ماذا كسبت إيران من عقوبات الأمم المتحدة على نظامها؟
شكل لقاء الرئيسين التركي والبرازيلي بأحمدي نجاد في طهران الشهر الفائت، فضلاً عن معارضتهما القوية العقوبات، انقلاباً دبلوماسياً عظيماً بالنسبة إلى إيران بقدر ما كان تصويت الأمم المتحدة قبل أيام بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فقد أظهر أن الدعم الدولي لإيراني يتعاظم حتى مع اقترابها من صناعة قنبلة.
ادعت إدارة أوباما تحقيق انتصار دبلوماسي قبل أيام بعد أن أقر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عقوبات جديدة على إيران، لكن حكومة محمود أحمدي نجاد الإيرانية لديها دافع أيضاً للشعور بالرضا، فقد تفترض أن القرار الذي أُقر في نيويورك متأخر، وضعيف، ومن شأنه تخفيف عزلة إيران الدبلوماسية بدلاً من زيادتها.لذلك من السهل تصوّر ما قد يدلي به مسؤول حكومي إيراني في طهران، فقد يقول: لننظر في ما وعد به الرئيس أوباما سابقاً، بأن تواجه إيران عقوبات "تشل القدرات" في حال رفضت مباشرة مفاوضات جدية بشأن كبح برنامجها النووي، وذلك بدءاً من خريف عام 2009. حتى أن أوباما أفاد خلال حملته الرئاسية بأن العقوبات ستستهدف واردات إيران من البنزين، والتي يصفها الخبراء بأنها نقطة ضعف اقتصادها.
لكن العقوبات التي صودق عليها قبل أيام لا تمس البنزين الإيراني أو قطاع الطاقة المحلي لديها. في المقابل، ستسمح للصين بمواصلة تطوير ثلاثة حقول نفطية كبيرة فضلاً عن مصافي نفط ستلغي حاجة إيران إلى واردات البنزين، كذلك ستسمح لروسيا بتشغيل مفاعل بوشهر النووي هذا الصيف. من جهتها، فشلت إدارة أوباما في استخراج عقوبات مباشرة ضد البنك المركزي في إيران أو خطوط ملاحتها الحكومية. فضلاً عن ذلك، فإن فرض الإدارة حظراً على مبيعات الأسلحة يشوبه ثغرة كبيرة، إذ ستحظى روسيا بكامل الحرية لتسليم نظام صواريخ متطوّر مضاد للطائرات، S-300، وقد يكون أفضل نظام دفاعي لإيران ضد هجوم جوي على منشآتها النووية من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل. وقد يضيف هذا المسؤول في حكومة أحمدي نجاد: جاءت العقوبات متأخرة بعد ستة أشهر من الموعد الذي أرادت الولايات المتحدة إصدارها فيه. خلال تلك الفترة، خصّبت أجهزة الطرد المركزية الإيرانية أكثر من 900 كيلوغرام من اليورانيوم، معزّزةً بذلك مخزوناً كافياً لصناعة قنبلة نووية واحدة ليصبح بالإمكان تطوير قنبلتين مع زيادة التخصيب. وقد بدأت هذه العملية بالفعل، إذ باشرت طهران أخيراً رفع مستوى التخصيب لجزء من كمية اليورانيوم التي تملكها وذلك من 3.5 في المئة إلى 20 في المئة. لم تصل بعد إلى نسبة الـ90 في المئة الضرورية لصناعة أسلحة، لكنها باتت أقرب إليها. وماذا بشأن العار الدبلوماسي العالمي الذي لحق بإيران لصدور قرار عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بحقها؟ لننظر عن كثب، بحسب ما قد يفيد هذا المسؤول الإيراني؛ أُقرت قرارات الأمم المتحدة الثلاثة السابقة من دون أي اعتراض. فقد تم تبني قرارين بالإجماع، بينما أُقر الثالث بصوت واحد ممتنع. لكن في هذا القرار الأخير، امتنع لبنان عن التصويت بينما صوّتت ضده قوتان إقليميتان ناشئتان كانتا حتى وقت ليس ببعيد حليفتين موثوقتين للولايات المتحدة: البرازيل وتركيا، عضو حلف شمال الأطلسي. شكل لقاء الرئيسين التركي والبرازيلي بأحمدي نجاد في طهران الشهر الفائت، فضلاً عن معارضتهما القوية العقوبات، انقلاباً دبلوماسياً عظيماً بالنسبة إلى إيران بقدر ما كان تصويت الأمم المتحدة قبل أيام بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فقد أظهر أن الدعم الدولي لإيراني يتعاظم حتى مع اقترابها من صناعة قنبلة. كذلك لم تخسر إيران دعم الصين وروسيا.فضلاً عن ذلك، يزداد أحمدي نجاد قوةً في الداخل، فقبل بضعة أشهر، كان هو والمرشد الأعلى علي خامنئي يتقاتلان مع الحركة الخضراء المعارضة لضبط شوارع طهران والمدن الكبرى الأخرى. واليوم، تبدو الشوارع هادئة مع حلول موعد الذكرى السنوية الأولى للانتخابات المزورة التي أثارت حركة التمرد تلك. لقد هدأت الحركة الخضراء حتى الساعة على الأقل، بالرغم من أن استهداف العقوبات التي أُقرّت قبل أيام الحرس الثوري، فإن أحداً لن يصعّب على فرق الهجوم التابعة للنظام عملية إحكام قبضتها محلياً. لذلك تستطيع إدارة أوباما الاحتفال اليوم، كما سيجادل المتحدث الإيراني المسؤول، ففي العلن سنرد بغضب، لكننا سراً، نملك الحق في الاحتفال لأن حكومتنا باتت اليوم أقرب إلى إنتاج قنبلة نووية وأكثر أمناً محلياً وفي الخارج مما كانت عليه قبل عام.* جاكسون ديهل | Jackson Diehl