آمال الساير... حتى لا تنفصل المقطورة

نشر في 04-09-2009
آخر تحديث 04-09-2009 | 00:00
 محمد الوشيحي وزير الصحة الدكتور هلال الساير، عليه أن يلزم الحارة اليمنى في الخطوط السريعة، هناك مع الشاحنات، فهو يجرّ خلفه مقطورة من الأعمال الخيرية الناصعة البياض، وسمعة مثل جنيه الذهب، وتاريخاً مشرّفاً، وخبرة مهنية لها وزنها، وهو رجل بسيط لا يبحث عن الأضواء. لكن دعوني أنثر كلاماً يغث السامعين... يُفترض أن يناقِش الوزير، أي وزير، زملاءه الوزراء في شؤون وزاراتهم، باعتبار الحكومة – كاملة – تهيمن على مصالح الدولة، لكننا وصلنا إلى مرحلة تجعلنا نصرخ بأعلى دموعنا: "موافقون، أقسم بعظمة الله موافقون، على توزير وزراء لا يلتفتون إلا إلى وزاراتهم، بشرط أن يلتفتوا بالفعل إلى وزاراتهم".

وعندما نطالب بحكومة مشكّلة من "رجال ونساء دولة"، فنحن نقصد وزراء يتمتعون بالذكاء الحاد، والنظرة البعيدة، ونظافة اليد، وثقافة تشد الظهر، وشجاعة القلب والعقل، وإلمام تام بالدستور والقوانين والحياة السياسية، وووو، ثم بعد ذلك كله، القدرة على الإقناع والظهور الإعلامي لشرح المواقف والدفاع عنها. والأهم أن تكون لدى الوزير "مرارة" و"غيرة" من نظرائه في الدول الأخرى، ورغبة في المنافسة والتفوق.

هذا طبعاً ما هو موجود في الكتب، أما على بلاطة الواقع فرحمة الله واسعة، سبحانه جل شأنه. لذا أظن أن الساير ليس "وزير الصحة" بل "مسؤول الصحة"، وأظن أنه لن يناقش وزير الشؤون الدكتور العفاسي في مشكلة الرياضة، ولن يناقش وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك في نوعية الأسلحة المطلوبة وبرامج تدريب العسكريين، ولن يتدخل في السياسة النفطية ولا الإعلامية، ولا غير ذلك، وفي المقابل لن يناقشه أحد في الشؤون الصحية، إلا من باب العلم بالشيء. الدكتور الساير فقط سيلتفت إلى وزارته، وهذا هو الحد الأدنى، ونحن ممتنون لأي وزير يوفّر لنا الحد الأدنى، أو حتى الحد الذي أدنى منه. وربك كريم.

لكن موقف الدكتور الساير الأخير المتشدد تجاه إنفلونزا الخنازير، قد يفصل المقطورة عن قاطرتها، وقد يتحوّل بسببه جنيه الذهب إلى روبية هندية، وقد تنتقل صفحات تاريخه من لوحات الشرف إلى لوحات الكوارث.

قد يحدث هذا "إلا إذا"، وأكرر "إلا إذا"، خرج إلينا الساير في وسائل الإعلام، وجلس هو وقيادات وزارته أمام الصحافيين والمختصين في مؤتمر صحافي أسبوعي ليجيبوا عن الأسئلة – وأقول "مؤتمر صحافي" أسبوعي لا لقاء صحافي عابر مع جريدة هنا أو مجلة هناك - وليشرحوا للناس الوضع القائم، من ناحية الكميات المتوافرة من لقاح إنفلونزا الخنازير، واستعدادات الوزارة، وغرف العزل، وخطة المواجهة، والنقص والمشاكل والعقبات (بالمناسبة، وزير الصحة الإماراتي أعلن للشعب أن طلبية اللقاح ستتأخر ستة أشهر، والسبب هو مصنع الدواء، رغم توفير المبالغ المطلوبة). وسنشعر بالسعادة إذا ما حضر المؤتمر الصحافي مختص من منظمة الصحة العالمية.

صحيح أن الساير تسلّم الوزارة سكراب، وما إن شرع في سمكرتها وشراء قطع غيارها حتى فاجأته الخنازير. وصحيح أن وزراء الصحة السابقين منذ التحرير إلى الآن يُفترَض أن يُحالوا إلى أمن الدولة، هم ووكلاؤهم، وأولهم الشيخ أحمد العبد الله، الذي يجب أن يخرج من محكمة إلى محكمة، وأن يُحاكم رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الذي اختاره وأعطاه رقابنا هدية. لكن مع ذلك، لن نعذر الدكتور الساير والدكتورة موضي الحمود، وزيرة التربية، إذا تساقط تلاميذ المدارس صرعى، لا قدر الله، بسبب عدم استعداد وزارتيهما. لذا، وقبل أن يطلق الحَكَم صافرته، عليهما أن يتأكدا من قدرتهما على النزول إلى الملعب لمواجهة فريق الخنازير، أو طلب تأجيل المباراة إلى حين الاستعداد الكامل.

الأمر في أيديكما، فانظرا ما أنتما تفعلان.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top