حمى الله الكويت!

نشر في 31-12-2009
آخر تحديث 31-12-2009 | 00:00
 صالح القلاب ما قاله سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح (أبوناصر) أخافنا، نحن المحبين لهذا البلد العربي الجميل بأهله وبكل ما فيه، وجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا، فهذا الكلام الذي جاء بحرارة الرصاص المنطلق من فوهات البنادق يأخذ أهميته من أن قائله مشهود له بالحكمة والحنكة، وأنه أحد الرموز العربية الأساسية لمرحلة تاريخية كانت المسيرة خلالها، كويتياً وعربياً، مسيرة انحناءات متعرجة، ومسيرة هبوط وصعود، ومسيرة أفراح وأتراح، ومسيرة إنجازات وإخفاقات.

لم يكن "أبوناصر" خلال هذه المسيرة العسيرة والصعبة، حيث لم يكن من الممكن أن تصل الكويت إلى ما وصلت إليه، ولم يكن من الممكن أن تخرج من فم الغول الذي ابتلعها في عام 1990، لو لم تتوافر لها قيادة مقتدرة وحكيمة، مراقباً بل كان دائماً وأبداً، كويتياً وعربياً، في قلب المعمعة باستمرار، ولهذا فإنه عندما يقول هذا الذي قاله فإنه يستند إلى تجارب كان باستمرار جزءاً منها وفاعلاً فيها، فهو صاحب تجربة والمثل العربي يقول: "إسأل مجرّب ولا تسأل طبيب".

في كلامه الذي كل حرف فيه جاء في موقعه وفي مكانه بالضبط بلا زيادة ولا نقصان قال هذا القائد، الذي خبرته "سوح" المعارك الدبلوماسية على مستوى العالم كله، والذي فاقت تجربته القيادية كل تجربة، إنه هاله وأحزنه أن تشهد الساحة الكويتية مثل هذه الأجواء القاتمة، وما انطوت عليه من مظاهر وممارسات وأصداء انفعالية غير محسوبة التداعيات والعواقب، ومشحونة بالنزعات والنعرات المقيتة.

وحقيقة ان هذا الذي هال الشيخ صباح وأحزنه قد أحزن كل مواطن عربي يعرف الكويت، ويعرف ما قدمته لأهلها وللأمة العربية، فالتجربة الكويتية، حتى عندما كانت المنطقة تغرق بمعظمها في الانقلابات العسكرية، وتتيه في أحذية الضباط المغامرين وخوذهم، كانت رائدة وواعدة وبقيت رائدة وواعدة حتى بعد تلك اللحظة المريضة التي مرَّت بها وعاشتها بعد غزو عام 1990، الذي يجب أن يتذكره الكويتيون كلما أحسوا أن هناك من يحاول التلاعب بأمنهم وباستقرار بلدهم، سواء تلاؤماً مع "أجندات" خارجية أو من أجل تحقيق مكاسب سياسية وغير سياسية رخيصة.

إن أكثر بلد في هذه المنطقة كلها يجب أن يبقى يعض على وحدته واستقراره وعلى مسيرته الديمقراطية الخيرة بالنواجذ هو الكويت، فهو صاحب تجربة مكلفة هي تجربة عام 1990، لا أعادها الله، وحاله وهو في هذا الموقع الجغرافي كحال من يرقد عند فوهة البركان أو كمن ينام بين النار والنار، وهذا يقتضي دائماً وأبداً تغليب العام على الخاص، وتغليب المصالح الوطنية العليا على المصالح الشخصية، وتغليب الالتزام بالدولة والكيان على الولاء للعشيرة والقبيلة وعلى الالتزام بالمذهب والطائفة.

لأننا نحب الكويت ونخاف عليها فإننا نقول إنه حرام أن يحصل هذا الذي حصل، ويحصل بينما النيران تزنر هذا البلد الذي يشبه وردة نضرة في صحراء قاحلة من كل الاتجاهات، وبينما المتربصون من الخارج كثر، وهنا وبعد هذه الصرخة المدوية الصادقة التي أطلقها حكيم حكماء العرب الشيخ صباح (أبوناصر) فإنه من حق أي كويتي، ومن حق أي عربي يضع هذا البلد العزيز في حدقة عينه، أن يقول: لتذهب هذه "الديمقراطية" إلى الجحيم إذا كانت تعني الفوضى، وتعني التعصب القبلي والعشائري، وتعني التمذهب والطائفية، وتعني إثارة كل النعرات المقيتة، سواء لحساب أجندات خارجية أو لمصالح شخصية... وحمى الله الكويت... حمى الله الكويت.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة 

back to top