كثر الحديث في الأونة الأخيرة عن وجود شبهات تنفيع وتجاوزات مالية وإدارية شنيعة في العقود النفطية، مما ولد حالة من عدم الاطمئنان في نفوس الناس حول الكيفية التي تدار فيها ثروتهم النفطية، مصدر رزقهم الوحيد، وقد ازدادت حالة عدم الاطمئنان هذه بعد حالات الشد والجذب بين السلطتين إثر ما اعتبره بعض أعضاء مجلس الأمة شبهات مخالفات مالية وإدارية فاضحة تتعلق ببعض العقود النفطية الضخمة، التي انتهت إلى إلغاء مشاريع نفطية كبرى مثل مشروع الكويت أو ما يسمى صحافيا بمشروع «حقول الشمال» والمصفاة الرابعة ومشروع «الداوكيميكال» لأسباب عدة، أحدها أن طريقة ترسية هذه المشاريع اعتبرت مخالفة لدستور الدولة وقوانينها وأنظمتها.

Ad

وقد كان من المتوقع أن يتم تجنب تكرار الإجراء نفسه في العقود النفطية الجديدة لا سيما أن الدروس السابقة كانت قاسية، خصوصا على القيادات النفطية التي دافعت حتى النفس الأخير دفاعا مستميتا عن صحة الإجراءات التي اتخذت، ولكن من المؤسف أن المشهد نفسه يتكرر، إذ نشرت صحيفة (الراي) في عددها رقم 10976 بتاريخ 20 يوليو 2009 أن وزارة النفط قد أبرمت ستة عقود نفطية بقيمة نصف مليار دولار دون مرورها على لجنة المناقصات المركزية.

وكما حصل في السابق فقد قام وزير النفط بالدفاع عن صحة الإجراءات التي اتخذتها وزارته، ولكن هذا الدفاع من قبل الوزير لم يدم طويلا، فقد قرر مجلس الوزراء، بعد ازدياد الضغوط الصحافية والبرلمانية، إحالة هذه العقود الجديدة إلى ديوان المحاسبة للتدقيق وإبداء الرأي.

والسؤال الملح هنا هو: ماذا لو قرر ديوان المحاسبة، كما فعل مع بعض العقود النفطية في السابق، أن ترسية هذه العقود الستة تعتبر مخالفة لقوانين الدولة وأنظمتها؟ بالطبع فإن الجواب بسيط، وهو أنه ليس أمام الحكومة سوى إلغائها كما فعلت من قبل، وهنا يتبادر إلى الذهن مجموعة أسئلة محيرة مثل: ترى لماذا تقوم وزارة النفط أو مؤسسة البترول في كل مرة بترسية عقود نفطية مخالفة لدستور الدولة وقوانينها؟ هل المشكلة في الأنظمة الإدارية والمالية التي يخضع لها القطاع النفطي؟ إذا كان الجواب بالإيجاب فلماذا لا يتم تعديل هذه الأنظمة لكي تتوافق مع دستور الدولة وقوانينها من أجل المحافظة على المال العام واقتناص الفرص الاستثمارية الثمينة التي قد لا تتكرر، وأيضا تجنيب سمعة قيادات القطاع النفطي والعاملين فيه الإساءة وتبرئة ذممهم المالية مما قد تتعرض له من طعن، مثل ما حصل عندما نوقش مشروع «الداوكيميكال»، حيث ذكر أحد أعضاء مجلس الأمة أن مبلغ العمولات التي رافقت التوقيع الأولي لعقد المشروع هو 850 مليون دينار، وهي اتهامات خطيرة لم يتم للأسف التحقيق فيها لتبرئة ذمة مسؤولي القطاع النفطي أو إدانة من يستحق الإدانة واسترجاع الأموال العامة؟

إنه فعلا أمر مثير للاستغراب والتعجب أن يتم السماح بتكرار الأخطاء نفسها رغم سهولة تلافيها، ورغم ما يترتب عليها من شبهات تنفيع وخسائر مادية ومعنوية!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء