سعد العجمي ... عد إلى السياسة أيها الاناني


نشر في 28-05-2010
آخر تحديث 28-05-2010 | 00:01
 أحمد عيسى فاجأنا الصديق سعد العجمي بقرار عزوفه عن الكتابة في الشأن السياسي المحلي، بعد أن توقع ألا يبقى للقلم دور في ظل وجود هذا المجلس «الكارثي»، كما ذيّل مقاله المنشور في هذا الموقع قبل أسبوع.

سعد، قلم تفخر بأن تنازله، وصديق يشرفك بضمك إلى باقة أصدقائه الرائعين، ودود إلى حد الخجل، صريح بما لا يجعل ضمن ألوانه الرمادي، فحياته بسيطة بأبيضها وأسودها.

لم يتلون، رأيه علناً وسراً لا يختلفان، فضل الطريق الصعب ككاتب معارض، رغم مغريات الحياة، كان أفضل المعبرين عن التكتل الشعبي ككتلة برلمانية وتوجه سياسي، إلى درجة تداخلت فيها آراؤه مع رؤاها، وقرار عزوفه عن الكتابة في الشأن السياسي المحلي أتى بعدما اعتراه اليأس مما يشهده على المشهد السياسي، بحسب قناعاته، وإلى هنا ينتهي حقه، ليبدأ حق قرائه، فعلى الرغم من استمراره معنا كاتباً مخلصاً لقرائه، فإنه سيحرمهم من تناوله السياسي، لكنه انهزم أمام الواقع وتعامل معهم بأنانية، حينما غلّب ذاته على حق قرائه.

كنت ولاأزال أستمتع متى ما احتل العمود الذي يعلو مقالي، ودائما ما سألني أصدقاء عن سبب احتلاله الدائم لأعلى الصفحة، تاركاً جانبها السفلي لكلماتي، فكنت أرد على المحبين بأنه أكبر سناً ومقاماً، وعلى المؤيدين، بأنه يبدأ وجهة نظره عن ذات الحدث ليسلمني قارئه فأقول له القصة من وجهة نظري، تاركين الرأي الأخير للقارئ.

جاورته في هذه الصفحة، منذ تأسست «الجريدة»، وها هي تدخل عامها الرابع الأسبوع المقبل، كان خلالها ثابتاً لم يتغير، تكاد تتوقع عما سيكتب، إلا أنه يفاجئك أحياناً، ويخذلك في أخرى، وبينهما يقول ما تنتظره منه.

أختلف معه سياسياً على طول الخط، لكنني أقدره، جمعتنا نقاشات ربما يتاح لها يوما أن توثق، لتعكس حالة الاختلاف بين رفاق الدرب وأجنحة المعارضة، كلانا معارض للحكومة بطريقته، ونتفق على أنها لا تستطيع قيادة البلد، وأن الكويت تستحق أفضل منها، إلا أننا نختلف بالمنهج، فعلاج الديمقراطية يكمن بالقوى الناعمة بالنسبة لي، واتفاق القوى السياسية على أجندة وطنية، بينما يتحيز إلى رأيه الداعي إلى مزيد من الضغط ورفع السقف والمبادرة دون أي اعتبار.

سعد العجمي لن يغيب لكنه سيحتجب عن الكتابة في الشأن السياسي المحلي، وفي حالنا سيكون حاله كأي كاتب يسير بمحاذاة السور، وهو ما أربأ به عنه، ومكانه ككاتب سياسي سيملؤه حتماً غيره مساحة وفكراً، لكن حضوره وروحه سيكونان هما الغائبين الأبرزين، وربما يكون قدر الكاتب منا أن يعبر عن رأيه، ويخلص لقارئ لا يعرفه لكنه يتابعه باستمرار، وعليه فبقاؤه مرهون برأيه وتقديره لقارئه، وفي حالنا السياسي، يتحتم علينا أن نكون فرسانا، لنخوض نزالاً بشرف، ونقول ما نريد، ونترك الحكم للقارئ.

وكدأب الفرسان، أرمي قفازي ناحيته، لأنني أعلم يقيناً أنه سيلتقطه بفروسيته التي عهدتها به، ليقبل التحدي ويعود لمجاورتي أسبوعياً بمقاله السياسي، ووجهة نظره بالشأن المحلي، كي ندخل في نزال نيلاً لرضا قرائنا، فسعد بلا سياسة... كعكة بلا سكر، لا تستسيغها إلا مضطراً، لأنه باختصار سياسي مميز في زماننا.

back to top