كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول إعادة تعديل نظام الدوائر الانتخابية، وارتفعت بعدها «بعض» الأصوات مطالبة بدمج الدوائر الخمس وتحويلها إلى دائرة واحدة، وعادت قضية إصلاح النظام الانتخابي لتقع في صلب دوائر النقاش، فمن أين أتت فكرة التغيير ولمصلحة من؟ وهل ما تتعرض إليه الساحة السياسية من «زلازل» هو بسبب عيوب نظام الدوائر الخمس؟ وماذا لو قوبل مشروع التعديل بالرفض؟ وما مستقبل السلطة التشريعية؟ وهل سيتم تسليمها لنائب «الأكثرية» الحاصل على 19779 صوتا؟ أم نائبة «الأقلية» والحاصلة على 4776 صوتا؟
لا شك أن العديد من الأمور يجب أن تدرس بعناية قبل التسرع في تعديل الدوائر الانتخابية والقفز إلى الدائرة الواحدة، ومنها عملية اختيار النظام الانتخابي المناسب للدوائر، وتصميمه تصميماً يناسب التمثيل الجغرافي والسياسي معا. فيخضع نظام الانتخاب لاختيار كل منطقة لمن يمثلها في البرلمان سواء مدينة أو محافظة أو دائرة انتخابية أي التمثيل الجغرافي المناسب، بالإضافة إلى تمثيل البرلمان للوضع السياسي القائم من حيث التجمعات السياسية، وذلك بعد إقرار قوانين تنظيم العمل السياسي على ألا تستبعد «المستقلين» وذلك هو التمثيل السياسي السليم، بالإضافة الى الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات المؤثرة في نظام الإصلاح الانتخابي كمستوى التمثيل بالنسبة لحجم الدائرة، ومعدل التغيير في نسبة عدد الأعضاء الناخبين والمسجلين، بالإضافة إلى القوانين الانتخابية وتصميم أوراق الاقتراع. أما في ما يخص حجم الدائرة فمن الملاحظ اتباع بعض البلدان العربية تقسيمات إدارية موجودة سابقا، ولعل اتباع حدود المحافظة، أي أن يصبح عدد الدوائر مساويا لعدد المحافظات، هو النظام الأكثر ملاءمة للعديد من دول الخليج، وذلك لأن من مميزاته فعالية العملية الإدارية للدائرة، وإتاحة الفرصة للنائب وعضو المجلس البلدي والمحافظ للعمل معا في إدارة شؤون الدائرة الانتخابية، فيتم من خلال الدائرة المزج بين التمثيل الشعبي والإداري معا.وبعد تلك المعلومات والأفكار أعترف أخي القارئ بأنني أشعر أحيانا أن بعض القيود المفروضة، سواء كانت من تقاعس النواب عن العمل التشريعي، أو الترهل الذي يصيب الإدارة الحكومية، أن الظروف غير مهيأة لاستراتيجية سياسية جيدة طويلة الأمد، أما بالنسبة للسلوك الانتخابي فالتضامن العائلي تجذر في غياب قواعد العمل السياسي، والفرعيات شملت جميع المناطق الداخلية منها والخارجية، والناخب في حيرة من أمره، ويتساءل عن مفاهيم التجريم الانتخابي: هل يقصد بها التضامن العائلي والقبلي في دولة ذات كيان اجتماعي قوي؟ أم الالتزام الحزبي في دولة لا حزبية؟ الأمر الذي قلب مثلث العمل البرلماني، والذي يتكون من مشاركة فاعلة ومستمرة للنائب في عمله بالإضافة إلى تقييم الناخبين والمؤسسات الإحصائية لأداء عضو البرلمان، ونظام انتخابي يخضع لقواعد وأسس ويحدد ترجمة الأصوات إلى نتائج. وفي النهاية فإن إصلاح النظم الانتخابية لا ينبغي أن يتناول عدد الدوائر فقط، إنما الحرص على أن يكون للمجلس وسيلة لحل «النزاع» داخل المجتمع، وليس إشعاله، ومن ثم تقديم نموذج «شعبي» لآلية اتخاذ قرار مبني على المعرفة بأصول العمل السياسي.كلمة أخيرة: تسعى «التكتلات» إلى بسط المزيد من النفوذ على الحكومة فتتغاضى عن الميزانية العامة للدولة، وتدقق في «مصاريف» مكاتب المسؤولين، ويسعى الناخب جاهداً لبسط النفوذ على عضو البرلمان، فيجد ديوانية النائب مغلقة لأربعة أشهر يسافر بها النائب للراحة والاستجمام تاركاً الناخب يواجه ديونه. والحكومة أدركت قواعد اللعبة وأصبح همها الأول والأخير تسجيل أهداف في شباك البرلمان.. «حيرتونا»!وكلمة أخرى: «جميع دول العالم بحكومة ومجلسين، إلا نحن بمجلس وحكومتين»، القول للنائب السابق كريم بقرادوني في وصفه للأوضاع في لبنان!! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
إعادة تنظيم قواعد اللعبة السياسية
17-11-2009