أليس الاستجواب حقاً دستورياً للنائب؟ ثم أليس من واجب أعضاء مجلس الأمة تطبيق الدستور والمحافظة على الحقوق الدستورية وصيانتها؟ إذا كان الجواب بالإيجاب، وهو فعلا كذلك، فلماذا يصاب بعض أعضاء مجلس الأمة بحساسية مفرطة وغير مبررة تجاه الاستجوابات التي يقدمها زملاؤهم تفوق، في بعض الأحيان، درجة الحساسية التي تصاب بها الحكومة عندما يقدم أحد الأعضاء استجواباً ما لرئيسها أو لأحد أعضائها؟

Ad

لماذا يوجه بعض أعضاء مجلس الأمة انتقادات شخصية جارحة لزميلهم أو زملائهم مقدمي الاستجوابات قد تصل في بعض الأحيان إلى الطعن في ذممهم ومحاكمة نواياهم قبل أن يقرؤوا صحيفة الاستجواب المقدم؟ ألم يكن استجواب النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الدفاع، ناهيك عن رئيس مجلس الوزراء، فيما مضي أي قبل ديسمبر الماضي "خطاً أحمر" لا يمكن تجاوزه؟ ثم ماذا حصل بعد أن تم استجواب رئيس الوزراء ونائبه الذي يحمل في الوقت عينه حقيبة وزارة  الدفاع، وأيضاً وزير الداخلية ووزير البلدية والأشغال في نهاية العام الماضي؟

ألم تكن الاستجوابات التي قدمت لهم وتمت مناقشتها في ذلك الوقت في جلسة برلمانية واحدة ممارسة ديمقراطية عادية مرت بشكل ديمقراطي سلس، بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع محتوى هذه الاستجوابات أو طريقة تقديمها أو كيفية مناقشتها، وهو ما دعا بعض الأعضاء المعارضين تقديمها في البداية إلى وصفها بأنها كانت استجوابات "راقية" تصدت لها الحكومة وفندتها حسب قولهم "بكل جدية واقتدار"؟! ماذا تغير الآن؟ ألا تستطيع الحكومة نفسها، التي واجهت قبل بضعة أشهر أربعة استجوابات "دسمة" دفعة واحدة، مواجهة استجواب يصفه معارضوه من النواب بأنه استجواب "ضعيف" مع أن ذلك فيما لو تم سيعزز من الدور الرقابي لمجلس الأمة وسيطور من الممارسة الديمقراطية، إذ إنه سيجعل من الاستجواب ممارسة سياسية عادية قد تجري في أي وقت، الأمر الذي لا يستدعي كل هذا الخوف والهلع اللذين ينتابان الحكومة وأصبح يصاب بهما، مع كل أسف، بعض أعضاء مجلس الأمة بمجرد سماعهم أن هنالك استجوابا جديداً سيقدم للحكومة؟!

إن احترام الاستجوابات كحقوق دستورية للنواب يمارسونها في الوقت الذي يرونه مناسباً لا يعني أبداً الموافقة على محتوى بعض هذه الاستجوابات وما تتضمنه من قضايا أو توقيت تقديمها أو بعض التعسف في ممارستها من قبل بعض الأعضاء، إنما يعني ذلك في الأساس احتراماً للحقوق الدستورية للاعضاء والتي بدونها سيتحول مجلس الأمة إلى مجلس استشاري ليس له سلطة رقابية فاعلة، ونحن على يقين من أن عملية حماية الحقوق الدستورية للأعضاء والاستمرار في ممارستها هما الكفيلان بإنضاج الممارسة الديمقراطية وتطوير الحياة السياسية، وهو الأمر الذي سيقضي تدريجياً على أي تعسف قد تقوم به أي من السلطتين عند ممارستها لحقوقها الدستورية.

***

نافذة:

الاعتداء اللفظي والجسدي المؤسف الذي تعرض له زميلنا الفاضل عضو هيئة التدريس في كلية العلوم الاجتماعية يجب ألا يمر من دون عقوبات رادعة، لذا فإننا نتمنى أن تعلن الإدارة الجامعية بشكل سريع نتيجة التحقيق في حادث الاعتداء وما ستتخذه من إجراءات لكي لا تتكرر مثل هذه الحوادث المؤسفة والغريبة على الحرم الجامعي.