كثر اللغط في مشروع المصفاة الجديدة (الرابعة) التي تم إلغاء خطاب النوايا مع الشركات التي فازت بمناقصتها بداية العام الماضي، واليوم نقرأ تصريحات متضاربة بين مؤسسة البترول الكويتية ممثلة في رئيسها التنفيذي التي شددت على شرط موافقة المجلس الأعلى للبترول على المشروع، وبين إحدى شركاتها التابعة (البترول الوطنية)، التي تحركت لشراء المفاعلات الخاصة للمصفاة.
أكد مصدر نفطي رفيع المستوى على ضرورة وجود تناغم في تصريحات المسؤولين في القطاع النفطي، وخاصة في ما يتعلق بالمشاريع الكبرى مثل المصفاة الجديدة (الرابعة سابقا) والوقود البيئي، مشيرا بذلك الى ما قاله نائب رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لمصفاة ميناء الاحمدي في شركة البترول الوطنية اسعد السعد في احدى الصحف بأن معظم مفاعلات المصفاة الجديدة وصلت الى المواقع المحدد لها بالإضافة الى بعض المفاعلات الخاصة بالوقود البيئي.وأوضح المصدر أن مثل هذه التصريحات سابقه لأوانها، وهو ما أكده السعد بقوله في حال تمت الموافقات للمشاريع المذكورة، مؤكدا ان مثل هذه المشاريع يجب ان تمرر وتتم الموافقة عليها من قبل المجلس الاعلى للبترول الذي لم يعلن تشكيله بعد، وهو ما أكده ايضا الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية سعد الشويب ان هذه المشاريع بانتظار "الأعلى للبترول".وتساءل المصدر من نصدق هنا "مؤسسة البترول" ورئيسها سعد الشويب ام "البترول الوطنية" ممثلة في تصريح اسعد السعد؟ ومن سيدفع التكاليف المادية في حال تم إلغاء أحد هذه المشاريع؟ مستذكرا مشروع الشراكة مع "داو كيميكال" الذي تم الغاؤه رغم موافقة المجلس الاعلى للبترول وايضا الغاء المصفاة الرابعة والتي على اثرها استجابت "البترول الوطنية" لمطالب من شركات المقاولات بأن لها حقوقا بملايين الدولارات لقاء الاعمال التي قامت بها في مشروع المصفاة خلال الفترة بين ابريل 2008 ومارس 2009 عندما تم الغاء المشروع، مشيرا إلى أن هناك بنودا في خطابات النوايا تعطي الحق للشركات المؤهلة في المطالبة بالتعويضات المناسبة والتي سوف تراعى فيها أسعار المواد الخام وتفرغ تلك الشركات بصفة شبه كاملة للمشروع وما نتج عن ذلك من ضياع للفرص بسبب ارتباط تلك الشركات بخطابات النوايا واستعانة تلك الشركات ببعض العمالة الفنية اللازمة للمشروع، وقد تم توضيح ذلك في خطابات التعويض المرفوعة الى شركة البترول الوطنية. واشار المصدر الى ان مثل هذه التصريحات غير المنسجمة قد تؤدي الى التشكيك في ما يقوم به المسؤولون طالبا المزيد من التأني والشفافية التامة عبر متحدث رسمي يعلن تفاصيل هذه المشاريع الكبرى، لكي لا تكون لقمة مستساغة للراغبين بالتكسب السياسي على حساب مشاريع استراتيجية تحتاج اليها الكويت للحاق بمن سبقونا بالمشاريع النفطية. جدير بالذكر، ان وزير النفط السابق محمد العليم قال ان العمل في إجراءات المشروع تم بشفافية كبيرة، وفقاً للإجراءات القانونية، مشيراً الى أن المصفاة ستكون هي أكبر مصفاة نفط في منطقة الشرق الأوسط. كما أنها من أكبر المصافي على مستوى العالم، وانها ستحقق السبق إقليمياً وعالمياً من حيث التكنولوجيا المستخدمة فيها والمعايير البيئية المرعية في عملها. وقال إن المصفاة تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي للكويت من الكهرباء حيث ستنتج 225 ألف برميل يومياً من زيت الوقود قليل الكبريت الخاص بمحطات الكهرباء، وذلك ضمن إنتاجها اليومي، والذي يصل إلى 615 ألف برميل من المنتجات النفطية.واستغرب العليم حول ما أثير من ضجة من بعض النواب حول نظام التكلفة المستردة (كوست بلس) المتبع في بناء المصفاة، مبينا أن مجلس الأمة هو من أوصى في يوليو 2007 بالأخذ بهذا الأسلوب في مشروع المصفاة، وأرسل توصيته هذه الى الحكومة للأخذ بها. وقال العليم إن نظام «الكوست بلس» معمول به في كثيرٍ من دول العالم؛ منها السعودية والإمارات والجزائر والهند وكندا ونيجيريا وغيرها من الدول، وفي كثير من المشاريع الكبرى، وقد أثبت كفاءته ونجاحه. وأكد انه تم اللجوء إلى هذا الأسلوب نظراً لارتفاع التكاليف والعروض التي وردت في المناقصة الأولى، مما أدى إلى إلغاء تلك المناقصة.وقال العليم إن نظام «كوست بلس» الذي يعطي الفرصة للتقييم الحقيقي للعمل في ظل ارتفاع الأسعار اعتمد في مجلس إدارة شركة البترول الوطنية التي تتبعها المصفاة، ثم وافق عليه مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية التي تتبعها شركة البترول الوطنية، ثم عرض على المجلس الأعلى للبترول ووافق عليه المجلس.كما قالت شركة البترول الوطنية الكويتية في مارس 2009 انها ابلغت الشركات التي كانت قد فازت في مناقصة المصفاة الرابعة بأنه تم الغاء هذه المناقصة وان الامر تم تنفيذا لقرار مجلس الوزراء وان الحديث عن اعادة طرح المناقصة من جديد يحتاج الى تقييم الوضع الراهن والى اجتماعات مستقبلية.وقد أكد نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير الدولة لشؤون التنمية وزير الدولة لشؤون الإسكان الشيخ احمد الفهد الصباح في اكتوبر الماضي ان برنامج الحكومة سيتضمن اعادة طرح مشروع المصفاة الرابعة مرة اخرى.وقال الفهد ان مشروع المصفاة موجود بالفعل في برنامج وزارة النفط، مضيفا ان «الخلاف السابق حول المصفاة لم يكن حول المشروع كمشروع وانما حول آليات الممارسة مثل كوست بلاس وغيرها».واضاف ان هذا الخلاف حول الآليات اوجد نوعا من سوء التفاهم بين الاجهزة المعنية، و«اذا اعدنا المشروع من خلال الادوات الدستورية والقانونية والرقابية والتشريعية فإن كثيرا من هذه الملاحظات واللغط سيزول ويتحول المشروع الى امر واقع».
اقتصاد
النفط والطاقة: مشروع «المصفاة الجديدة»... من نصدق «مؤسسة البترول» أم «البترول الوطنية»؟
02-02-2010