ما كان يجب أن يدفع أكراد تركيا حكومة عبدالله غول ورجب طيب أردوغان دفعاً إلى اتخاذ خطوة حل حزب التجمع الديمقراطي الكردي، ووضع اليد على ممتلكاته المالية والعينية، وإسقاط عضوية البرلمان عن زعيميه أحمد تُرك وإيسال طوغلوك، فهذا موقف خاطئ، وهذا وضع أسلحة في أيدي جنرالات الجيش التركي كي يحبطوا مساعي حكومة حزب العدالة والتنمية التي هي مساعٍ جدّية وحقيقية لحل القضية الكردية بالوسائل السلمية.
لم يشهد تاريخ تركيا الحديث والقديم أيضاً تفهماً للقضية الكردية كتفهم هذه الحكومة العقلانية والمتسامحة، التي يقودها هذا الثنائي عبدالله غول ورجب طيب أردوغان، لهذه القضية المزمنة والقديمة والمستعصية، وهذا كان يجب أن يدفع عقلاء أكراد تركيا إلى التحلي بالمزيد من المسؤولية، وأن يدفعهم إلى ضبط شغب المتطرفين من بني قومهم لإفساح الطريق أمام هذا الاعتدال إزاء قضيتهم ليأخذ أبعاده المتوقعة. كان المفترض أن يُسقط أكراد تركيا ظاهرة عبدالله أوجلان وحزبه من برامجهم ومن حساباتهم نهائياً، فهي ولدت في رحم الحرب الباردة وانقسام المعسكرات، وتسلحت بالقضية الكردية لحساب صراع إقليمي لم يعد موجوداً، وعلى هذا الأساس باتت تلفظ أنفاسها الأخيرة، ولم يعد يراهن عليها إلا اليمين التركي المتطرف الذي يقاوم مسيرة حزب العدالة والتنمية، وعودة هذه الدولة المركزية الهامة في عهده إلى الانفتاح على محيطها الإقليمي، والتعامل بيد ناعمة مع القضية الكردية. قبل أيام وقبل هذا التطور الأخير نفذت بقايا مجموعات حزب العمال الكردستاني التركي، حزب عبدالله أوجلان، الذي استخدم كأداة في صراعات الحرب الباردة، والذي انتهت مهمته مع نهاية هذه الحرب، عملية إرهابية سقط خلالها أكثر من عشرة من جنود الجيش التركي، وكان على زعماء أكراد تركيا أن يشجبوا هذه العملية التي ستثبت الأيام أنها مشبوهة، وأن هدفها زعزعة الاستقرار وإضعاف هذه الحكومة التركية المتسامحة والمعتدلة. وبصراحة فإن الاعتقاد الذي يرتقي إلى مستوى اليقين هو أن الأصابع الإسرائيلية غير بعيدة عن إنعاش حزب العمال الكردستاني التركي، ودفعه إلى استئناف عمله العسكري، واستخدامه مرة أخرى كبندقية للإيجار لاستهداف هذه الحكومة التركية التي وجهت إلى إسرائيل أكثر من لكمة موجعة، وخصوصا في الآونة الأخيرة. مع أن قضيتهم عادلة سواء في تركيا أو في العراق أو في إيران فإن الأكراد بقوا يستخدمون وعلى حساب قضيتهم كأدوات في الصراعات الإقليمية في هذه المنطقة، والآن فإنه غير مستبعد أن إسرائيل قد دخلت على هذا الخط، وأنها لجأت إلى افتعال مشكلة كردية متفجرة في تركيا نكاية بحكومة حزب العدالة والتنمية، ولدفع بعض جنرالات الجيش التركي، الذين يعتبرون أن عهد عبدالله غول ورجب طيب أردوغان يشكل خروجاً على المسيرة التي رسمها مصطفى كمال (أتاتورك)، إلى محاولة استعادة زمام الأمور، وإعادة هذا البلد إلى وضعية إدارة الظهر لعمقه العربي، والعودة إلى علاقاته السابقة مع الدولة الإسرائيلية. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
خطأ أكراد تركيا
15-12-2009