التنمية وأحلام اليقظة!

نشر في 16-03-2010
آخر تحديث 16-03-2010 | 00:00
 د. حسن عبدالله جوهر هناك سيل من مشاريع التنمية التي تم الإعلان عنها وفي مقدمتها الخطة الخمسية التي أقرها مجلس الأمة وبكلفة مقدرة بأكثر من 30 مليار دينار للسنوات الأربع المقبلة، وقد تحملت الحكومة ممثلة بوزير الإسكان والتنمية روح التحدي بتنفيذ البرامج الواردة في هذه الخطة والاستعداد لمواجهة المساءلة السياسية في حالة الإخفاق بتحقيق أهدافها. وعلى خط مواز نجد وزير الأشغال العامة مندفعاً بنشاط شبه يومي في توقيع عقود جديدة للبدء في تنفيذ مشاريع مثل تجديد وتحديث وتوسعة خطوط المواصلات وبناء الجسور وتدشين الموانئ البحرية والجوية. ومن جهته يحاول وزير الكهرباء والماء البدء في إنشاء محطات الطاقة البديلة وفي مقدمتها الطاقة النووية والبحث عن مواقع بنائها، ناهيك عن إضافة محطات جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية. ويبدو أن خطط التنمية القادمة لا تتوقف عند الأفكار المحلية واجتهادات الحكومة، فأضيفت إليها الاقتراحات والبرامج الدولية أيضاً، فالبنك الدولي من جهتة أعد تقريراً حول التطوير الإداري وجداول الأجور والمرتبات في القطاع الحكومي، وتوني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق من جهة أخرى، دخل على الخط لتقديم مشروعه الخاص حول تطوير التعليم والتنمية البشرية. ومن يرى الخريطة المستقبلية لهذه الأفكار والمقترحات والبرامج فلابد أن يعيش حالة من النشوة الذهنية وأحلام اليقظة بأن الكويت ستسترجع مكانتها كدرة للخليج وأن الخير قادم لا محالة.

وبالتأكيد مثل هذه المشاريع يجب أن تنال أقصى درجات الاهتمام والدعم وأن توفر لها مقومات النجاح وقطف الثمار، ولكن في الوقت نفسه لابد أن نقف ونتساءل: هل مثل هذه المشاريع التي تتطلب وقتاً وجهداً وصبراً وتعاوناً كفيلة باستنهاض روح التنمية البشرية وبناء الإنسان كمواطن ودوره؛ أولاً، في المشاركة الحقيقية بأن يكون جزءاً عضوياً في تنفيذ تلك المشاريع الحضارية والمدنية، وثانياً، أن يكون هو المستفيد الأول والأخير لنتائج تلك الخطط والبرامج التنموية، وثالثاً، أن تكون التنمية في بعدها الإنساني هي قطب الرحى في تجسيد معنى المواطنة في إطار مفاهيم الوحدة الوطنية والتعايش السلمي وثقافة الحوار بين الرأي والرأي الآخر واحترام مساحات الاختلاف في الرأي والموقف والخصوصيات الفكرية والاجتماعية والعقائدية؟

في رأيي يظل الجانب الأهم في خطط ومشاريع التنمية هو الإنسان، ومن دون محورية الإنسان في هذه الخطط، فإنها تبقى عديمة الجدوى بل قد تتحول إلى إمبراطوريات للثروة والنفوذ ومزيد من الاصطفافات والانقسامات.

وفي مرات سابقة طرحنا كيف يمكن لخطط التنمية في حال اشتراك المواطنين جميعاً في برامجها وأدواتها أن تتحول إلى مشاريع وطنية تساهم فيها الأطياف والجماعات المختلفة، ويكون العمل الجماعي بديلاً عن التفرغ للعزف على أوتار الفرقة والتجاذبات القائمة بالفعل، ولكن هذا الحلم يبدو أنه يواجه تحديات أكبر من تحديات صرف الأموال بالمليارات وبناء الصروح والأبراج والمباني الجاهزة التي ستشيدها الأيادي المستوردة من العمالة الآسيوية وغيرها.

ولذلك، فإن أي نجاح للتنمية المادية يجب أن يواجه بالتنمية البشرية والتي تتمثل بحزمة تشريعات تقضي على مفاهيم وتطبيقات المحاصصة، خصوصاً في تعيين الوظائف الإشرافية والقيادية وغربلة مؤسسات صنع القرار ومنع الاحتكار بكل أنواعه، ووضع حد لتطبيقات تضارب المصالح، وفرض الوحدة الوطنية بقوة القانون حتى يشترك الجميع في بناء الوطن وفق خطط التنمية الطموحة والناجحة.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top