دراجة روبي... وطائرة طلال مداح

نشر في 27-06-2010
آخر تحديث 27-06-2010 | 00:01
 مظفّر عبدالله أول العمود: لماذا لا يقوم اتحاد العمال بترشيح عدد من العمال الوافدين لتكريمهم خصوصاً الذين يعملون تحت أشعة الشمس الحارقة و"الدنيا داخلة" على رمضان وحضراتنا نصيف في الخارج؟

* * *

كثيرة هي الفتاوى الدينية التي لا تصمد أسبوعا واحدا من إطلاقها إما لكونها غير منطقية، وإما لأنها تتعلق بما اعتاد الناس عليه في الحياة المدنية، ومن ذلك الغناء. رأي إمام الحرم المكي الأسبق الشيخ عادل الكلباني أو "أوباما السعودية" كما يداعبه البعض، حول كون الغناء حلالا ما لم يخالطه فحش في القول أو وجود نساء لن يكون له أي تأثير في سلوك الناس، فالغناء منتشر بين البشر وللشيخ القرضاوي رأي سابق، محسوب ومتوازن، في مسألة الغناء يأخذ قارئه بعيدا عن ثنائية الحلال والحرام.

نعود إلى الشيخ الكلباني ورأيه، وردود فعل معارضيه وما أكثرهم... ونحسب أنه من الفائدة قذف كلامه في مرمى الموسيقيين والفنانين عموما لأنها الساحة الطبيعية للنقاش، ولنفترض أنه والشيخ القرضاوي لم يقولا شيئا في شروط الغناء الحلال، فإنه يحق لنا أن نسأل: ألم يصل مستوى كثير مما يقدم إلى الناس اليوم تحت مسمى فن إلى درجة من الانحطاط، وفحش القول، واستخدام جنسي مباشر لجسد المرأة تحت ما يسمى بالفيديو كليب، وإذا ابتعدنا عن هذا المستوى الهابط مما يقدم، وقلنا إن وراءه عصابات دخلت عنوة عالم الفن، ولم تجد غير الرقص الخليع لتقدمه للناس في بيوتهم، فهل يحق لنا أن نسأل عن المستوى العام لما يقدم على الشاشات باسم الفن، مسرحا وغناءً وتشكيلا... هل المسؤول عن نفور الناس مما يقدم بهكذا مستوى رجال الدين أم الفنانون أنفسهم؟ نقول إن التطرف يولد التطرف، فإذا قلنا إن عالم الدين الفلاني متطرف لأنه يحرم الغناء فهذه نتيجة للتطرف الحاصل على مائدة الفن الهابط شكلا ومضمونا اليوم، فبعضهم يبرهن على الحرمة بقوله: انظروا إلى النساء في الفيديو كليب، لكنه لا يسوق أدلة تحريم واضحة!

الفنانون بشتى راياتهم اليوم- إلا النادر منهم- متطرفون يستعرضون في أغانيهم الجنس بدلا من كلمات الشعر، ويقودون دراجات نارية بدلا من وقوفهم تحت شجرة، ويظهرون بصدور عارية في سرير بدلا عن عزفهم على آلة موسيقية، ولأن الجزاء من جنس العمل فمن الطبيعي أن تتشدد الفتاوى ضد الغناء بالمجمل، فأغنية (المؤدية) المصرية روبي (ليه بيداري كده) كمثال متطرفة لأنها تعتمد استعراضاً للجسد، ولا يمكن اعتبارها  فناً، فيما أغنية (في سلم الطائرة) للراحل طلال المداح ليس فيها إلا الترويح والفن والذوق... الاثنان استخدما المعازف لكن الأولى استخدمت الدراجة (البسكلتة) بشكل أهان وظيفتها الرياضية البريئة والصديقة للبيئة، فيما الثاني وظف (الطائرة) لشرح حزن الفراق بشكل مثير للشجن. لا يختلف اثنان على أن أغلبية الأغاني السائدة هابطة في المستوى كتابة وألحاناً، وتلعب الأجساد والوجوه دور البهارات لترويج أغنية سرعان ما تذبل، ومطربو اليوم عادة ما ينساهم الناس بسرعة لأنهم تجار وليسوا فنانين، فيما تجد القلة من الفنانين الجادين من الذين يندر ظهورهم كماجدة الرومي وكاظم الساهر وأحمد الجميري وجوليا بطرس وخالد الشيخ يعملون على تنمية الذوق الفني للمتلقي في وسط فني مشوه.

ساحة الفن وقضاياها يجب أن تكونا في بيئتها الطبيعية وبين خبرائها من شعراء وملحنين وموسيقيين، أما دخول فقهاء الدين في هذا المجال فهو من قبيل مناقشة الموضوع من زاوية أخرى تماما، فهم يتناولون مسألة ما يحل وما يحرم، ولكل أدلته وبراهينه... وفي نهاية المطاف الناس تعشق كل جميل.

* * *

أتمنى من أي عضو في مجلس الأمة قبل أن يعلن عدم استقبال رواد ديوانيته لدواعي السياحة أن يقدم سؤالا برلمانيا حول ملابسات وفاة سالم مطر في السجن المركزي.

back to top