سيناء... من الاستعمار إلى الاستئجار
تجدُّد المخاوف من مخطط لتوطين الفلسطينيين في «أرض القمر»
تفشَّت موجة جديدة من المخاوف في مصر، من إمكان اتخاذ خطوات من شأنها التجاوب مع مخطط إسرائيلي بتبادل أراضٍ مصرية مقابل أراضٍ إسرائيلية، للحفاظ على الهدف الإسرائيلي بتحقيق يهودية دولة إسرائيل.وزادت حدة تلك المخاوف بعدما نشر كاتب مصري يتمتع بمصداقية لدى أوساط المثقفين المصريين في مقاله بإحدى الصحف الخاصة، تقريرا يفيد بوجود خطة إسرائيلية تتنازل مصر بموجبها عن 720 كيلومترا مربعا من أراضي سيناء للدولة الفلسطينية المقترحة، مقابل أراضٍ في صحراء النقب.
وكشف الكاتب والشاعر فاروق جويدة في مقال له بجريدة "الشروق" اليومية الخاصة، عن وجود مشروع للحل الإقليمي تتبناه عدة مراكز بحثية إسرائيلية، ويهدف إلى استبدال عدة مناطق عربية وأهمها سيناء مقابل قطع من الأراضي الإسرائيلية، من أجل تعزيز وطن للفلسطينيين.وأكد جويدة أن الأحداث في المنطقة تُلقي بظلالها على مستقبل سيناء التي كانت أحد المواقع الأولى المقترحة لإقامة وطن لليهود في مؤتمر الصهيونية الأول في "بازل" عام 1896، قبل أن يستقر الرأي على فلسطين، لافتا إلى أن هناك نغمة جديدة تقول إن تسوية الصراع العربي-الإسرائيلي وقيام الدولة الفلسطينية، ليسا قضية إسرائيلية فقط، لكن على الدول العربية أن تتحمل نصيبها في هذه التسوية خصوصا ما يتعلق بالأرض، وأن الحديث الإسرائيلي يتضمن المنطقة كلها بما فيها الأردن والعراق ومصر وغزّة ودول الخليج وإسرائيل. وأشار جويدة إلى وجود دراسة إسرائيلية صدرت أخيراً عن مركز "بيغين السادات"، أعدها مستشار الأمن القومي السابق في إسرائيل جيورا إيلاند تحت عنوان "البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين"، تضمنت سيناريو إسرائيليا لتبادل أراضٍ يسمح بحل المشكلة الديموغرافية للفلسطينيين، بعيدا عن الأراضي الأصلية لهم، وعلى حساب جيرانهم العرب، لتخرج إسرائيل بالمزيد من الأراضي العربية هذه المرة من دون قتال، وأن سيناء التي ظلت طوال آلاف السنين، منذ عهد الفراعنة الحصن الشرقي للدفاع عن مصر ضد هجمات الغزاة، واشتهرت آنذاك بـ"أرض القمر"، تمثل البديل الأفضل لتنفيذ هذا السيناريو الإسرائيلي.ويقول المفكر الفلسطيني عبدالقادر ياسين، إن "المشروع الإسرائيلي قديم وطرح في أزمنة تاريخية متفرقة، معرباً عن تخوفه من أن يكون الهدف من إثارته حاليا هو تصوير بناء الجدار الفولاذي على الحدود المصرية، كأنه وسيلة للحيلولة دون تنفيذ هذا المخطط".وأضاف أن "إسرائيل تسعى إلى إحياء مشاريعها القديمة ومن بينها مشروع سيناء، مستغلة حالة التراجع العربي".في المقابل، يرى مدير مركز "مقدس" للدراسات الاستراتيجية سمير غطاس، أن "تنفيذ مصر مشروع الجدار العازل كان تحسبا لتنفيذ مثل هذا المخطط الإسرائيلي"، مؤكدا أن "عدم توقيع حماس على المصالحة هو ما يسمح بتمرير هذا المشروع الصهيوني ويطرحه مجددا في الوقت الحالي، لاسيما أن سيناريو ترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء حاولت حماس تنفيذه مرارا منذ عام 2008".ويعتبر الكاتب المتخصص في الشأن الفلسطيني كارم يحيي، أن "المشكلة الحقيقية التي تقف وراء هذا المشروع، هي أن عدد المواطنين الفلسطينيين سيتجاوز عدد الإسرائيليين عند حلول عام 2020، مما يجعل الميزان الديموغرافي في مصلحة الفلسطينيين ويضع الإسرائيليين في موقف صعب للغاية"، لافتا إلى أن "إسرائيل لن تتنازل عن هذا المخطط، ولابد من موقف مصري واضح يرفض هذا المخطط" .