الهند... أرض الأنهار وجوز الهند

نشر في 13-07-2010 | 00:01
آخر تحديث 13-07-2010 | 00:01
«جووا» شريط ساحلي يمتد على مسافة 105 كيلومترات ويحتضن أرقى الشواطئ في الهند
الهند بلد حافل بالأماكن الرائعة، إلا أن ولايتي «جووا» التي توصف بأنها روما الشرق و«كيرلا» مدينة الأنهار تمثلان مقصد السياح إلى الهند.

اختار مجيب «البحر» نقطة انطلاق للتعريف بمدينته الواقعة جنوب غرب الهند على ساحل بحر العرب. البحر لا يشكل مصدراً من مصادر الدخل الرئيسية لكيرلا فحسب وإنما هو كذلك أحد عوامل الجذب السياحي لهذه الولاية المميزة بأجواء الطبيعة الساحرة.

يعمل مجيب مرشداً سياحياً، في كيرلا منذ سنوات طويلة، واستقر به المطاف أن يبدأ من البحر للتعريف بمعالم مدينته الجميلة. ربما بهذه الطريقة يريد أن يربط بين اقتصاد مدينته المعتمد في جزء منه على البحر وبين حاجات السائح الباحث عن الهدوء والشطآن البحرية الجميلة. يختار مجيب في معظم الأحيان أحد المنتجعات الكثيرة في ولاية كيرلا الواقعة على شاطئ البحر كمقر لإقامة أي وفد يتولى مهمة استقباله، حيث أصوات أمواج البحر تقطع سكون المكان، قبل أن تنطلق رحلة التعريف بمعالم كيرلا المختلفة الحديثة منها والتاريخية، وغالبا ما تكون نقطة انطلاق التعرف بالولاية من الميناء حيث مراكب الصيادين وبائعي الأسماك الذين افترشوا الأرض لبيع صيد مراكبهم الصغيرة.

تعتبر كيرلا أرض الأنهار والمياه الخلفية، إذ يجتازها 44 نهرا بالعديد من الروافد والفروع، وتشمل البحيرات ومداخل المحيط الممتدة بشكل غير منتظم على طول الشاطئ، وتشكل المياه مرفقا سياحيا واقتصاديا مهما بما توفره من فرص لممارسة رياضة القوارب والاستمتاع بالأنشطة البحرية المختلفة وسط مناظر الطبيعة الخلابة.

غير أن ما ينافس بحيرات المياه الزرقاء والأنهار الجارية والبحر المتلاطم الأمواج أشجار جوز الهند بطولها وكثرة عددها على امتداد أرض الولاية. ويُروى أن كيرلا اكتسبت اسمها من كلمة "كيرام اي" شجرة جوز الهند بسبب كثرة أعدادها وانتشارها على مساحات شاسعة من الأرض، وباتت هذه  الشجرة، التي تلعب دوراً بارزاً في اقتصاد كيرلا، عنواناً للولاية، إذ يستقبلك سكانها بثمار جوز الهند كنوع من الترحيب المميز والخاص، فضلا عن أنها تعد مصدرا من مصادر الدخل إذ تنتشر بسطات بيعها في الأسواق والشواطئ ومواقع تركز السياح والناس.

طريقة الوصول إلى كيرلا تتم جواً عبر عاصمتها ثيروننتابورام، إذ يوجد مطار دولي يسير رحلاته ذهاباً وإياباً إلى الخليج. وترتبط ثيروننتابورام بطرق مواصلات جيدة مع كل أنحاء الهند، وتعتبر محطة رئيسية مهمة في شبكة السكك الحديدية الهندية، وهي من المدن الهندية القديمة التي مازالت تحتفظ بمبانيها القديمة وتراثها المعماري الممتد إلى مئات السنين، وهذه إحدى سمات كيرلا التي أول من استوطنها البرتغاليون في عام 1498 ثم تبعهم الهولنديون والفرنسيون فالإنكليز. ومازالت كنيسة سانت فرنسيس، التي يعتقد أنها أقدم كنيسة بناها الأوروبيون في الهند في عام 1510 وكنيسة سانتاكروز باسيليكا للروم الكاثوليك ومقبرة الهولنديين ومعبد كونان كوريشو ومعبد شيفا، قائمة كشاهد على تاريخ هذه الولاية وتنوع الحضارات التي مرت عليها، فضلاً عن أن ثمة وسائل للصيد مازالت تستخدم إلى الآن من قبل الصيادين الهنود جاء بها المنغوليون عند غزوهم الهند قبل قرون طويلة. وظلت طريقة "الصيد الصيني" يتوارثها الناس جيلاً بعد جيل، لأنها طريقة عملية وناجحة، ويمكن أن يتم الصيد فيها بالنهار أو الليل، إذ عندما يحل الظلام يتم توجيه أنوار كشافات ضوئية باتجاه البحر لدفع الأسماك الى التحرك والدخول في شباك الصيد التي تُرفَع فور الفوز بالصيد الوفير.

تتميز عاصمة كيرلا التي تعتبر المعبر الرئيسي للولاية بمرافقها السياحية وحدائقها العامة والمباني التاريخية والمتاحف الكثيرة التي تضم مجموعات نادرة من التحف واللوحات القيمة، إضافة الى أنها تشتهر بشاطئ كوفلام أحد أروع شواطئ الهند، إذ يمكن للسائح ممارسة الألعاب المائية والصيد البحري، فضلا عن توافر المنتجعات والفنادق العالمية التي تجعل من المدينة منطقة سياحية مميزة. وغير بعيد من ثيروننتابورام العاصمة، تقع "كوتشن" التي تعرف بأنها عاصمة كيرلا التجارية، إذ تعتبر مرفأ توقف وتحميل السفن التجارية الأجنبية، لأنها تنتشر فوق عدد من الجزر ما جعلها من الموانئ الرائعة على ساحل بحر العرب. إلا أن كوتشن ليست مشهورة بتجارتها فحسب بل تعتبر مدينة جامعة تنتشر فيها المجمعات التجارية والأسواق والمباني الأثرية والتاريخية، ومنها القصر الهولندي الذي بناه البرتغاليون، وجدده ووسعه الهولنديون قبل أن يتحول إلى مقر لحاكم كوتشن.

لكن جمال كيرلا وتنوع ثقافتها وحاضرتها واعتبارها أحد أفضل المناطق السياحية في الهند يصطدم بمجموعة من المعوقات والعراقيل التي تجعل السياح يترددون قبل الذهاب الى هذه المنطقة، أبرزها صعوبة التنقل من مكان إلى آخر لعدم وجود وسائل نقل سريعة وزحمة الطرق وبعد المناطق السياحية بعضها عن بعض، الأمر الذي يأخذ وقتا طويلا من دون استفادة بسبب رحلات الانتقال من مكان إلى آخر. وتنتشر عمليات البناء والتعمير في مواقع مختلفة في كيرلا ضمن خطة لتوفير مقومات الجذب السياحي ومعالجة كل المعوقات أمام السياح. يقول مدير المعلومات السياحية في وزارة السياحة الهندية بي. كي. كونهان، إن بلاده تحتوي على كل مقومات الجذب السياحي سواء بالنسبة للأفراد أو المستثمرين في ظل ما تتمتع به من أجواء مناخية مميزة ومعالم سياحية جاذبة، فضلا عن توافر البنى التحتية وطرق النقل والمواصلات.

ويقول كونهان إن الحكومة الهندية مهتمة بشكل كبير بقطاع السياحة، وتحاول أن تتجاوز كل المعوقات الموجودة لجذب المستثمرين والسياح بهدف إنعاش حركة السياحة وتحويل هذا القطاع إلى أحد قطاعات الدخل المهمة في الهند.

 ويؤكد أن باب الاستثمار في الهند مفتوح سواء في قطاع السياحة أو في القطاعات الأخرى المختلفة، لاسيما أن ثمة توجها لتنويع مصادر الدخل عبر إنعاش المجالات الاقتصادية المختلفة.

 ويشدد كونهان على أن كيرلا إحدى مناطق الجذب السياحي المهمة في البلد بما تتمتع به من أجواء ساحرة ومنتجعات وفنادق راقية ما يجعلها خياراً رئيسياً للسياح والمستثمرين الراغبين في تحقيق مكاسب من خلال تطوير القطاع السياحي.

ويكشف كونهان عن إقامة مشروع مع حكومة دبي لتطوير شبكة الاتصالات والمعلومات في كيرلا خلال الفترة المقبلة، مشيرا الى أن ثمة اهتماما بهذه المنطقة لأنها أحد مناطق الجذب السياحي.

ويشير إلى أن الحكومة الهندية تدرك أن ثمة مشاكل في مجالات الطرق والمواصلات وصعوبات في التنقل، ونحاول أن نعمل على معالجة هذه المعوقات عبر مشاريع متنوعة، مؤكداً أن دخول المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال من شأنه أن يعالج الكثير من هذه المشاكل.

غير أنه ليست كيرلا فقط مدينة الجمال ومقصد السياح، فالهند بلد حافل بالأماكن الرائعة، ومنها "جووا" أو "روما الشرق"، كما وصفت على مدى الخمسمئة عام الماضية، فهذه المدينة متميزة في شريطها الساحلي الممتد على مسافة 105 كيلومترات، ويحتضن أرقى الشواطئ المتوافرة في الهند، حيث تجد أجواء الراحة والهدوء بدءاً من المنتجعات العالمية الفاخرة إلى كرم الضيافة المميزة من شعب ودود ومسالم.

ويتم الوصول إلى جووا عن طريق الجو عبر مطار بومباي للقادمين من الخليج، ومن ثم عن طريق رحلات طيران داخلية إلى مطار جووا في دوباليم على بعد 30 كيلومتراً من باناجي العاصمة. ورغم أن جووا أصغر ولايات الهند المتعددة فإنها غنية بأماكنها الساحرة وتاريخها وتراثها المعماري الذي يعود الى مئات السنين. لكن لا شيء يضاهي جمال شواطئ جووا المزدانة بأشجار النخيل والرمال الناعمة، حيث يعتبر شاطئ أجوادا وكالاغنوت وباغا التي تمثل قوسا رائعا يمتد بطول سبعة كيلومترات أكثر الشواطئ شعبية في جووا، وتضم الطريق المتعرج خلف الشواطئ مئات الفنادق والمطاعم ومحال بيع الهدايا. ويمتاز كل شاطئ من شواطئ جووا بموقعه المختلف في الشمال أو الجنوب بمميزات خاصة، ففي الجنوب تنتشر منتجعات الفئة الأولى على شاطئ تمتد مساحته بطول 25 كيلومتراً من سواحل فاليساو إلى أوتوردا وماجوردا وكولفا وبيناوليم وفاتريد إلى كافيلوسيم. في حين أن في الشمال هناك الشواطئ الأكثر هدوءاً وهي فاغاتور وشابورا.

back to top