هل انتشار الصحف مرتهن بالساقطين من الكتاب؟!


نشر في 25-06-2009
آخر تحديث 25-06-2009 | 00:01
 د. ساجد العبدلي كثرت أخيراً التجمعات التي يقيمها زملاؤنا الكتاب الصحافيون، والحق أن هذه التجمعات في إطارها العام هي تجمعات جيدة وإيجابية في رأيي، فأنا عموماً مع كل عمل جماعي لإيماني بأن العمل الفردي قاصر مهما تفوق.

وقد كنت بنفسي عضواً في تجمع قديم للكُتّاب منذ سنوات، حيث كان يجتمع رغبة في توحيد آراء الكتاب أو تقريبها على الأقل. الفكرة كانت جميلة وبدت لنا واعدة، ولكنها للأسف تعثرت على أرض الواقع بسبب أن أغلبنا كانوا مكبلين بحبال جماعاتهم السياسية، وغير قادرين عن الخروج عن رؤاها وتوجهاتها تجاه الموضوعات التي تعتري المشهد السياسي، بل كان بعضنا غير قادر أو غير مخول بالتصريح في تلك الجلسات إلا بعد الرجوع إلى جماعته وأولي الأمر منه. ومع مضي الأيام وجدتني أنسحب شيئاً فشيئاً حينما شعرت بأن ذلك التجمع انتهى ليكون مجرد ديوانية دورية، وأنا لست من عشاق الديوانيات وارتيادها، ولا أدري الآن ما حل بذاك التجمع.

ما يدور في بالي حول تجمعات الكتاب اليوم هو رجاء ألا تكون كتجمعنا القديم، أي أن تنتهي لتصبح، أو أنها منذ نشأتها أصلاً، مجرد جلسات دواوين لا أكثر تجتمع للحديث العام، وقد يستضاف فيها بين حين وآخر شخصيات سياسية وغيرها، دون قيمة حقيقية تنعكس على المستوى الصحافي العام.

كما أن لهذه التجمعات منزلقا خطرا، وهو أنها تسمح بأن ينضم إليها كل مَن دخلوا عالم الكتابة الصحافية، سواء من دخلوها عبر بابها الأمامي أو الخلفي أو حتى من النافذة أو من فوق السور، وأعني بهؤلاء أولئك الكتاب الذين نراهم وبشكل يومي لا يتورعون عن الضرب بأصول وآداب وأخلاقيات الكتابة الصحافية عرض الحائط، وما أكثرهم بعدما تكاثرت الصحف بهذه الكثرة الكاثرة اليوم! ومكمن الخطورة في الأمر، أنه يعطي لهؤلاء الكتاب ولوجودهم نوعاً من الشرعية، لأنهم حينما يجدون أنفسهم زملاء لهؤلاء الكتاب القدامى والمعروفين يعتقدون أنه قد صار لهم موقع حقيقي على خارطة الكتابة الصحافية، ولولا هذا ما قبلهم هؤلاء في صفوفهم!

قد لا تكون خطورة الظاهرة واضحة لبعضكم حتى الآن، ولكنني أستطيع أن أقول وبثقة كبيرة، وأنا لا أتحدث هنا بصفتي كاتباً يحاول أن يلعب دور الحكم على زملائه، وإنما قارئ متابع بشكل عميق، إن التعويل على عموم القراء لرفض ونبذ الكتاب الأدعياء والسيئين هو تعويل ليس من ورائه طائل، فالسلبية وعدم الاكتراث هما أقصى ما يمكن أن ينتج عن أغلب القراء في مجتمعنا وللأسف، بل إن أمثال هؤلاء الكتاب يصيرون محط الفضول «والتطمش» مما يخلق لديهم انطباعاً، وهذه مفارقة مخزية، بأنهم أفضل الكتاب لأنهم الأكثر استقطابا «للمتطمشين»!

والتعويل كذلك على أن ترفض الصحف دخول أمثال هؤلاء، هو أيضا تعويل في غير محله، فأغلب الصحف تحرص على وجود أمثال هؤلاء الكتاب لأن الجمهور «عاوز كده»، وبما أن المنافسة حامية الوطيس فقانون «اللي تغلب به، إلعب به» سيكون هو السائد، ومن يتمسك بالقيم المهنية والأخلاقيات الصحافية من رؤساء التحرير سيجد صحيفته في آخر الركب، وفقا لقاعدة أن عدد القراء الأكبر يعكس مقدار انتشار الصحيفة وقيمتها، والتي هي قاعدة معتلة في قناعتي!

آخر ما يمكنني أن أعوِّل عليه هم الكتاب أنفسهم والإعلاميون الشرفاء، فلو أنهم على الأقل نبذوا هؤلاء ورفضوهم من باب احترام المهنة والقلم والنفس قبل كل شيء، فلعل هذا سيخلق حالة مجتمعية راقية ولو ببطء ولعل الرسالة ستصل في وقت من الأوقات!

back to top