قال الباحث في اقتصادات الطاقة د. مشعل السمحان إن قطاع النفط الكويتي يعاني مشاكل، وإنه في حاجة ماسة إلى تطبيق منهجية جديدة لكي يستطيع انجاز استراتيجية 2030، مشيرا إلى أنه يمكن تقييم وضع القطاع من خلال ثلاثة تحديات، هي إمكانية الوصول إلى القدرة على انتاج 4 ملايين برميل قبل 2020، والتمكن من إنتاج أكثر من 3 مليارات قدم مكعبة من الغاز الحر قبل 2015 وإيجاد آلية واضحة للتعامل مع النفط الثقيل في 2018.
وأوضح السمحان في حوار مع «الجريدة» أن عملية الشد والجذب السياسية بين مجلس الأمة والحكومات السابقة، هي التي عطلت هذه المشاريع، مؤكداً أنه، وبتتبع بسيط لأحداث كل المشاريع المعطلة، يتضح فقدان الشفافية المطلوبة مما أدى إلى زيادة جو الشحن السياسي، وإعانة من كان له أجندة خاصة على تفعيلها وحبس أنفاس تلك المشاريع المهمة.واضاف أن الكويت لا تزال استثماراتها في قطاع البتروكيماويات بعيدة عن الطموح وقليلة مقارنة بإجمالي الاستثمارات، موضحاً ان ابتعاد القطاع الخاص عن الاستثمارات الكبيرة في هذا القطاع ساهم في تراجع حصة الكويت العالمية من هذه الصناعة. واليكم التفاصيل• في ظل الاوضاع التي يمر بها القطاع النفطي في الكويت والذي يصفه البعض بأنه متأخر كيف ترى مستقبل القطاع النفطي؟قال العرب قديما "لكل مقام مقال" وقالوا كذلك "لكل زمان دولة ورجال" ويستخلص من هاتين المقولتين أهمية تناسب المحيط العام مع التغير المطلوب، والا لكان قرار تأميم الشركات النفطية في الكويت قبل اربعة عقود قرار سيئ ومدمر وفيه تحجيم للقطاع الخاص، الا أن ظروف هذا القرار أتت ناجحة ومهمة للمحافظة على ثروات البلاد في ذلك الوقت.لا افشي سرا اذا ما قلت ان قطاع النفط الكويتي يعاني مشاكل وانه في حاجة ماسة الى تطبيق منهجية جديدة لكي يستطيع انجاز استراتيجية 2030 والتي اقرت حديثا من قبل مؤسسة البترول الكويتية، لذلك يتطلب الزمان الابتعاد عن المحسوبياتوتطوير ادارة اتخاذ القرار في القطاع. ويمكن تقييم وضع القطاع من خلال ثلاثة تحديات في اعتقادي، وهي امكانية الوصول الى قدرة انتاج 4 ملايين برميل قبل 2020، والتمكن من انتاج اكثر من 3 مليارات قدم مكعبة من الغاز الحر قبل 2015 وايجاد آلية واضحة للتعامل من النفط الثقيل في 2018.ولتحسين اداء القطاع النفطي يجب تفعيل وتطبيق الشفافية بشكل اوسع وبمسؤولية وفي هذا خطوة مهمة لسحب بساط المشاكل السياسية والمخاوف مما سيدخل الثروة النفطية للقفص السياسي، في وقتنا هذا الحماس السياسي غير المدروس هو اقرب الى التعطيل منه الى الاصلاح، وان كان المقصود المحافظة على الثروة النفطية وحسن استغلالها، وفيه استيراد للنموذج النيجيري. وقد يثير البعض أن عملية الشد والجذب السياسية بين مجلس الأمة والحكومات السابقة، هي التي عطلت هذه المشاريع، لكن وبتتبع بسيط لأحداث كل من المشاريع المعطلة، نجد أن فقدان الشفافية المطلوبة أدى إلى إذكاء جو الشحن السياسي، وأعان من كان له أجندة خاصة على تفعيلها وحبس أنفاس تلك المشاريع المهمة. • ماهو وضع صناعة البتروكيماويات في الكويت وهل تأثرت من تأخر أو إلغاء المصفاة الرابعة؟الصناعات البتروكيماوية خصبة وواعدة، ولها اهمية في تنويع مصادر الدخل لبلدان تعتمد اعتمادا شبه كلي على صادراتها من النفط الخام كالكويت، إذ إن معظم المنتجات البتروكيماوية الموجودة حالياً في العالم تتفرع من المواد الأساسية والتي يمكن استخراجها وإنتاجها سواء من الغاز أو النفط الخام.في الكويت لا تزال الاستثمارات في هذا القطاع بعيدة عن الطموح وقليلة مقارنة بإجمالي الاستثمارات، وايضا ابتعاد القطاع الخاص عن الاستثمارات الكبيرة في هذا القطاع عندنا في الكويت ساهم في تراجع حصة الكويت العالمية من هذه الصناعة،وهناك دور حكومي يجب ان يفعل لإقناع القطاع الخاص بالاستثمار في البتروكيماويات وتقليل معامل المخاطرة لتمكن مجاميع المستثمرين من تحقيق ارباح مجزية ومحفزة. وفي الاشهر القليلة الماضية جاءت وعود كثيرة من الحكومة باتخاذ خطوات عملية لدعم القطاع الخاص في هذه الصناعة واتمنى شخصيا تحول الاقوال الى افعال بسبب ان التوسع فى مشاريع البتروكيماويات محليا بات امرا ضرورياوحيويا للكويت بعد ان لمس الاقتصاد الكويتي مساهمة هذا التنوع المطلوب والتي بلغت في فترات سابقة حوالي 2 في المئة، والأهمية الأخرى للتوسع في هذا القطاع خلق وظائف وتنمية خبرات، مثال ذلك هو شراكة PIC مع الشركة الأجنبية ساهم فى تطوير الخبرات الكويتية وخلق فرص تدريبية للأيدي الكويتية عملت على صقلها وجعلها على مقاييس عالمية.نمو البتروكيماويات• ما هي توقعاتكم لأسواق البتروكيماويات عام 2011/2010؟النمو الذى حدث بصناعة البتروكيماويات نمو غير مسبوق على مستوى العالم خصوصا في الـ10 سنوات الماضية، ورغم الازمة التي عطلت الكثير من الصناعات فإن نمو البتروكيماويات قد عاود من جديد. وانتاج دول الخليج من البتروكيماويات يمثل حاليا 12 في المئة من الاجمالي العالمي، ومن المتوقع في 2020 ان يتجاوز الـ40 في المئة من اجمالي الانتاج العالمي وهذا نمو غير مسبوق لم يحدث في أي صناعة اخرى في العالم.لكن لكل فعل ردة فعل، فالدول الصناعية الكبرى تراقب هذا التوسع في منطقتناوتخشى من سيطرة دول الخليج في المستقبل القريب على هذا النوع من الصناعة. لذلك تجد مؤشرات على هذا التخوف، فمخاوف الأوروبيين من قوة قطاع البتروكيماويات الخليجي ساهمت في تعطيل محادثات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي. وقد أوقف مجلس التعاون الخليجي محادثات التجارة اكثر من مرة مع الجانب الأوروبي بسبب عدم وضوح المتطلبات الاوروبية والتي في اعتقادي تتغير وتتشدد كلما زادت الامكانيات في منطقة الخليج.• هل سياسة المؤسسة للاستثمارات النفطية خارج الكويت هي الامثل حاليا وما التحديات المرتبطة؟التوجهات الجديدة في مؤسسة البترول الكويتية للوجود خارج الحدود الكويتية يمكن قراءتها وذلك على صدى توقيع اتفاقات ودراسات لإنشاء مصانع او مصافٍ كما هو الحال في الصين وفيتنام. ويعتبر هذا الانفتاح توجها اقتصاديا جديدا لقطاعنا النفطي باعتبار أن هذه المنشآت المزمع قيامها ستكون خارج دولة الكويت وغير مملوكة بالكامل للكويت ولا توجد حتى الآن معلومات عن نسبة الشراكة بصورة اكيدة، وقد كانت معظم الاستثمارات السابقة للمؤسسة والشركات التابعة اما شراكة داخل الكويت أو تملك كامل خارج الكويت، ولهذا نرى ان هناك اسئلة اقتصادية عالقة. ومن أهم هذه الاسئلة ما هو مدى الرقابة داخل هذه الشركات باعتبار الدول المستثمر فيها يختلف نظمها الرقابي عن تلك المتبعة لدى المؤسسة او في بلدنا بصورة عامة، وغالبا ما ينتج عن هذه الاختلافات أزمات مالية تضر بالشركة والشراكة هذا من جانب، أما من جانب آخر فهو ما مدى الاستفادة في تطوير الخبرات الكويتية التقني منها والاداري في مشروعين بقيمة 7 مليارات دولار فإن كان حجم الاستفادة لا يتعدى 200 – 300 موظف فباعتقادي أنه رقم صغير جدا مقارنة بحجم الاستثمار، ويعتبر قصورا صريحا في هذا الاستثمار لاننا لم نستوعب درس الماضي، وهناك أيضا الكثير من الاسئلة المطروحة تأتي بنفس صيغ الاستفسار لا النقد، وقد يكون سبب وجود هذ التساؤلات هو غياب وضوح ملامح الاتفاقات المبرمة وبعض التفصيلات التي يجب الافصاح عنها كي يتبين مدى نجاح هذه الخطوة خاصة أن الهيئة العامة للاستثمار في الكويت والتي منوط دورها بالاستثمارات المباشرة من أجل تحقيق عوائد ربحية، وعليه يلزم توضيح ماهية الاتفاقات المبرمة وأوجه الاختلاف بينها وبين عقود الهيئة العامة للاستثمار.مصدر آخر للدخل الوطني• تتجه بعض دول الخليج الى عدم اعتمادها في نموها الاقتصادي على النفط برأيك ماذا قدمت الكويت للتخلص او التقليل من اعتمادها على المورد الناضب؟بكل صراحة يجب علينا اليوم ان نواجه انفسنا بأسئلة تحدد حجم نجاحاتنا ومن أهم هذه الأسئلة، هل نجحت الكويت وبعد 75 عاما من انتاج النفط في إيجاد مصدر آخر لدعم الدخل الوطني؟وحتى يومنا هذا لا توجد خطة ملموسة وواضحة تحدد آلية تنويع مصادر الدخلوكم النسبة المتوقعة في 2020 و2030. اعلم جيدا انه لا يوجد مسؤول حكومي يستطيع ان يجيب عن هذه التساؤلات بالأرقام حتى الدكتور عادل الوقيان امين المجلس الاعلى للتخطيط. ومساهمت إنتاج البتروكيماويات في دول المجلس بتصاعد لتعويض النقص الناجم عن تخلي دول في اوروبا واميركا عن التوسع في هذه الصناعة لاسباب اقتصادية بحتة، قد يكون خطوة في الاتجاه الصحيح وان كان ضمن منظومة القطاع النفطيوقد بلغ إجمالي الاستثمارات في هذا القطاع حوالي 50 مليار دولار خلال الخمس سنوات الماضية وشكل ذلك نسبة كبيرة من استثمارات المنطقة في قطاع الصناعة.• ذكرت في إحدى مقالتك ان القطاع النفطي في الكويت سيعيش مرحلة جديدة بسبب زيادة كلفة انتاج النفط ودخول عصر انتاج النفط الثقيل ووجود كميات كبيرة من المياه المصاحبة لانتاج النفط، برأيك ما هو المطلوب لمواجهة هذه الامور؟أن تكلفة انتاج البرميل الكويتي ستكون أعلى مما كانت عليه، وذلك يعود الى التحول من انتاج الطرق التقليدية الى طرق تحسين الاداء والتي تتطلب تكلفة اضافية، وكذلك الحاجة للتعامل مع المياه المصاحبة والتي هي تجاوزت الـ50 في المئة مما كانت عليه في بعض الابار، ولكن شكرا لأسعار السوق النفطية الحالية التي تعالج أمر التكلفة بكل كرم، الا ان الجانب الاقتصادي الآني لهذا الأمر ليس كل شيء، لاسيما ونحن نتحدث عن الثروة الطبيعية الأولى في هذا البلد. اما بالنسبة الى النفط الثقيل فهو حاليا لا يشكل معضلة بسبب كمياته القليلة لكن التخطيط الاستراتيجي للتعامل مع هذا النوع من النفوط امر لا مناص منه لأن كمية انتاج النفط الثقيل ستتضاعف مع حلول 2025. ان الإنتاج في الكويت يجب أن يكون دائما وأبدا مصحوبا بثقافة "الاستدامة " وعدم الاستعجال والاستنزاف الذي يؤدي في المستقبل الى الندامة، هذه الثقافة تحتم على المسؤولين دعم البحث وتطبيق تقنيات جديدة تحافظ على الآبار المنتجة وتكون ذات جدوى اقتصادية من دون الاضرار بقدراتها الانتاجية. ولذلك نكرر ان استراتيجية الإنتاج يجب الا يحكمها عامل التسرع من اجل الوفاء بوعود المسؤولين.تحدٍّ امام العبدالله• اختزلت في احدى المقالات حلول مشاكل القطاع النفطي بوجود وزير نفط متميز، هل الوزير برأيك هو العائق لتطور القطاع ام وجود خلل في السياسات المرسومة او غير المطبقة من قبل المجلس الاعلى للبترول؟لن نتحدث عن الأمس، نحن اليوم في مواجهة خطة جديدة صادقت عليها المؤسسة مؤخرا تمتد الى 2030 على الوزير ان يكون حذرا جدا فبمصادقته على هذه الخطة يكون هو من رسم السياسة، وهو كذلك من سيختار رئيسا تنفيذيا للمؤسسة في الشهر القادم فاليوم التحدي اكبر امام الوزير احمد العبدالله فهو من بيده جميع الخيوط لتعديل وضع القطاع النفطي الكويتي.أما على الصعيد العالمي فحنكة وقدرات الوزير لا يمكن مقايضتها بأي شيء آخر في هذه المرحلة الصعبة التي يعيشها الاقتصاد العالمي وأسعار الطاقة المتذبذبة، قطعا ستكون الخيارات متعددة والمخارج متفاوتة بنسب نجاحها، ومهما كانت قدرات قياديي القطاع فإن قرارات الوزير ستكون يد المشرط في العمليات المستقبلية فمتى ما كانت هذه اليد ذات حرفية وقدرات جاء مشرط القرارات دقيقا وموفقا ونجحت العمليات. المرحلة القادمة جدا مهمة ليست على الكويت فقط ولكن على معظم دول النفط التي يرتبط اقتصادها مباشرة بقوة واستقرار القطاع النفطي فيها، فمن الحرص والحصافة أن تكون اليوم اختيارات الوزير موسومة بخاتم "من أجل الكويت" وليس أي خاتم آخر.مواصفات السوق النفطي على المدى القصيرقال السمحان إن وصول اسعار الطاقة الى معدلات قياسية هو مؤشر وفي نفس الوقت عامل من عومل الدخول في مرحلة جديدة تغيرت فيها الهيكلة العامة للسوق، وهناك عامل آخر هو التوزيع الجغرافي مع دخول الأسواق الآسيوية بقوة متمثلة في الطلب الهندي والصيني للطاقة، إذ تحولت الصين من مكتفٍ ذاتي الى مستوردومخزن للنفط في العقد الماضي، آخذين بالاعتبار توقعات استمرار زيادة الطلب الآسيوي في السنوات المقبلة. واشار الى انه بالإضافة الى الأسعار وجغرافية السوق هناك عامل ثالث وهو اقتصاديات السوق المتمثلة في انفكاك هيمنة الدول الصناعية الكبرى على السوق النفطي "سياسيا" ودخوله في منحنى السلعي أكثر أي ان العرض والطلب يصبحان هما المحرك الرئيسي للسعر. لذلك اتمنى أن يكون الطرح ايجابيا بسبب تغير المعطيات "الطاقوية"، وسبب ان النظرة التشاؤمية اصبحت هي السائدة وتعزيزها هو الأسهل يعود الى أن التفاؤل يحتاج الى عمل أكبر ووضع خطط استراتيجية قابلة للتطبيق من أجل تحقيق الاهداف. وقال بالنسبة الى الكويت فهذه العوامل الجديدة جديرة بأن يكون لها وعي اعمق وكذلك لماهية السوق وتقلباته في السنوات القادمة وعلى الأقل حتى عام 2030 تماشيا مع خطة التنمية. لذلك نحن لا نستطيع تحميل حكوماتنا مسؤولية التقصير الا اذا كان اختيار المسؤولين على القطاع تم بطريقة المحاصصة والمحسوبية.كوتات:* ابتعاد القطاع الخاص عن الاستثمارات الكبيرة في البتروكيماويات ساهم في تراجع حصة الكويت العالمية* إنتاج دول الخليج من البتروكيماويات 12% من الإجمالي العالمي ومتوقع أن يتجاوز الـ40% في 2020* قوة قطاع البتروكيماويات الخليجي ساعدت في تعطيل محادثات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي* ما مدى الاستفادة من تطوير الخبرات الكويتية في مشروعين بقيمة 7 مليارات دولار وحجم الاستفادة لا يتعدى 300 عامل؟* أخشى أن تتبع الكويت "النموذج النيجيري" للحماس السياسي غير المدروس الذي هو أقرب إلى التعطيل منه إلى الإصلاح في النفط
اقتصاد
النفط والطاقة: السمحان لـ الجريدة•: استراتيجية الإنتاج النفطي يجب ألا يحكمها عامل التسرع من أجل الوفاء بوعود المسؤولين
03-08-2010