خذ وخل: جسد مجلة للراشدين فقط! (1-2)


نشر في 15-07-2009
آخر تحديث 15-07-2009 | 00:01
 سليمان الفهد لعلني من أوائل الكتاب الذين طالبوا بتدريس التربية الجنسية في المدارس الثانوية «للجنسين»، حيث دبجت مقالة في نهاية الخمسينيات وسمتها بعنوان: «نحو ثقافة جنسية إسلامية!» والمهم هنا أن نشر الموضوع لم يفضِ إلى إهدار دمي، ولا محاسبتي بأي صيغة كانت!

أحسبني لست في حاجة إلى التدليل على أن أعضاء الجسد الحميمة «للجنسين» هي الأكثر شيوعاً في أحاديث حياتنا اليومية، كما تتبدّى في الشتائم «الأبيحة» المتبادلة، والنكات المتواترة الحاضرة على شاشة الموبايل عبر «المسجات»، وما إلى ذلك من أشكال الحضور والتجلي لشاغل الدنيا اليعربية وحديث ناسها! بالاعتذار لعمنا «أبوالطيب المتنبي»!

في سنة من السنين جلب الصديق الشاعر الأديب الدكتور «يعقوب يوسف الغنيم» من تونس العاصمة، مصنفاً أدبياً تراثياً له العجب اسمه «الروض العاطر» للشيخ النفزاوي، كان ذلك في مطلع السبعينيات، وفي غضون أيام قليلة كان الكتاب حديث الأوساط الثقافية، فضلا عن القرّاء الغاوين قراءة المؤلفات المكرسة للحديث عن الجنس.

وفي أيام المراهقة الأولى، كنا نتبادل خلسة كتاب «رجوع الشيخ إلى صباه»، والذي كان خير «صوغة» وهدية يجلبها المسافر الشاب إلى أقرانه المراهقين الشباب والشياب سواء! دع عنك قصائد أبي نواس، وكتاب ألف ليلة وليلة وروايات «إحسان عبدالقدوس»، وغيرها من مصنفات إبداعية تتمحور حول الممنوع المرغوب: الجنس وما غيره.

وفي دروس الدين في المرحلة الابتدائية، كان العم المعلم الشيخ «محمد الشايجي» أول من سمعنا منه حصة «التربية الجنسية» في سياق حديثه عن فقه الطهارة والختان والنكاح (الزواج)، وغير ذلك من معلومات يطرحها بشفافية بمنأى عن المواربة التي يفرضها الحياء، بدعوى أن لا حياء في الدين، فكان العم «أبو يوسف» يسمّي الأشياء بأسمائها من دون حرج، ولعلني من أوائل الكتّاب الذين طالبوا بتدريس التربية الجنسية في المدارس الثانوية «للجنسين»، حيث دبجت مقالة في مجلة «صوت الكويت» التي كان يصدرها الطلبة الكويتيون المبعوثون للدراسة بدار المعلمين في دمشق (1958- 1961)، وعاودت نشر الموضوع ذاته في النصف الثاني من عقد الستينيات بمجلة «الرائد»، التي تصدرها جمعية المعلمين الكويتية إبان ولاية أستاذي «خالد المسعود الفهيد»، رحمه الله. وأذكر أني وسمت المقالة بعنوان «نحو ثقافة جنسية إسلامية!»، والمهم في كل هذه الهذرة أن نشر الموضوع لم يفضِ إلى إهدار دمي، ولا محاسبتي بأي صيغة كانت!

نعم كان ثمة رفض لفكرة تدريس الجنس بدعوى «عاداتنا وتقاليدنا» التي نتعلل بها كلما شاء البعض وأد فكرة نيرة تتوسل المعرفة والثقافة، واقتحام فضاء الممنوعات لدواعي الحشمة والمعجونة بالنفاق الاجتماعي!

تداعت هذه الخواطر وغيرها، وأنا أطالع العدد الأول من مجلة «جسد» أول مجلة ثقافية فصلية متخصصة في آداب الجسد وعلومه وفنونه، الصادرة في بيروت مطلع العام الحالي، وهكذا وجدتني حال وصولي إلى بيروت أهرع إلى «دار المعرّي» بشارع مقدس بـ»الحمراء»، ملثّماً بكوفية الخشية من أن أضبط متلبّساً بحيازة المجلة الممنوعة من دخول جُل البلاد العربية، إن لم يكُن كلها، وراع مولى المكتبة أن يشاهد العبد لله، كما أبناء الرجال الزرق أبناء قبيلة الطوارق المغربية، ملت عليه هامساً، بعد أن تيقنت أن لا أحد يراقبني، فطلبت عدة نسخ من العدد الأول.

لم يرُق تنكري وتلثُمي لصاحبنا مالك المكتبة ومديرها لأن المسألة «مش حرزانة» هذه «الحركات القرعة»، لكون المجلة تباع جهاراً نهاراً رغم أنف «مكتوبجي» حضرة الرقيب العتيد الراغب في وأد المجلة في مهدها! لأن منع المجلة من التداول عربيا، أدى إلى شيوعها وانتشارها، كما هي العادة، إلى حد أن الناشر الراغب في ترويج إصداراته يتمنى لها المصادرة! ومنذ أيام قليلة صدر العدد الثالث، وقد فوجئت بنفاد الكمية المخصصة لـ»عالية وبحمدون وحمانا»، وغيرها من حواضر السياحة والاصطياف في جبل لبنان.

back to top