معارضتنا الجديدة لا تفقه بالسياسة


نشر في 22-07-2009
آخر تحديث 22-07-2009 | 00:01
 أحمد عيسى يبدو أن وقع الهزيمة على قوى المعارضة الجديدة كان قاسياً جداً، فبعد انجلاء غبار معركة وزير الداخلية، التي كشفت أن لدينا نواباً لا دراية لهم بكثير من أبجديات السياسة، بدا واضحاً أن المعركة السياسية الهادفة إلى إقصاء الوزير انتقلت من أروقة مجلس الأمة إلى الإعلام.

منذ أكثر من شهر ونحن في دوامة النائب مسلم البراك و»التكتل الشعبي» وعناصر قوى المعارضة الجديدة، كنت أتوقع أن المسألة ستقف مثل أي ممارسة سياسية عند حد الاستجواب وحجب الثقة، لنطوي الصفحة وننتقل إلى قصة جديدة، لكن المسألة هذه المرة تعدت ذلك لتصل إلى طلب الوزير إحالة ملف مناقصة الإعلانات إلى النيابة العامة، وهل ردت النيابة العامة على الوزير قبل الاستجواب أم بعده، ثم اتجهت الأنظار إلى محكمة الوزراء وإلى الطلب الذي تقدم به مواطن لإحالة وزير الداخلية إلى محكمة الوزراء بسبب مناقصة الإعلانات، ثم المؤتمر الصحافي للناطق الرسمي باسم «التكتل الشعبي»، وبعده طلب الحصول على صورة طبق الأصل من رسالة إحالة الوزير موضوع الإعلانات إلى النيابة العامة، ولاتزال جعبة الساحر مليئة بالمفاجآت، بينما ننتظر طلب الشعبي لإحالة الوزير إلى محكمة الوزراء، والذي لا أجد تفسيراً لعدم تقديمه حتى الآن، إلا الرغبة بعدم حرقه إعلامياً، وإبقاءه ككارت أخير للمساومة والابتزاز.

خلال فترة توجيه أنظارنا لتبعات استجواب وزير الداخلية، منذ شهر وأكثر، تمت مناقشة ميزانية الدولة، وتم التغاضي عن جميع تجاوزات المؤسسات الحكومية وشبه الرسمية، وتسربت أرقام مخيفة من الجلسة السرية، كشفت حجم الإيرادات والمصروفات، وبينت أن هناك تراجعاً في أصول احتياطي الأجيال، وأن هناك أرقاماً فلكية، ووفرة مالية، لا يقابلها على الأرض مستوى خدماتي يتواءم مع إمكانات واحدة من أغنى دول العالم، لكنه أمام أجندة المعارضة الجديدة لا يعني كثيراً.

بعد الميزانية أتت طامة الرياضة، إذ ترأس وزير الشؤون وفد الكويت للقاء ممثلي اللجنة الأولمبية الدولية، التي تتهم الكويت بأن حكومتها تتدخل في الشأن الرياضي، وتعهد أمامهم بأن الحكومة ستغير القوانين، بما يتماشى مع ميثاق اللجنة، أي أن الحكومة المتهمة أصلاً بالتدخل في الشأن الرياضي هي التي ستغير القوانين الرياضية، وهو التعهد الذي مر دون أن نسمع شيئاً من قوى المعارضة الجديدة عن تدخل اللجنة الأولمبية في قرارات سيادية تخص الكويت، أو نية الحكومة تغيير قوانين أقرها المجلس.

ننتقل من الرياضة إلى التربية، حيث كشف لنا توجه وزارة التربية تعديل المناهج لإلغاء المساس بالمذهب الشيعي، أن لدينا متطرفين من الجانبين، يسنون منذ فترة سيوفهم بانتظار اللحظة المناسبة لإعلان الحرب، فما إن أعلنت خدمة أخبار إحدى الصحف نية وزيرة التربية النظر في منهج التربية الإسلامية الخاص بالصف العاشر لتعديل الجزئية المتعلقة في التبرك بالقبور، بهدف إلغاء تكفير الشيعة، بعد إيكال هذه المهمة إلى لجان ومختصين، حتى حفلت هواتفنا النقالة بنوبات صياح طائفية مقيتة من الطرفين، وهو ما بيَّن أننا أمام نواب إما يعلمون خلفيات الأمور لكنهم ينتظرون الوقت المناسب لإثارتها، أو أنهم يتحدثون بما لا يفقهون، ومثلما هو الحال في الأولى مصيبة، حتما سيكون في الثانية كارثة، وهو أيضاً الأمر الذي لا يحظى بذات اهتمام حماية المال العام لدى قوى المعارضة الجديدة.

أعود فأقول، مشكلتنا مع قوى المعارضة الجديدة، أنها لا تفقه إلا النزر اليسير في أصول اللعبة السياسية، كما أنها لا تؤمن بالديمقراطية، فهي تريد أن تدير البلد بحسب هواها ورغبة أعضائها، كما تكمن مصيبتنا في أن معظم مَن يطالب اليوم بحماية المال العام ويقاتل لتطبيق القانون، إما كانت مواقفه السباقة مخالفة لمواقفه اليوم، وإما أنه مخالف أصلاً للقانون، لكنه مع ذلك يبقى ضمير الأمة.

back to top