هبَّت رياح الموسوي

نشر في 25-06-2009
آخر تحديث 25-06-2009 | 00:00
 صالح القلاب شيء طبيعي وأمرٌ عادي أن تبقى هذه المنطقة على أعصابها، وأن تتابع متابعة دقيقة ولحظة بلحظة وقائع وتطورات هذه الزلازل العنيفة التي تضرب إيران، فهذه الدولة شاء بعض العرب أم أبى دولة رئيسية في هذا الإقليم الشرق أوسطي كله، ويؤثر كل ما يجري فيها تأثيراً مباشراً في كل دولة من دوله سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً... وكل شيء.

ساد اعتقاد، عندما بدأت مقـدمات الثورة الإيرانية في نهايات سبعينيات القرن الماضي لدى المصابين بقصر النظر، والذين لا ينظرون إلى الأمور التي بهذا الحجم، وعلى هذا المستوى، النظرة الثاقبة التي تستحقها، بأن مظاهرات "قُم" التي كانت بداية ذلك الزلزال الذي هز إيران والمنطقة والعالم كله هي مجرد ألاعيب أطفال، ومجرد زمر مأجورة، وأن نظام الشاه محمد رضا بهلوي راسخ رسوخ الجبال، وتحميه أجهزة "السافاك" بكل سطوتها، ويحميه جنرالات الجيش الذين يحظون بامتيازات لا يمكن أن يفرطوا فيها.

لكن ما ان انتقلت شرارة "قُم" إلى طهران وكل المدن والقرى الإيرانية، وما ان أصبحت قيادة الشارع الإيراني لأشْرِطةِ المسجلات التي كان يبعث بها الإمام الخميني من منفاه في النجف الأشرف ثم في باريس، حتى اضطر المشككون إلى "فرك" عيونهم بقوة ليروا الحقائق كما هي، وليتأكدوا من أن ثورة هائلة باتت تقف على الأبواب، وأن هذه الثورة ستكون لها انعكاساتها في كل الدول المجاورة بل وحتى في دول ما وراء المحيطات البعيدة.

كان أحد الأشرطة، التي ساهمت في تأجيج الثورة، والتي كان انتقالها ما ان تصل إلى إيران بسرعة الضوء إلى كل المدن والقرى الإيرانية، يتضمن حِداءً لزجَّال فلسطيني من لبنان يقول: "هبَّت رياح الخميني... وكان يا ما كان"، والآن يمكن القول: هبَّت رياح الموسوي، وحقيقة أن كل ما شهدته هذه المنطقة، إن في هيئة حزب الله وإن في هيئة كل التنظيمات "الراديكالية" الأخرى، هو نتيجة هبوب رياح الخميني ونتيجة ارتدادات زلزال ثورته.

الآن يجري الشيء نفسه فهناك من يصر على النظر إلى كل هذا الذي يجري في إيران من زاوية عين حولاء ترفض أن ترى إلا ما تريد رؤيته، والدليل هو أن الأيام التي أعقبت إعلان نتائج صناديق اقتراع الانتخابات الأخيرة قد أكدت أن هذا البلد الذي هو بلد التحولات التاريخية قد دخل مساراً جديداً، وان واقعاً جديداً سيحل مكان الواقع السابق سواءً كان مجرد تصحيح لهذا الواقع السابق أو ثورة بديلة للثورة السابقة.

يجب ألا تؤخذ الأمور على أساس ما يراه أصحاب العيون الحولاء، وحسب التقديرات السطحية الذين يواصلون القول حتى الآن إن هذا مجرد ألاعيب أطفال ومجرد أفعال عملاء المخابرات الأميركية والإسرائيلية والبريطانية، وانه غمامة صيف ستنقشع خلال أيام قليلة، وان هذه التظاهرات لا عمق لها، وان محمود أحمدي نجاد سيخرج منتصراً من هذه الحالة المريضة العابرة وأقوى قوة من قبل.

كاتب وسياسي أردني

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top