سألتها: كيف استطعتِ طوال هذه السنين أن تجعليه مشدوداً بضفائر قلبك؟!

Ad

قالت: أعامله كقطة!

قلت: تدللينه؟!

قالت: لا... أجعل له دائماً مخرجاً صغيراً عندما أحاصره!

تقول هي: إذا أرادت أنثى أن تبقي رجلاً في حجرها إلى الأبد، عليها ألَّا تحاصره حد الاختناق، إن القطط تكون أشرس عندما لا تجد مهرباً، ولن تتوانى عن استعمال مخالبها الحادة لتنفد بجلدها، كذلك الإنسان إذا ما أحكمت قبضتك على رقبته فإنه لا يملك سوى استخدام كل قوته لعله ينجو من الموت بموتك.

نصيحة لا تحاصر أحداً ما لم تكن متأكداً من أمرين: رغبتك في قتله وقدرتك على فعل ذلك!

تعلمت طوال السنين السابقة -والكلام لها- ثمة أشياء ثمينة وغالية للحفاظ على حياتنا معاً، منها أنني رسمت له مساحة صغيرة للحرية يمارس فيها ما يشاء، وتفننت في أن أوهمه بأنني لا أعلم عن تلك المساحة شيئاً، فأرضيت غروره بأن جعلته يعتقد أنه قد حصل على تلك المساحة بفضل ذكائه، وسقيته وهم التفوق، فالرجال يحبون مذاق التفوق ولو وهماً خالصاً!

كما أني لم أفاجئه حتى اللحظة بعلمي بتلك المساحة وما يفعله بها.

فلو أخبرته فلن يقضي الوقت بابتكار الحيل لإخفائها كما يفعل الآن وأنا أبتسم بيني وبين نفسي متصنعة الغفلة، وإنما سيقضي الوقت باختراع الأسباب لزيادة رقعة تلك المساحة!

ولإتقان الدور أكثر، أتصنع الشك بين فترة وأخرى حتى لا يستكين ويطمئن، فيجتهد أكثر لاختراع وسائل أخرى لإخفاء ألعابه الطفولية الصغيرة، ولهوه الساذج الذي أعرف تماما تفاصيله وبراءته.

وعندما يرتكب حماقة تستحق العقاب وأكون متيقنة من ارتكابه لها، أحاصره حتى لا يكاد يرى مخرجا، وإذا ما أحسست أنه واقع في الفخ وشارف على الموت، «ابتكرت» له مخرجا يوحي له بأنه من صنع يدي عبقريته حتى يفر من خلاله وينجو.

مواجهة الأنثى لرجلها بكل ما تعرف وكشفها المستمر لكل أوراقها، يفقدها قيمة تلك الأوراق وتحترق مع الوقت بين يديها.

من الضروري ألَّا تكشف حواء كل ما تعرفه ضد آدم، إلا في حالة واحدة فقط، عندما تقرر الفراق إلى الأبد!

قالت لي هامسة وهي تدنو من أذني: أعرف سركم أيها الرجال! ورمقتني بابتسامة... واستطردت: لسبب ما في طبيعة الرجل، هو يتلذذ بالخوف إذا ما كان خوفه مستترا!

منذ أن يولد الرجل والكل يحرضه على ألَّا يخاف حفاظاً على رجولته، محاولين سحق صفته الإنسانية لمصلحة صفته الذكورية، والرجل يحاول تلبية نداء طبيعته الإنسانية سراً، فهو «يحب» أن يخاف إذا لم يكتشف خوفه أحد!

المرأة الذكية هي التي تلعب على هذه النقطة تحديداً، فتُوهمه أن خوفه مخفي، ليتسلى به ويروي عطش غريزته الإنسانية، والمرأة الغبية هي التي تكشف هذا الخوف، فتدفع الرجل لإثبات العكس بشتى الوسائل القاسية.

لذا من الأفضل لها أن تدعه يمارس خوفه من انكشاف لعبته البريئة، عوضا عن إثبات شجاعته بممارسة لعبته القذرة.