راهن البعض على خسارة «حزب الله» للانتخابات اللبنانية وتمنى آخرون ذلك واتفقوا جميعا على رفض «حزب الله» لنتيجة الانتخابات (في حال خسارته) ولجوئه إلى العنف كوسيلة للتعبير عن هذا الرفض، وتحويل شوارع لبنان إلى أنهار من دماء.

Ad

وجاءت الانتخابات وانتهت ،ورغم خسارة «حزب الله» لها إلا أنه وبديمقراطية نادرة وانتماء حقيقي للبنان أعلن فور علمه بخسارته– قبل الإعلان الرسمي- قبوله نتيجة الانتخابات وتهنئته للفائزين وكتلة «14 آذار» وضرب «حزب الله» مثلا في الالتزام برأي الأغلبية والخيار الديمقراطي، الذي آمن به الشعب اللبناني، وكان هذا السلوك الديمقراطي من جانب «حزب الله» مفاجأة للكثيرين ممن تمنوا عكس ذلك، لكنه فوت الفرصة عليهم، وأعطى الجميع درسا في القبول السمح والديمقراطي والعقلاني لإرادة الناخبين.

وعلى الجانب الآخر من التل رفض من أطلقوا على أنفسهم «الإصلاحيين» في إيران نتيجة الانتخابات وقاموا باضطرابات وأعمال شغب لا لشيء إلا لخسارتهم في الانتخابات أمام أحمدي نجاد، حليف «حزب الله» والمحسوب على تيارهم كما يدعي البعض، ولو افترضنا جدلا أن «حزب الله» وأحمدي نجاد من نفس الفرقة والمعسكر لوجدنا أنهم قبلوا خسارتهم في لبنان بروح ديمقراطية بينما رفض الآخرون ممن كانوا يتهمونهم بالعنف والتطرف فوزهم في إيران، ولجؤوا إلى نفس العنف الذي رفض «حزب الله» استخدامه عند خسارته.

أعتقد أن الدرس الديمقراطي الذي قدمه «حزب الله» سواء في خسارته في لبنان أو فوز حليفه في إيران واضح للجميع ولا يحتاج إلى مزيد من الشرح والتفسير، ولكن ما يحتاج حقيقة إلى الفهم والتحليل هو موقف هؤلاء في وطننا العربي الذين لا يرون نقيصة ولا عيبا إلا ألصقوهما بـ«حزب الله» تحديدا أو من يخالفهم في الرأي عموما.

فهؤلاء للأسف نشؤوا في رحاب الدكتاتوريات العربية، وتعلموا في مدارس الفكر الواحد والرأي الواحد، ولا يستطيعون ولا يتفهمون وجود رأي مخالف لرأيهم أو رافض لفكرهم على الرغم من أن الاختلاف في الرأي وتعدد الأفكار ضرورة إنسانية قبل أن يكون درسا سياسيا أو نموذجا اجتماعيا، وكما قالوا «رحمة الأمة في اختلاف الأئمة» ولكنهم لا يرون إلا أنفسهم ولا رأي إلا رأيهم ولا حجة إلا معهم، ولا دليل إلا بين أيديهم، وهم يحسنون الكلام ويتقنون الحديث، فإذا ما اختبرتهم الظروف تبدل القول، وتغير الفعل، وقال فيهم أمير المؤمنين سيدنا علي رضي الله عنه «إذا أعجبك ثوب المرء فانتظر حتى تسمع قوله، وإن أعجبك قوله فانتظر حتى ترى فعله».

فهل يعي البعض الدرس الديمقراطي أم يستمر ضلاله كما أقسم عليه الله سبحانه وتعالى «لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون». صدق الله العظيم.

• تساؤلات:

ألا يستطيع «حزب الله» تسيير مظاهرات مليونية رافضة للانتخابات بدعوى تزويرها؟ ولماذا لم يفعل؟ فكر ثم أجب.

ما الفرق بين التزوير في الانتخابات الإيرانية التي وقف العالم العربي والغربي ضدها ويساند المعارضة على كشفها، والتزوير في الانتخابات المصرية التي وقف العالم يتفرج عليها ويصفق للنظام المصري؟ فكر ثم أجب.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء