ما اسعدهم بايمانهم


نشر في 17-06-2010
آخر تحديث 17-06-2010 | 00:01
 إيمان علي البداح أقرأ لبعض الكتّاب، وأتأمل تعليقات الكثير من القراء، وأحاول التواصل مع بعض المعلقين، ويتعبني ضياع المنطق وسوء اللغة، ويؤرقني غياب الحجة وتجاهل أساسات الحوار المهني وآداب الحديث، ثم أستوعب أن هؤلاء هم السواد الأعظم من «المجعجعين» في حين اختارت الأغلبية العظمى المتابعة بصمت، «فالمؤمنون» حقا والقابضون على دينهم كالقبض على الجمر جندوا نفسهم لمحاربة الكفار والزنادقة الذين يدعون الناس لما هو غير مألوف وغير مذكور في الذكر الحكيم.

أتابعهم فأغبطهم على راحة بالهم وراحة عقولهم، فلا أسئلة بلا أجوبة لديهم، ولا هم من هموم فلاسفة العالم يؤرقهم، ولا تتقافز في رؤوسهم الخاوية أسئلة جديدة مع تجارب الحياة وحركتها، سلموا عقولهم في علب ملفوفة هدية لشيخ الطائفة أو العائلة أو القبيلة، وأوكلوه في التفكير عنهم، وآثروا أن يكونوا جزءا من القطيع على الغناء خارج السرب.

أسمعهم فأحسدهم على ثقتهم العظيمة بصحة معتقدهم، ثقة عمياء تجيز لهم الهجوم الشرس وإن وصل إلى العنف ضد من خالفهم، وتسمح لهم تغيير السؤال إذا تعذر الجواب، وبتحوير الرد إن صعب فهمه، لا يؤرقهم أن المقدمات لا تتفق والاستنتاجات ولا يتعبهم غياب الربط المنطقي للأفكار، فألسنتهم تتحرك فقط لا أدمغتهم، وإذا ضاقت بهم الوسائل فلا مانع مهنيا أو أخلاقيا من تحول الخلاف إلى حرب شخصية دنسة.

تقدم لهم الحقائق العلمية والروابط المنطقية ويخرجون من جيوبهم دون تردد حديثاً مشكوكاً في سنده، وآية غير متفق على تفسيرها. تعطيهم أمثلة من الواقع والتاريخ ويعودون بك إلى القصص الرومانسية التي درسوها في كتب المدرسة، وإن حدث- ونادرا ما يحدث- واستوقفتهم فكرة عادوا إلى الشيخ قبل سماعك.

ما أجملها من حياة حين تؤمن بالحقيقة المطلقة ولا تثيرك أفكار العالم، وحين تعطي لنفسك حق قراءة النوايا دون اكتراث للرأي الآخر، وحين تملك السلطة الأخلاقية الأعلى فتحكم بثوان وترى العالم بأكمله بالأسود والأبيض دون وجود للرمادي... ما أريحها العيشة دون عقل يسأل وقلب يقلق وضمير يؤنب.

***

رسالة خاصة للصديقة اللدودة د. ابتهال الخطيب: صدق المتنبي إذ قال:

«ذو العقل يشقى فى النعيم بعقله ** وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم» انضمي إلى القطيع سيدتي ليرتاحوا وتنعمي.

back to top