متابعة للفساد الاخلاقي 
في الجامعة


نشر في 18-03-2010
آخر تحديث 18-03-2010 | 00:01
 د. ساجد العبدلي متابعة لما تناولته سابقاً على مدى مقالين، حول الفساد الأخلاقي لبعض أساتذة الجامعة وتحرشاتهم ببعض الطالبات، لبيت الأسبوع الماضي دعوة من د. عبدالله الفهيد مدير الجامعة للحديث حول الموضوع، وكما كنت قد ذكرت سابقاً، فاللقاء لم يكن بهدف الإشارة إلى أسماء بعينها، بالرغم من حيازتي لمثلها، وإنما للتفكير بصوت عال، وإشراك الإدارة الجامعية بما لدي من هواجس حول هذا الموضوع الحساس.

لمست في ذاك اللقاء أن السيد مدير الجامعة، يحمل نفس الضيق والتحسس من المسألة، إن لم يكن أكثر مني، وذلك لموقعه القريب من هذه الأحداث، وقبل ذلك بحكم منصبه ومسؤوليته. واكتشفت أيضاً أن الموضوع لا يحمل له جديداً كثيراً، بل كان هو الذي كشف لي ألف حكاية وحكاية من ذلك العالم الغرائبي العجيب!

إلا أننا وبعدما اتفقنا على أن ما نتحدث عنه أمر حقيقي، لا مجرد إشاعات أو خيالات أو محاولات لتشويه سمعة الجسد الأكاديمي، اتفقنا في المقابل على صعوبة التعامل مع هذا الموضوع الشائك، حيث غالباً ما تحجم الطالبة المتضررة عن الشكوى خوفاً على سمعتها، وغالباً ما يصعب إثبات التهمة في مثل هذه الأمور، ناهيك عن نزوع الأطراف المختلفة المرتبطة بالموضوع إلى «طمطمته» رغبة في البعد عن الإزعاج الذي غالباً لن يصل إلى نتيجة، لكننا مع ذلك لمسنا أهمية القيام بعمل ما في هذا الصدد، ربما على شاكلة استحداث لائحة أو إيجاد قناة أو جهة جامعية تختص وتعتني بمتابعة ورصد الأمر، وتستقبل الشكاوى وتتعامل معها بسرية وحكمة.

اقترحت على الدكتور الفهيد السعي إلى تشكيل فريق عمل أو لجنة يكون في عضويتها ممثلون عن الإدارة الجامعية وممثلون عن جمعية أعضاء هيئة التدريس وكذلك عن اتحاد الطلبة، للارتباط الوثيق لكل هذه الجهات بهذا الأمر الحساس، وأن يتولى هذا الفريق مهمة التفكير والبحث والخروج بتصور للتعامل مع المسألة، وأنه لا مانع من الاستعانة بتجارب الجامعات العربية والأجنبية في هذا الصدد، فقد بلغني، على سبيل المثال، أن لدى بعض الجامعات الإماراتية لوائح محددة حول التعامل مع التحرشات الجنسية وما شابه، وسيكون مفيداً ولا شك الاستعانة بمثل هذا.

كان لقاءً طيباً مع الدكتور الفهيد أرجو أن يكون بذرة لناتج إيجابي يلحق في أقرب فرصة على صعيد هذا الموضوع، والحق أني لم أكن قد التقيت بالدكتور سابقاً، وكنت أسيراً لتصوراتي المسبقة عنه، والتي رسمتها لي الصحافة عنه، وأعترف بأن هذا خطأ، فالاقتراب من أي شخص على المستوى الإنساني يكشف لك جوانب أخرى لا يمكن التنبؤ بها، حيث وجدت عنده تواضعاً جماً وبساطة وعفوية وطرفة حاضرة. شكراً د. عبدالله، وتمنياتي لك وللجامعة بالتوفيق دائماً.

في اليوم التالي للقائي مع الدكتور الفهيد، إن لم تخني الذاكرة، جاءني اتصال من الأخ د. علي بومجداد، عضو جمعية أعضاء هيئة التدريس، حيث أبدى رغبة الجمعية للالتقاء بي للحديث حول المقال، وأشار إلى اهتمام الجمعية كثيراً بكل ما من شأنه أن يسيء لسمعة الأساتذة، فنقلت له رأيي من أن الحديث عن هذا الموضوع في الصحافة يجب ألا يسبب أي حساسية عند أي طرف، لأنه في حقيقته لا يشكل أي إساءة للجسد الأكاديمي، بل على العكس من ذلك، فالسكوت عن مثل هذه الممارسات، حتى لو كانت صادرة عن شخص واحد، هو الذي يسيء للجسد الأكاديمي، فما بالك بالأمر وهو متكرر ومن أكثر من شخص، حينها يجب على الأساتذة أنفسهم، وربما ممثلون بجمعيتهم، السعي لتنقية جسدهم التدريسي من مثل هذه الشوائب والطفيليات، كائناً ما كان مستواها العلمي أو درجتها الأكاديمية.

أتصور أني بهذا أكون قد قمت بدوري من موقعي الصحفي، وشكراً لكل من تفاعلوا مع الموضوع، ولكل من أرسلوا الرسائل والتعقيبات، وزودوني بالمعلومات والأسماء المشبوهة، والتي أعتذر عن نشرها أو تداولها ولو بطريقة الحروف الأولى، فليس هذا مرادي كما بينت، إنما المساهمة في تحريك الموضوع إلى الأمام نحو الحل، ولعل لي عودة له، إن تطلب ذلك أو جد جديد.

back to top