بدأ العام الدراسي في مدارس دولة الكويت وسط مخاوف ومحاذير مرض إنفلونزا الخنازير بالتزامن مع إعلان قيادات وزارة التربية استعدادهم الكامل لمواجهة هذا المرض على صعيد التوعية الإعلامية، وتجهيز العيادات الطبية المدرسية، وخطط الإخلاء الجزئي أو الكلي للفصول والأجنحة المدرسية بل بعض المدارس بالكامل التي قد يداهمها شبح الخنازير، مع خالص دعواتنا وتمنياتنا لأبنائنا الأعزاء والهيئات التدريسية بالصحة والعافية.
ويعتبر قرار المضي في الدراسة من الخطوات الجريئة التي اعتمدتها الوزارة رغم بعض الأصوات المطالبة بتأجيل أو تعطيل الدراسة، وإن كان لأولياء الأمور كامل الحق في الخوف على سلامة أبنائهم، خصوصاً في ظل التخلف الإداري والفني والخدماتي في هيئات ووزارات الدولة المختلفة، وتحت هاجس التجارب السابقة للتصريحات الفقاعية والخاوية لكثير من المسؤولين تجاه المشاكل والتحديات التي تواجهنا، والتي تثبت في الغالب العكس، ولهذا يجب أن يتحمل قياديو وزارة التربية مسؤولية تصريحاتهم بشأن الاستعدادات التي تم الإعلان عنها لمواجهة هذا المرض، حيث اعتبرها الكثير من النواب وكتّاب الصحافة وأولياء الأمور محل ثقة واطمئنان.وموضوع إنفلونزا الخنازير بالتأكيد يجب أن يؤخذ بأقصى درجات الجدية والاحتراز العملي وبروح عالية من المسؤولية على أرواح الطلبة والجهاز التعليمي، ولكن دونما أن نصل إلى مستوى الجزع المفرط وغير المبرر لوقف التعليم برمته، فالحياة يجب أن تستمر على طبيعتها الحلوة والمرّة والأمراض هي من سنن الطبيعة ومجريات القدر، ولهذا فإن الحياة الدراسية لا تختلف عن مناحي الحياة اليومية من حيث الاختلاط والزحام البشري سواء في الأسواق والمطاعم والمطارات والمساجد والأندية الرياضية ومراكز العمل وغيرها من الأماكن المغلقة، إضافة إلى كون مرض إنفلونزا الخنازير من الأمراض غير الفتاكة لتشل الحياة العامة، اللهم لبعض الفئات والشرائح البشرية ضعيفة البنية والمناعة الجسمانية وذوي الأمراض المزمنة، ومع ذلك يفترض أن تكون وزارة الصحة من خلال رصدها الدقيق لمؤشرات المرض هي المرجع النهائي لأي قرارات تخص تعطيل الدراسة ووقف العمل في المدارس عند الضرورة القصوى.وحتى نطمئن أبناءنا الأعزاء فقد خضنا تجربة مماثلة في بداية السبعينيات عند تفشي مرض الكوليرا، وهو من الأمراض القاتلة وأكثر فتكاً وخطورة من إنفلونزا الخنازير، حيث ضجت الدنيا بالخوف والهلع ولكن بقيت المدارس مفتوحة ومرت المحنة بسلام، وهذا ما سيكون مصير شبح مرض إنفلونزا الخنازير بإذن الله.وليت الاهتمام بالخنازير ولو بربع المقدار يكون موجهاً لفوازير وزارة التربية والربكة التي تحدثها بعض قرارات بداية العام الدراسي من النقل التعسفي للمدرسين والمدرسات، وهضم حقوق الكثير من العاملين في المجال التعليمي بخصوص الترقيات وتولي الوظائف الإشرافية، ونقص الاستعداد في تجهيز الأثاث المدرسي والكتب الدراسية، ونقص المدرسين وبروز ظاهرة حصص الاحتياط!ومن الفوازير المرعبة في وزارة التربية إصرار بعض الناظرات على وجه التحديد على ضرب التعاميم والقرارات الوزارية بشأن فرض الإتاوات والرسوم المالية على أولياء الأمور والمعلمات لصرفها داخل مدارسهن على ديكورات وأثاث مكاتبهن وتزيين الممرات والفصول المدرسية، وتهديد مَن لا يدفع بالحرمان من الدرجات أو التلاعب في التقارير السنوية! ناهيك عن الطامة الكبرى التي تشكل بعبعاً متجدداً لأولياء الأمور مع كل عام دراسي وهي العودة إلى ظاهرة الدروس الخصوصية التي تثقل كاهل الأسر بأعباء مالية إضافية.أما أم المصائب التربوية فتتمثل في تسريب وبيع الامتحانات، حتى وصل الأمر إلى الاختبارات النهائية كما حصل في نهاية العام الدراسي السابق، حيث وعدت وزيرة التربية الكشف عن نتائج التحقيق بشأنها بشفافية تامة مهما بلغت مراتب المتورطين والمقصرين في تلك الفضيحة، الأمر الذي يترقبه الجميع.ومثل هذه الفوازير مجتمعة، والتي لم يتم إيجاد الحلول بشأنها، ولم نكتشف المصل الواقي من شرها بعد، لاتزال تنخر في جسم التعليم المتمارض وانعكست عوارضها بوضوح من خلال ضعف المخرجات التربوية واهتزاز الثقة بالتعليم، وهذا هو المرض الحقيقي الذي قد يودي بمستقبل المجتمع برمته إذا لم يتم الاستنفار لمواجهته مثلما تم التعامل مع إنفلونزا الخنازير! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
مقالات
خنازير وفوازير المدارس!
29-09-2009