شدد المتحدثون في ندوة "دولة القانون تحمي الوحدة الوطنية" التي نظمها المنبر الديمقراطي على أن أهل الكويت عاشوا منذ القدم في وحدة وتآلف، مؤكدين أن الوحدة الوطنية راسخة في الدستور وقلوب وعقول جميع الكويتيين.

Ad

أكد النائب السابق مشاري العنجري أن «هناك طرفين يغذيان تمزيق وضرب الوحدة الوطنية في البلاد، هما أصحاب المصالح الخاصة والجهلة»، مشيرا إلى أن «الإنسان العاقل لا يمكن أن ينظر إلى هذه القضية بالقول أو الفعل»، وأن «الخلاف بين الطوائف والفئات على لا شيء، فتكريس الوحدة الوطنية يحتاج إلى تعديل المناهج والتشريعات، بحيث ينصهر المجتمع في بوتقة واحدة».

وشدد العنجري في كلمته مساء أمس الأول في ندوة «دولة القانون تحمي الوحدة الوطنية»، التي نظمها المنبر الديمقراطي في ديوانية المرحوم سامي المنيس، على «ضرورة أن يعي من يشعر بأن له حق أنه سيحصل عليه من خلال الدستور والقانون، وأن الوحدة الوطنية راسخة ومسطرة في الدستور وفي قلوبنا وعقولنا وقناعاتنا».

توحّد وأخوّة

وقال العنجري من «العيب أن تأخذ هذه القضية أكبر من حجمها»، مشددا على ضرورة أن «يتوحد جميع الكويتيين في بوتقة الوطن، ومع الأسف وبعد كل هذا الوقت الطويل من صدور الدستور والقوانين، يأتي يوم ونناقش فيه قضية يفترض أن تكون طوتها السنون، فالوحدة الوطنية أمر بديهي، كما أن الدستور والشريعة يحضان على الحفاظ على الحدة الوطنية»، مشيرا إلى «أننا لا نلوم أحدا أو نجرم أو نبرئ أحدا ولكن علينا جميعا النظر إلى الكويت»، مضيفا «أنا لا أبرئ الحكومة من عدم الالتزام بتطبيق القانون على الجميع، وأطالب بإصدار تشريعات تتواكب مع هذه المرحلة»، مبديا تفاؤله بـ«أن الكل سيعود إلى قارب الوطن، ويجب أن يُقَيّم الفرد ليس على أساس طائفي أو قبلي أو عائلي ولكن على أساس ما يقدمه من عمل وإنجاز، فالسنة والشيعة والحضر والبدو إخوان في الدين والوطن والماضي والحاضر والمستقبل ومطلوب منهم جميعا بناء الوطن».

خذوا العبرة من أوروبا

وضرب العنجري مثالا بأوروبا «التي حطمتها الحروب ومزقتها بسبب التشرذم الفئوي والعنصري ولكن نتيجة الوعي والإدراك أصبحت موحدة على عكس الماضي رغم اختلافاتها المتعددة دينيا ولغويا وإثنيا»، لافتا إلى أن «الله حبا الكويت بخير وفير، كما أن أهلها بجميع طوائفهم وفئاتهم متحابون ومتحدون منذ القدم، ألا يكفينا ما يحدث من حولنا كي نتعظ؟ انظروا إلى العراق وما يحدث فيها وكذلك لبنان والسودان والصومال وأفغانستان»، مشيرا إلى أن هذا الخطر نخلقه بأنفسنا».

وذكر أنه حضر اجتماعا قبل نحو 6 سنوات في مكتب رئيس مجلس الأمة مع وفد عراقي، قائلا «وسألناهم لماذا تتحدثون عن الطائفية رغم أنكم بلد غني؟ وكنا ننصحهم بعدم الخوض في المسائل الطائفية والوقوع في فريسة هذا الداء الخبيث وللأسف يأتي اليوم الذي نقع نحن فيه».

مليون دينار مكافأة

ومن جانبه دعا أمين عام المنبر الديمقراطي، النائب السابق عبد الله النيباري إلى دراسة الوحدة الوطنية بتعمق، مشيرا إلى أن الأمر يتفاقم عندما يستخدم هذا الموروث الاجتماعي في العملية السياسية، مؤكدا أن أحد أسباب تمزيق الوحدة الوطنية هو الخير الذي تنعم به البلاد، فحينما كان الكويتيون يكسبون رزقهم بعرق جبينهم في الماضي كان التآلف بينهم أكبر، لافتا إلى أن «الواسطة تعد أحد الأمراض العصية التي نعانيها، مؤكدا أن «السلطة هي التي صنعت مؤسسة الواسطة كوسيلة في العمل السياسي والانتخابي للحصول على كتلة تعتقد أنها موالية لها».

واستطرد النيباري «الآن يتم الحديث عن مكافأة لمن صوّت مع رئيس الوزراء ووزير الداخلية في الاستجوابين الأخيرين، وقد سمعت أن أحدهم حصل على مليون دينار كمكافأة لتأييده رئيس الوزراء في هذا الاستجواب الأخير على شكل مناقصة»، مشددا على أن «القانون هو أساس التعامل بين المواطنين وهو أساس ترسيخ الوحدة الوطنية، كما أن الحكم الرشيد هو الذي يحافظ على الدستور والقانون، والسلطة التنفيذية هي التي سمحت باختراق القانون».

وعن قضية الشيكات قال «إن قضية شيكات رئيس الوزراء وقضية الإعلانات أقل بكثير من قضايا أخرى مثل لآلئ الخيران والوسيلة والناقلات»، متسائلا «أين الدولة من كل هذه القضايا؟».

أمن الدولة... لماذا؟

ومن جانبه، قال الكاتب عامر التميمي «إن الوحدة الوطنية تتطلب سلوكيات وديمقراطية حقيقية، فالجميع يجب أن يتقيد بالأسس الدستورية وحرية الرأي، والأزمة الأخيرة أزمة الفضائيات التلفزيونية كشفت عدم استيعاب القيم الديمقراطية في الكويت رغم مرور 47 عاما على صدور الدستور»، مشيرا إلى أننا «لا نزال لا نقبل النقد، وأي شخص يتصدى للعمل العام عليه أن يدر ك أنه سيكون عرضه للنقد، ولكن هناك أدوات لمواجهة ذلك من خلال القانون»، مؤكدا أن «اللجوء إلى استثارة الشارع لا يمت إلى الممارسات الديمقراطية الرشيدة بِصِلة».

واستغرب التميمي «إقحام أمن الدولة في هذه القضية، فالفصل الـ12 من المادة الثانية من قانون المرئي والمسموع يجرّم القضايا التي تتعرض بالتجريح للمعتقدات الدينية، ويؤكد على أن تختص النيابة العامة دون غيرها بالتحقيق والتصرف في جميع القضايا المنصوص عليها في هذه القضايا»، مشددا على أن «أمن الدولة كان يجب ألا يكون له دور في هذا الموضوع، فهذا الجهاز يجب أن يتصدى لقضايا الإرهاب والعنف وأي قضايا تهدد أمن الوطن».

وأوضح أن «أي مواطن يصرّح يترتب عليه استجواب وزير أو رئيس الوزراء ولكن يجب أن يعلم الجميع أن اللجوء إلى القضاء هو الحل المناسب لأي متضرر، فالاستجواب لا بد أن يستخدم لمساءلة حول أمور السياسة العامة وعن أسباب تعطل التنمية وغيرها، كما يجب أن يوظف التوظيف المناسب، وخصوصا أن تجربتنا ما زالت وليدة وتواجه تعثرا».

تشكيك ومزايدة

ولفت التميمي إلى أنه «ليس من حق أي طرف التشكيك في مواطنة أي كويتي أو المزايدة عليها، فأي مواطن كويتي له حقوق وعليه واجبات»، مشيرا إلى أن «التجنيس يشكل عبئا على خزينة الدولة»، مضيفا أنه «حسب الوثائق البريطانية في عام 1896 كان عدد الكويتيين لا يتجاوز الـ30 ألفا وفي عام 1950 لم يكن هناك أكثر من 100 ألف كويتي وهذا يعني أن معظم الكويتيين أسلافهم توطنوا في الكويت في القرن العشرين»، متطرقا إلى قانون المرئي والمسموع بالقول «إن تعديل قانون المرئي والمسموع مطروح لتحجيم الحريات، وهذا يتناقض مع المبادئ الدستورية ودور مجلس الأمة الذي يجب عليه أن يحمي الحريات».

تعايش

بلا تفرقة

قال مشاري العنجري في بداية الندوة «إن الكويتيين لن ينسوا الراحل سامي المنيس، فهو رمز وطني كبير وفي قلب كل كويتي، وستظل ذكراه محفورة فينا جميعا»، مؤكدا أنه رغم عدم ظهوره في وسائل الإعلام، لم يستطع الاعتذار حينما طلب منه التحدث في ديوانية المنيس.

أما مدير الديوانية حمد القصار فقد شدد على أن «الكويتيين تعايشوا جنبا إلى جنبا أكثر من ثلاثة قرون ولم يكن لديهم أي تفرقة، لا بين سني أو شيعي أو حضري أو بدوي»، مشددا على أننا «خصوصا في المنبر الديمقراطي لن نقبل بضرب أو تمزيق الوحدة الوطنية، وأي شخص يشعر بالضرر عليه اللجوء إلى القنوات الرسمية والقضاء النزيه». وقال يوسف الشايجي «إن هذه المشاكل سببها حكومات سابقة منذ حل مجلس عام 76 وهي التي شجعت الولاء للقبيلة والطائفة وأوجدت نائب الخدمات»، مطالبا بـ«تغليب الوطن على المصالح الخاصة والتصدي لمحاولات ضرب وتمزيق الوحدة الوطنية».