تقرير محلي : التعيينات السياسية... رد دين حكومي أم فساد تشريعي؟
تدور هذه الأيام في فلك الإعلام الإلكتروني (الإنترنت) والمطبوع (الصحف) أنباء عن تعيينات لأقارب نواب من الدرجة الأولى في مناصب حكومية رفيعة، وتضيف هذه الأنباء والمعلومات أن التعيينات رد دين حكومي لنواب وقفوا معها خلال دور الانعقاد الماضي في أكثر من اتجاه، منها دعم قوانينها وحماية وزرائها، وحتى لعب دور المدافع عنها داخل مجلس الأمة.ولعل ظاهرة التعيينات الحكومية من باب الترضيات السياسية، ظاهرة لها تاريخ طويل في العمل السياسي، تزامنت مع أحداث كثيرة، من الانتخابات البرلمانية إلى التشكيلات الحكومية، وحالات أخرى تكون فيها المقايضة بموقف سياسي مقابل منصب رفيع.
ومن أبرز ظواهر التعيينات السياسية ما ظهر في كثير من التشكيلات الحكومية، أو ما سُمّي بالمحاصصة الوزارية، فكان لكل طائفة وزير، ولكل قبيلة ممثل في الحكومة، والهدف تحييد مجموعة ما من الوقوف في صفوف المعارضة ضد الحكومة.كذلك، هناك التدخلات النيابية في التعيينات للمناصب الحكومية الرفيعة، فهي واقع له عالمه الخاص، تبدأ بسؤال نيابي أحياناً، وأحياناً تنتهي باستجواب، والسنوات القليلة الماضية شهدت الكثير من المواقف النيابية ضد وكيل وزارة ما أو مدير في جهة حكومية، فكانت حرباً غير متكافئة بين نواب وموظفين، وبالتأكيد فإن الغلبة في النهاية دائماً ما تكون لصالح النواب، فهم يجيدون لعبة المقايضات و"الدلالة السياسية" على مواقفهم. ومع ما يتردد من معلومات صحافية، وصمت الطرف الحكومي والنيابي، تكون عملية التعيينات السياسية الأخيرة للمناصب الرفيعة دخلت مرحلة أكثر تطوراً وعلانية، فانتقلت من تعيينات الأقرباء من الدرجة الثالثة وما بعدها، إلى الدرجة الأولى للمستفيدين، دون أن يمثل هذا الأمر أي حرج لكلا الطرفين.وإذ يؤكد المراقبون أن التعيينات السياسية من أهم أسباب ترهل الجسد التنفيذي للدولة، فهم يرون في الحالات الأخيرة –إن صحت– سبباً في انحراف العلاقة البرلمانية-الحكومية أولاً، وإساءة إلى دور المشرع ثانياً، وتشويهاً لصورة الديمقراطية الكويتية أخيرا، مبينين أن الأصل في التشريع والرقابة هو القناعة وفق المعطيات والمعلومات والأداء وليس ما يعرض من عطايا ومناصب.ويقول المراقبون إن الفساد التشريعي بدأ ينافس نظيره في الأجهزة التنفيذية، وهو أمر يحتاج إلى وقفه نيابية جادة، فالقوانين بدأت تُقرّ بحسب قائمة المناصب المتاحة للنواب وأقربائهم، والرقابة التشريعية تراجعت مقابل الأمر ذاته، حتى وصلنا إلى مجلس أقرب ما يكون إلى المجلس الوطني أو مجلس أعيان، ويشير المراقبون إلى خروج كثير من القوانين بصورة مشوهة تتعارض مع قوانين أخرى وأحياناً غير دستورية، نتيجة الفساد التشريعي فالنواب لم يعودوا يقرأون مشاريع القوانين، فهم ينتظرون إشارة الموافقة أو الرفض فقط، ويصفون مثل هذه التعيينات بأنها مخالفة لأهم مبادئ الدستور التي تنص على العدالة والمساواة.ومع قول الحكومة إنها عازمة على مواجه الفساد في أجهزتها ومؤسساتها، ومع أن هذه التعيينات السياسية نوع من الفساد...هل توقفها فعلاً؟ومع مرور النواب اليوم باختبار حقيقي أمام ناخبيهم لوقف العبث التشريعي المبني على مصلحة خاصة... هل يتحركون؟