ما يهم في استجواب البيئة


نشر في 04-06-2010
آخر تحديث 04-06-2010 | 00:00
 أ. د. فيصل الشريفي قال تعالى (وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى ٱلأرْضِ بَعْدَ إِصْلَـٰحِهَا وَٱدْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ) [الأعراف:56] هذه الآية الكريمة فيها من الدلالات الواضحة التي على الحكومة والمجلس أخذها وتطبيقها على النحو الذي يمكن أن ينعكس على حياة الإنسان في شكل إيجابي، بتعاون جميع الأطراف في حل مشكلة، غاب عنها بعد النظر لسنوات، وبدأت منذ اعتماد منطقة أم الهيمان منطقة سكنية.

لقد كانت الكويت من أولى الدول في المنطقة التي اهتمت بالقضايا البيئية حينما كانت هناك إدارة للبيئة تتبع وزارة الصحة، ثم أصدر قانون إنشاء الهيئة العامة للبيئة، ولمزيد من الدعم ألحقت تبعيته الإدارية بالنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، كما أن هذا التوجه لم يقتصر على القانون، لكن تكاتفت الجهود لإنجاح مشروع الحماية والتعايش البيئي، حيث أنشأت الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب قسما أكاديميا متخصصا لتخريج الكوادر الوطنية، وكذلك كان الوعي البيئي المجتمعي في قمته، حيث جمعية حماية البيئة رادفة لدور إعلامي مميز، فقد أفردت أغلبية الصحف صفحات متخصصة لذات الغرض.

ما مر بالكويت من كوارث بيئية بدأ بأكبر تلوث نفطي عرفه التاريخ أثناء الغزو العراقي، ثم كارثة نفوق الأسماك التي كانت كفيلة برفع الوعي البيئي، ناهيك عن مجمل ما يتعرض له المواطن من ملوثات شبه يومية تنعش ذاكرته بشكل يومي، ليولد ضغطا على المجلس والحكومة معا، فلم أكن أظن بعد هذا أن يقفل الملف أو ينجح أي مشروع للتنمية دون تضمين البيئة كأحد أركان النجاح.

لقد ولد هذا الاستجواب ميتا كما وصفه البعض قبل تبدأ المنازلة السياسية، حيث يتضح جليا من خلال مواقف النواب وبمبررات ساقوها هم أنفسهم، منها المواءمة السياسية، خصوصا النفس الشخصاني لشخص سمو الرئيس، كما أن المستجوب النائب خالد الطاحوس عضو التكتل الشعبي الذي اتهمه زملاؤه بالتكسب الانتخابي، لذا لن تكون حال الاستجواب أفضل من الاستجوابات الأخرى.

على الطرف الآخر تقف مادة الاستجواب أمام حقيقة إحصائية لا يمكن لعاقل أن يغفل عنها أو يتجاوزها، وهي ارتفاع ملحوظ لنسب الإصابة بأمراض الربو التي يعانيها ساكنو منطقة أم الهيمان (علي صباح السالم)، لذا نطلب من النواب والحكومة عدم المزايدة السياسية منتظرين الخطوات التي يمكن أن تتعهد الحكومة بها من خلال إجراءات ناجعة لحل مشكلة، مضى عليها سنوات دون أن توضح الهيئة العامة للبيئة الآلية التي اعتمدتها في تطبيق القانون على كل القطاعات المعنية بالتلوث.

علامة استفهام أثارها مدير إدارة البيئة الصناعية فاستنكر على الطاحوس الأرقام التي اعتمد عليها في صحيفة الاستجواب، علما أنها صادرة من وزارة الصحة، إلا أنه في الوقت نفسه ذكر أن هناك مصانع انتهكت الاشتراطات البيئية بعدم التزامها وتسببها بتلوث الهواء، فكيف يستقيم إنكاره للإحصاءات واعترافه بوجود التلوث، وهذا ما دار في مداخلته مع السيد حسين الخرافي رئيس اتحاد الصناعات الكويتية بقناة «العدالة».

الجولة التي قام بها معالي النائب الأول الشيخ جابر المبارك يوم الثلاثاء للوقوف على الحالة البيئية لمنطقة أم الهيمان يعبر عن وعي بأهمية القضية وجدية الحكومة في الحل.

لا يهم لدى أهالي أم الهيمان والمراقبين الشأن البيئي، وما ينتج من استحقاقات سياسية بعد أن باتت الحكومة تتعامل مع الاستجواب كاستحقاق دستوري، وليس حسبة الأغلبية، لكن المهم هو الإجراءات التي ستتخذها تجاه قضية تهم صحة المواطن بالدرجة الأولى ليطوى بعدها هذا الملف إلى غير رجعة.

آخر دعوانا لقافلة الحرية (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ)

ودمتم سالمين. 

back to top