدة، بعد أن يحظى اليوم بثقة أغلبية النواب.

كمتابع، أرى أن حصول رئيس مجلس الوزراء على دعم هذا العدد لا يعني بالضرورة استتباب وضعه، أو حتى بأقصى المراحل سلامة مسلكه وموقفه في القضايا التي اتُهم فيها، بقدر ما هو ناجم عن اختلال في ميزان القوى، وانعكاس لحالة انقسام تعيشها الكتل والتيارات السياسية، وهو ما يعني أن استجواب الرئيس وبعده إعلان عشرة نواب طلب عدم التعاون، وبعدها عبور رئيس مجلس الوزراء خط الأمان بـ30 نائباً، ليس بالحقيقة تجديداً للثقة برئيس مجلس الوزراء، بقدر ما هو إثبات لحقيقة أن هذا الطلب النيابي لن يحظى بالأغلبية، وهو ما يجب التوقف أمامه طويلاً لاستيعابه، فالمشهد تغير بسرعة فجائية.

رئيس الوزراء يطوي في فبراير المقبل ثلاثة أعوام منذ توليه منصبه، لكن انظروا حولكم، وتأملوا حالنا مقارنة بأقراننا، مؤسساتنا نخر فيها الفساد، وخدماتنا العامة تردت حد اليأس، ولم نستفد من الطفرة في أسعار النفط بمشاريع تنموية، وعلاقة الحكومة مع المجلس معقدة جداً، ومع ذلك يحظى رئيس الوزراء بثقة البرلمان، بل على العكس، نجده يذهب إلى أبعد من ذلك، فيصعد منصة الاستجواب ويقر بأن التجاوزات المنسوبة إلى ديوانه محل تحقيق، ثم لا ينفي تقديمه أموالاً لنواب، ويرفض وقف هذا المسلك.

إن موافقة 30 نائباً من أصل 49 على نقاش استجواب رئيس مجلس الوزراء بشكل سري، وتأييد نفس العدد لرئيس مجلس الوزراء بعد أن استمعوا إلى مرافعته، تعني أن 60 في المئة من النواب في «جيب» رئيس الوزراء وحكومته، بالإضافة إلى وزرائه، ليصل العدد إلى 46 من أصل 65، وهذا الرقم يعني أن حتى أغلبية الثلثين داخل المجلس، وهي الأغلبية الخاصة، أصبحت بيد الحكومة، لكن مع ذلك يبقى البلد معطلا ومشلولا ومهملا، لأن البرلمان على حد زعم أنصار الحكومة يعطل التنمية.

ربما يكون أداء التكتل الشعبي وأحمد السعدون مبالغاً فيه سياسياً، ومثله النائب علي الراشد وحسين القلاف بالطرف المقابل، لكن الثابت على الأرض اليوم أن الحكومة بيدها الأغلبية داخل البرلمان، وبإمكانها ضمان الثقة، وحماية نفسها بشبكة أمان نيابية، وهو ما يضعها أمام مسؤولياتها بأن تنهض بالبلاد، وعليه سيبقى التحدي الأساسي أمامنا هو مقدار قدرتها على الإنجاز، لأنها سعت طويلاً للتأكيد أن البرلمان يعطل أعمالها، لكن مع كل هذا اتضح أنها «تمون» على أغلب أعضائه، مع العلم أن المؤشرات توحي بأن رئيسها لن يغير نمط إدارته!

back to top