آداب المهنة


نشر في 10-07-2009
آخر تحديث 10-07-2009 | 00:00
 د. محمد لطفـي من آداب مهنة الكتابة الصحافية ألا يلجأ كاتب إلى تجريح زميل أو السخرية منه أو الهجوم الشخصي عليه لاختلاف الرأي والفكر بينهما. فإذا كان الاختلاف في الرأي ظاهرة طبيعية بين أبناء مهن كثيرة في جميع المجالات، فهو ضرورة حتمية في الكتابة الصحافية.

لكل مهنة تقاليدها وأعرافها التي تميزها وتحكم العلاقة بين أعضائها، وهو ما يعرف بقانون آداب المهنة، وهو قانون عرفي- يتقاطع أحياناً مع القانون العام- يلتزم به أبناء المهنة الواحدة.

فعلى سبيل المثال يوجد في المجال الطبي ما يعرف بالـmedical ethics التي تفرض الاحترام المتبادل بين الأطباء، وألا ينتقص طبيب من جهد زميله ودوره في العلاج، وألا يسيء إليه أو يسخر منه أمام مرضاه، ويجرِّم قانون آداب المهنة وكذلك القانون العام (وهنا التقاطع الذي أشرت إليه) إفشاء سر المريض أو ذكر تشخيصه المرضي لغيره سوى مَن يطلب هو من الطبيب إخباره بحالته الصحية... إلخ.

ومن آداب مهنة الكتابة الصحافية ألا يلجأ كاتب إلى تجريح زميل أو السخرية منه أو الهجوم الشخصي عليه لاختلاف الرأي والفكر بينهما. فإذا كان الاختلاف في الرأي ظاهرة طبيعية بين أبناء مهن كثيرة في جميع المجالات، فهو ضرورة في الكتابة الصحافية فلا يمكن ألا يؤمن كاتب بالاختلاف في الرأي، وإلا ما استحق أن يكون كاتباً... فاختلاف الرأي ضرورة مهنية قبل أن يكون واقعا إنسانيا. وقبل هذا هناك حق القارئ - كحق المريض - الذي لا يعنيه القذف المتبادل بين الكتاب بقدر ما يعنيه وضوح الفكرة وقدرة الكاتب على بيانها والدفاع عنها دون تطاول، فمن حقه قراءة مقال نظيف خالٍ من السباب والقذف.

منذ أسبوعين قرأت مقالاً لكاتب في صحيفة يومية ينتقد رأياً نُشر في الصحيفة نفسها... إلى هنا لا توجد مشكلة، ولكن المشكلة في مستوى المفردات التي استخدمها الكاتب في شرح رأيه والأوصاف التي وصف بها الطرف الآخر، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ أن أفضل الأوصاف كان الجهل الذي كرره أكثر من 10 مرات في مقاله! فهل يعتبر هذا مقالاً يفخر به صاحبه ويتيه عجباً وغروراً؟ وهل من المقبول أن يتحول الاختلاف في الرأي إلى «مونولوج» من السباب بدعوى أنه وحده من يملك كنوز العلم ومفاتيح المعرفة؟

والعجيب في مثل هذه الحالات أن كلا الطرفين تحصَّن وراء جدار ما، فطرف يتخذ من الحرية الشخصية وحقه في التعبير ستاراً لقول ما يريد دون اعتبار أن حريته تتوقف عند احترام عقائد الآخرين ولا يحق له مهما كان رأيه التطاول على معتقداتهم، والطرف الآخر، وهو الأكثر تطرفا للأسف يتستر خلف جدار العقيدة، ويعتقد أنه وحده حامي حماها والمكلف من الله سبحانه وتعالى بالدفاع عنها، وأن له «وكالة» فهم الإسلام فلا يمكن فهمه إلا من خلاله، وأن غيره جاهل ولو ترك الأمر له لضربه بالسوط عقاباً على تفكيره! فهل يعقل هذا؟!

- من قاموس اللغة:

ن ج س: نجس من باب طرب والنجس ضد الطهر والتنجيس شيء من القذر أو عظام الموتى أو خرقة الحائض... (القاموس المحيط)

ط ه ر: طهر يطهر بالضم طهارة، والاسم الطهر بالضم، وهو ضد الحيض، والمرأة طاهر من الحيض وطاهرة من النجاسة... (مختار الصحاح)

حتى: من حروف الجر وتأتي للانتهاء «سلام هي حتى مطلع الفجر» فما قبلها ينتهي بما بعدها. 

back to top