الادباء والحريات
لجنة «الحريات» بتعريف مؤسسيها هي «لجنة منبثقة عن رابطة الأدباء في الكويت تأسست في يونيو 2009 هدفها الأساسي الدفاع عن، والتأكيد على، أهمية احترام الحريات الفكرية والثقافية والأدبية للمثقفين والمبدعين»، وذلك عن طريق «رصد وكشف التعديات الرقابية على الباحثين والكتّاب والمبدعين في الكويت وحول العالم» ، أملاً في ردع «قوى القمع الفكري، ومنع القوى الظلامية من التعدِّي على حق المثقف في الإبداع الفكري في أي مكان من هذا العالم». وفي عمرها القصير أصدرت بيانات تضامن عدة مع مفكري إيران والسعودية والأردن والعراق ومصر.
واللجنة من حيث المبدأ تجسيد للدور الحقيقي المتوقع من «الأديب» في التفاعل مع محيطه، وفي كسر الحواجز كافة التي تقف في طريق إبداعاته وحريته في التعبير عنها سواء في محيطه المباشر أو بالعالم، حيث يطمح أن تصل رسالته، ولا يقف في وجه ذلك حدود إقليمية أو اعتبارات سياسية أو بروتوكولات دبلوماسية لعالمية الأدب وإنسانية الغرض.عملياً هي من النشاط الإنساني القليل الذي بقي ليربط الكويت بالعالم وليحافظ على ما تبقى من سمعتنا الحضارية بعدما اختفينا من الخارطة الثقافية والفنية والعلمية منذ أن كانت لنا الريادة في الستينيات والسبعينيات، فلجنة الحريات انعكاس للعقلية الشبابية والتنويرية الجديدة لإدارة رابطة الأدباء التي نفضت الغبار عن الجمعية الكهلة وفتحت دائرة روادها المغلقة لتصل إلى الشارع، وتتبنى المواهب الجديدة وتتصل بالحراك الثقافي عربياً وعالمياً. لذا من الصدمة أن نسمع اعتراض بعض «الأدباء» على عمل هذه اللجنة واستنكارهم «تدخلها في إجراءات قانونية وأوضاع داخلية في دول أخرى» ودخولها في «جدل ديني أو صراعات جانبية» بحجة أن ذلك ليس أسلوب عمل «اعتادت» الرابطة عليه.ولهذا الموقف تعليلات كثيرة أحلاها مر، فقد يكون نتاج جهل بالدور الحقيقي للأديب والمثقف في الكويت والعالم، وقد يدل على عدم اتضاح جدلية العلاقة بيننا وبين النتاج الثقافي العالمي، وقد يكون «تنفيساً» عن غيرة طفولية من نجاح الفريق الجديد، وربما كان خوفاً من التجديد والتغيير، أو انعكاساً بشعاً لمدى تغلغل إرهاب الإسلام السياسي في عقلية ونفسية حتى الأدباء والمثقفين منا، الذين يعتبرون طليعة هذا المجتمع.مهما كان منطلق هذا الموقف فإنه مخجل وسطحي وبعيد كل البعد عن واقع العمل الاجتماعي بشكل عام والثقافي بشكل خاص، وهو غير مقبول من رجل الشارع البسيط، فما بالك بالأدباء والشعراء والكتّاب؟!