إن العديد من القوانين التي اعتبرتها «حدس» إنجازا لها كانت بفضل تحالفها مع الحكومة والتحالف الوطني الإسلامي، وكل مطّلع يعرف دور الأمير الوالد المغفور له الشيخ سعد العبدالله في إقرار قانون منع الاختلاط.

Ad

بدأ الإخوان المسلمون الكويتيون (حدس)، بعد ما حل بهم في انتخابات 2009 من فاجعة خروجهم المدوي من «المولد بلاحمص»، يبحثون عن أوراق جديدة يلعبون بها، فلا مانع لديهم حتى لو كانت بعض هذه الأوراق خطرة وتتعلق بالوحدة الوطنية، وحتى لو كانت مضاعفاتها تمس السلم الأهلي.

فمقالة أحد أهم قياداتهم النائب السابق والسياسي المخضرم مبارك الدويلة الأخيرة بعنوان «هل ركب الليبرالي الحصان الشيعي» فيها تلميح وغمز ولمز لتحالف التيار المدني الوطني الذي أسماه بــ«الليبرالي» مع النواب الشيعة بهدف استثارة غير مباشرة لعصبية الجمهور السني على خلفية نجاح النائبة د. رولا دشتي بأغلبية الأصوات لعضوية اللجنة البرلمانية المؤقتة المسماة «لجنة الظواهر السلبية».

تحليل الدويلة للحدث ليس له أي أساس منطقي، إذ إن من سيعطي رولا دشتي صوته من النواب والوزراء، سنيا كان أم شيعيا، لن يجد ما يمنعه من إعطاء هذا الصوت لأي نائب آخر يمثل الفكر المدني، كما أن تحليل أو قراءة الدويلة هدمت من أساسها عندما ذكر النائب السابق د. محمد العبدالجادر على أنه عضو حالي في المجلس، في خطأ شنيع من رجل بمكانة واطلاع مبارك الدويلة!

إذن فإن غرض المقالة في مجملها كان، كما أسلفت، الإثارة وربط الطائفة الشيعية بالتيار المدني، وهو الأمر الذي يفتخر به كل أبناء هذا التيار ومن يحمل فكره القائم أساساً على المساواة في المواطنة والعدالة في الحقوق للجميع وعدم خلط القضايا الطائفية والمذهبية بالسياسة، وإن كانت حقيقة الوضع الحالي في التركيبة البرلمانية لا تقول إن أداء وفكر وتوجهات النواب الشيعة جميعا متفقه على نهج واحد، فالنواب عدنان عبدالصمد والسيد حسين القلاف ود.رولا دشتي على سبيل المثال لا يتفقون على توجه واحد، ولا يعملون ككتلة متضامنة في اتجاه دعم التيار المدني.

كما أن «حدس» في عملها السياسي كانت دائما على تحالف مع الشيعة عندما كان التحالف الوطني الإسلامي يمسك بأغلبية تمثيلهم، وكان ذلك واضحا عند إقرار قانون منع الاختلاط في مجلس 1992 حين كان النائب السابق د.ناصر صرخوه يترأس اللجنة التعليمية، وتنسيق «حدس» المستمر مع النائب عدنان عبدالصمد في عدة قضايا وقوانين على مدى العشرين سنة الماضية، كان آخرها تنسيقهم ومشاركتهم في الداخل والخارج مع القوى الشيعية لمناصرة ودعم «حماس» الفلسطينية، وهو ما يستشف كذلك بوضوح من مرشدهم العام مهدي عاكف الذي رفع الجمهورية الإسلامية ومرشد الثورة الإيرانية إلى السماء بالمديح والثناء عليهما وعلى سياسة طهران.

كما أن العديد من القوانين التي اعتبرتها «حدس» إنجازا لها كانت بفضل تحالفها مع الحكومة، وكل مطّلع يعرف دور الأمير الوالد المغفور له الشيخ سعد العبدالله في إقرار قانون منع الاختلاط.

لذا فإن محاولات «الحدسيين» ضرب الآخر والنيل منه بنسج تحالفاته مع قوى سياسية معينة تارة ومع الحكومة تارة أخرى، تدل على أنهم مازالوا تحت صدمة نتائج الانتخابات، ولم يستعيدوا بعد توازنهم، لذلك فهم يتخبطون بأساليب مكشوفة، يعتقدون أنها يمكن أن تنطلي على الناس الذين خبروا وعرفوا طبيعة أدائهم وألاعيبهم السياسية عندما يخاصمون أو يتحالفون على مدى الثلاثين عاما الماضية، لذا فإن اللعب على وتر العصب الطائفي خطر يا سيد مبارك الدويلة ومضر ببلدك وشعبك!