من الأمور المعروفه في علم الإدارة العلمية الحديثة أنه من العبث تقديم أو إنتاج أي خدمة أو سلعة لا يعرف عنها الجمهور شيئا، لذلك نرى أن الشركات الخاصة تكثف من الدعايات التعريفية بالسلعة أو الخدمة الجديدة حتى تترسخ في ذهن الزبائن للدرجة التي أصبح بعضنا يحفظ ويردد أغاني أو كلمات بعض الدعايات أو الإعلانات التجارية حتى بعد مرور زمن طويل على سماعها. علاوة على ذلك فإن الشركات والمؤسسات الخاصة تعلن عادة خططها المستقبلية بشفافية عالية من أجل كسب المزيد من الزبائن.

Ad

وقد أخذت حكومات الدول المتقدمة ببعض الأساليب الإدارية الحديثة التي تطبقها الشركات الخاصة لكي تعرّف بالخدمات العامة التي تقدمها، أو لكي تعلن خططها وتسوق سياساتها الجديدة، وهو ما يجعلها تقترب أكثر وأكثر من عامة الناس وتكسب ثقتهم.

وحدها الحكومات التي لا تملك برامج أو خططا مدروسة أو تلك التي لا تثق ببرامجها وخططها هي التي لا تستطيع مواجهة الناس بشفافية عالية.

لهذا فإن السؤال البديهي هنا هو: إذا كان هناك خطة حكومية، كما يتضح من تصريحات مسؤولي وزارة الصحة وبعض أعضاء اللجنة الصحية بمجلس الأمة، لمواجهة وباء «إنفلونزا الخنازير» فلماذا لا تعلن الحكومة هذه الخطة بكل شفافية لكي يطمئن الناس بعد أن تناوبت عليهم التصريحات الرسمية غير الواضحة والمتناقضة التي زادت من حالة الفزع والخوف لديهم؟

نعرف أن هنالك جهودا طيبة يبذلها العاملون كافة في وزارة الصحة وفي الجهات الرسمية الأخرى لمواجهة هذا الوباء العالمي المفاجئ، ولكن أليس من المفترض أن تعلن الحكومة بشكل سريع سياستها العامة، وخطتها للوقاية من هذا المرض المرعب، والتي من المفترض أن تتضمن توضيحا لكيفية مواجهة حالات الإصابة به مع إشراك عامة الناس في تنفيذ هذه السياسة العامة كل حسب موقعه ودرجة مسؤوليته، من أجل القضاء على حالة الذعر والفزع والخوف بين الناس، وانتشار الإشاعات المضرة فيما لو انتشر المرض بشكل غير متوقع حتى لو كان ذلك الاحتمال ضعيفا جدا في الوقت الحالي، لاسيما أن هنالك تجارب سابقة غير مطمئنة وسيئة للناس في تعامل الأجهزة الحكومية مع الكوارث والأزمات، مثل ما حصل أخيرا في حادث حريق الجهراء، وفي معالجة التسرب الذي حدث في محطة الصرف الصحي في مشرف... على أنه من المهم جدا أن يتولى عملية إعلان الخطة الحكومية فريق متخصص في مواجهة الرأي العام يعرف كيفية تسويق الخطط العامة بشكل عملي وواقعي، بحيث لا يضاعف شرح الخطة وتوضيحها من حالة الخوف الموجودة حاليا عند العامة، خصوصا أولياء أمور طلبة المدارس.

ويمكن لهذا الفريق الاستعانة بالقطاع الخاص للمساعدة في عملية تسويق الخطة الحكومية التي من المفترض أن تكون واقعية وقابلة للتنفيذ، وفي هذا السياق فإنه من الخطأ أن تكون الإرشادات التي توزع على العامة عبارة عن ترجمة حرفية للإرشادات التي توزع في الغرب، بالرغم من كونها تعليمات مضللة، ولا تنطبق على واقعنا المحلي، فخدماتنا الصحية تعتبر متواضعة مقارنة بما هو موجود من خدمات صحية في الغرب.

فالمريض في الدول الغربية، على سبيل المثال، يستطيع الاتصال مباشرة بطبيب العائلة وأخذ النصائح والإرشادات الطبية منه مباشرة وهو ما لا يتوافر لدينا مع كل أسف، لذلك فإنه يعتبر من قبيل التضليل أن نقول للمريض مثلا «إذا ظهرت عليك الأعراض وتأكدت من إصابتك بإنفلونزا الخنازير فعليك الذهاب فورا إلى الطبيب، ولكن اتصل به أولا قبل أن تقوم بزيارته واتبع التعليمات التي سيحددها لك»! وهو ما جاء ضمن التعليمات الواردة في أحد «البروشورات» الخاصة بالوقاية من هذا الوباء الذي يتداوله الناس حاليا.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء