أخشى ما أخشاه هو: أن تكون دعوة وزارة الصحة للمواطنين والمقيمين بتجنب العناق والتقبيل عند تأدية التحية، والاكتفاء بالمصافحة فقط، كحال دعوة الديوان الأميري قبل عامين في رمضان والتي اعتبرها بعضهم بأنها لا تخصه!

Ad

• الحذر والحيطة والاحتراس وكل الممارسات الساعية إلى احتواء مرض إنفلونزا الخنازير، باتت ضرورية، وحرية بالاحتشاد من الجميع، وليس من قبل الجهات المختصة فحسب، لكن المبالغة المفرطة في الاستجابة المذكورة آنفا، كما يحدث من قبل بعض أعضاء مجلس الأمة، تبدو لي مربكة وتنطوي على مزايدة قرعاء مكشوفة تروم إحراج وزير الصحة ووزارته، لثأر «بايت» خارج من رحم إدارة العلاج بالخارج! والحق أني لست مع الداعين إلى إلغاء، وتأجيل العام الدراسي، ونفي الحياة الاجتماعية اليومية الموجبة للاحتشاد والتجمع بدعوى الخشية من عدوى المرض، لأن الحياة اليومية المعتادة يستحيل إلغاؤها بجرة بيان حماسي معجون بالهلع المرضي «الفوبيا» الساعية إلى أن تقول لكل من يعيش في محيط الديرة: «خليك في البيت، لا تبرحه البتة، إلى حين إطلاق صفارة إشهار حالة منع التجول والعمرة والحج والدراسة وارتياد المسارح والسينما، وغيرها من فضاءات تمارس فيها الحياة اليومية بتجلياتها كافة».

والذي يهمني في هذا السياق هو الدور الذي يردف دور وزارة الصحة ويعينها على مجابهتها لهذا المرض الخنزيري المرعب. إن المواطنين والوافدين الذين يحضنهم الوطن سواء، يمثلون- جميعهم- مشروع مرضى، يمكن أن يصاب أحدهم بالمرض من حيث لا يحتسب، لاسيما إذا كان يكابد الأمية الصحية الوقائية، ويتسم باللامبالاة تجاه الإعلام التوعوي الصحي!

خذ عندك مثلا الدعوة الملعلعة بنداء «صافح لا تبوس» لاسيما ونحن على عتبة إطلالة شهر رمضان، حيث يتحول الشهر إلى «مبوسة» يطيح فيها القوم بوسا وتقبيلا في بعضهم بعضا! وتصبح كل ديوانية «سبيل» بوس وقُبلات يكرع منها الجميع رضاب ولعاب التواصل الحميم الذي تفرضه حضرة «عاداتنا وتقاليدنا» إياها!

• لقد سبق للديوان الأميري، منذ سنتين أن أطلق في رمضان دعوة «صافح لا تبوس».. في قصر بيان خلال الأيام الأولى من رمضان، لكن الملكيين أكثر من الملك ذاته، لم يصيخوا السمع إلى النداء ظانين أنه لا يعنيهم باعتبارهم من ذوي الحيثية التي تميزهم عن «الحبربش» من عامة الشعب والسكان!

الشاهد أن نداء «قصر بيان» منذ رمضانين سلفا، كان بمنزلة الأذان في مالطة، لاعتقاد الكثيرين أن تبادل التهنئة بقدوم رمضان الكريم وبعيد الفطر السعيد لا يثبت عرفا إلا حين يعمّد بالقُبَل على مختلف أنواعها! إن نداء «صافح لا تبوس» دعوة تمتحن إرادة جميع سكان البلد، وتروز استجابتهم السوية لواجباتهم تجاه بلية تهدد حياة الجميع.

من هنا تكمن أهمية إقفال حنفية العواطف، وسد وإغلاق «المبوسة» الرمضانية العارمة! وأخشى ما أخشاه هو: أن تكون دعوة الوزارة، للمواطنين والمقيمين بتجنب العناق والتقبيل عند تأدية التحية، والاكتفاء بالمصافحة فقط، كما هي حال دعوة الديوان الأميري المذكورة آنفا! ومن شاء أن يصافح ويبوس يبادر للتو بكتابة وصيته تحوطا من الرحيل الأبدي فجأة من جراء الشبق الاجتماعي المدجج بقبلات الموت!