يعد السفير والفنان التشكيلي قاسم عمر الياقوت واحداً من المؤسسين لحركة التشكيل في الكويت، وبرحيله فقدت الساحة التشكيلية المحلية واحداً من أبرز فنانيها.
تُوفي السفير والفنان قاسم عمر الياقوت، وبوفاته فقدت الحركة التشكيلية الكويتية واحدا من أبرز فنانيها في التشكيل، ويعد السفير الفنان قاسم عمر الياقوت من الفنانين التشكيليين الرواد الذين أسسوا اللبنة الأولى للفن التشكيلي في الكويت، حيث شارك المعرض الجماعي في سيتنيل غاليري بلندن عام 1956، ثم شارك في معرض الربيع الأول في الكويت عام 1958.ـ يتكئ الياقوت على ثقافة شرقية أصيلة منحته القدرة على التأمل والبحث عن الجمال والأسرار المكنونة، مكتسباً صفات القوة والحزم والمثابرة، تميز بغزارة الإنتاج مجسداً رؤاه الشخصية عبر أعمال فنية بلغة تأثيرية انطباعية.لمحة عن الراحلولد عام 1934 في فريج سعود بحي القبلة، درس بالمدرسة المباركية ثم استكمل تعليمه في كلية تشلسي البريطانية، حيث تخصص في مجال الهندسة، وعمل بعد تخرجه أستاذا في الكلية الصناعية بالكويت مدة عامين، وانتقل الى لندن كمساعد لمدير المكتب الثقافي عام 1960، ودرس الرسم في مدرسة الفنون المرئية في مدينة سالزبروغ في النمسا، وتتلمذ على يد الفنان التشكيلي أوسكار كوكوشكا.التحق بالعمل الدبلوماسي في سفارة دولة الكويت لدى المملكة المتحدة عام 1962 وحتى 1964، كما عمل سفيرا في كل من الإمارات وباكستان وإيطاليا وغيرها.فنان رائدومن جانبه، أكد رئيس الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية عبدالرسول سلمان أن الفنان الراحل يعتبر من المؤسسين لحركة التشكيل في الكويت منذ أواخر الخمسينيات، مشيرا إلى أن الياقوت يعد أيضاً من الأوائل الذين ابتعثوا إلى الخارج للدراسة، والتحق في السلك الدبلوماسي منذ بداية الستينيات من القرن الفائت، لم يفصله العمل الدبلوماسي عن الفن، مقدماً أعمالاً كثيرة ساهمت في تطوير الفن التشكيلي في الكويت، مستفيداً من كثرة تنقلاته بين قارات العالم، مشيراً الى أن روما تعد المكان الأكثر تأثيراً في اسلوبية الفنان وتكنيكه.كما أكد سلمان أن الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية تضع ضمن خطتها الاهتمام بالمؤسسين والرواد عرفاناً بدورهم، مشيراً الى أنه سيتم تنظيم أمسية ومعرض في الفترة المقبلة لهذا الفنان الكبير كلمسة وفاء لما قدمه الراحل من جهد في تطوير التشكيل. واستطرد سلمان في الحديث عن تأثير المكان على الفنان مؤكداً أن الراحل تأثر كثيراً بالطبيعة الايطالية مصوراً بعض المناظر ضمن إطار لوحاته، مضيفاً: "استطاع الراحل الانخراط ضمن دورات تدريبية يشرف عليها كبار الفنانين في أوروبا، مستفيداً من هذه الحصص التأهيلية في إثراء تجربته الشخصية مجسداً هذه المكتسبات عبر لوحات فنية منفتحة على مناظر جديدة وبيئات أخرى".وفي حديث عن علاقته بالفنان الراحل تحدث سلمان عن بداية العلاقة في الثمانينيات من القرن الفائت، حينما كان الراحل سفيراً للكويت في دولة الإمارات العربية، مشيراً إلى جهده في نجاح معرض جماعة أصدقاء الفن التشكيلي الأول الذي أقيم في مدينة أبوظبي، وكان لهذه المساهمة الاثر الكبير في إنطلاقة هذه المجموعة الفنية خليجياً وعربياً.وأضاف: "هذه الفعالية الفنية كانت بداية التعرف على الراحل الذي يتميز بتواضع شديد وحس فني مرهف، وانطلقت رحلة التواصل الفني والإنساني، إذ كنت أحرص على متابعة معارضه الفنية في الكويت، وكان الراحل يؤمن بالصداقة ويقدسها فهو من المخلصين لأصدقائه، وكان يزور الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية بين الحين والآخر، ويحرص على مناقشة الفنانين التشكيليين بشأن مراحل الحركة التشكيلية وقضاياها وهمومها، مروراً بثورة الانطباعيين والمدارس التي ظهرت مع بداية القرن العشرين، يؤمن أن العمل الفني يجب أن يكون مختلفاً عن الصورة الفوتوغرافية".وتابع: "كما قمت بتقديم حلقة في برنامج "آفاق الفن" الذي كنت أعده وأقدمه عن أحد معارض الفنان الشخصية وتناولت مسيرته الفنية ومشواره مع التشكيل".بيئة كويتيةوعن نتاجه الفني يصف سلمان أعمال الراحل: "تأثر الراحل بالطبيعة الإيطالية نظراً الى طول فترة إقامته في هذا البلد، مجسداً الطبيعة الإيطالية ومناظر البيئة التي يعيش فيها، كانت أعماله تتقاطع مع التأثيرية والانطباعية من خلال إحساس عال باللون ومشاعر متدفقة للنقل عبر تكوينات لونية متجانسة في لوحاته، كما لم ينفصل الياقوت عن بيئته الأم مجسدا البيئة الكويتية ضمن لوحاته معبراً عن هموم مجتمعه". واضاف: "يذكرني الراحل بالفنانين المستشرقين فهو قام بالدور ذاته لكن في الدول الأوروبية التي عاش فيها، متخلصا من التقيد من موضوع معين أو اسلوب بحد ذاته، معتبرا أن اللوحة لا تترجم ومن هذا المنطلق كان يجسد أعماله التي تصور الواقع في أوروبا أو واقع المنطقة العربية".
توابل
قاسم عمر الياقوت... ثقافة متنوعة ورؤى بلا حدود
04-05-2010