تقرير «العرب وتحديات التنمية» الذي أعدته الجامعة العربية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كشف عن الحالة المريعة التي تعيشها الشعوب العربية، حيث يعيش أكثر من 140 مليون مواطن عربي تحت أقسى خطوط الفقر، وهذا يعني أن 40% من العرب فقراء معدمون، والبقية الباقية فقراء في طريقهم للوصول إلى حالة «العدم».
وقد حمل التقرير العديد من المعلومات المضحكة المبكية، ومن أبرزها أن الدول العربية يجب أن تعمل بأقصى طاقتها لتأمين 51 مليون فرصة عمل ليس من أجل القضاء على البطالة أو التخفيف من حدتها، بل من أجل الحفاظ على معدلها المرعب الذي يعتبر- بلا فخر- الأعلى في العالم! وليس ثمة حالة أكثر رداءة من أن تعمل بكل طاقتك للحفاظ على المركز الأخير لأن كل المؤشرات تقول إنك سوف تتردى أكثر وأكثر.وقد أشار التقرير إلى أهمية التوزيع العادل للثروات في الدول العربية، وهنا مربط الفرس بل حديقة كل الحيوانات الأليفة والمفترسة، فقائمة أثرى أثرياء العالم لا يمكن أن تخلو من العرب، وقائمة أغلى القصور واليخوت والطائرات مزدحمة بالأسماء العربية، وحتى الحفلات الصاخبة والمزادات الأسطورية غالبا ما يكون نجومها الذين أهدروا الملايين في لحظة خاطفة هم من بني يعرب!يندر أن تذهب الى مدينة سياحية دون أن تسمع قصصا خيالية لبذخ الشخصيات العربية، لقد تحول الأمر إلى ما يشبه الفلوكلور، بل إن بعض المدن السياحية العالمية أصبحت تهتم اليوم بما يمكن أن نسميه «سياحة المرافقين»، حيث يجلب الثري العربي عددا كبيرا من المرافقين الذين يتركهم يتجولون في المدينة ليل نهار، ومع كل دولار يلقي به المرافق في دوائر اللهو والعبث يدخل اسم مواطن عربي جديد تحت أقسى خطوط الفقر!الثروات التي يملكها العالم العربي تجعل حالة الفقر التي يعيشها المواطنون العرب فضيحة تاريخية، والبذخ الكبير الذي يصاحب المناسبات الرسمية والخاصة يوحي بأن العرب يملكون الكثير من الأموال الزائدة التي كان بإمكانها التخفيف من الحالة الكارثية التي يعيشها المواطنون القابعون تحت أقسى خطوط الفقر.معركة العرب الحقيقية ليست مع أعدائهم التاريخيين، بل مع قوى الفساد وعصابات السلب والنهب، فالشعوب العربية طردت الاستعمار الأجنبي لتجد نفسها ضحية لصوص كبار، وكما قال البردوني: (فمن مستعمر «غازي» إلى مستعمر وطني)!* كاتب سعودي
مقالات
أمة على الحديدة!
23-12-2009