بين الجاسم والفضالة... والشريعان!

نشر في 06-07-2010
آخر تحديث 06-07-2010 | 00:01
 حمد نايف العنزي أكاد أجزم أن كل من كتبوا ومازالوا يكتبون دفاعا عن محمد الجاسم وخالد الفضالة ليسوا بأعداء لسمو رئيس مجلس الوزراء، ولا هم من محبي الجاسم والفضالة، ومعظمهم لم يلتق أحدا منهم في حياته ولا يعرفهم معرفة شخصية، لكن تفاعلهم كان بسبب حبهم وعشقهم لهذا الوطن الذي بدأت تظهر على ملامحه الجميلة بعض التشوهات في الأحداث الأخيرة، ولأن هناك خوفا عاما لدى كل المواطنين المخلصين بدأ يستقر في نفوسهم يوما بعد يوم من أن تتحول الدولة الأكثر ديمقراطية وحرية للتعبير في المنطقة إلى دولة تنافس نظيراتها في القمع والتعسف والتجبر وقطع كل الألسنة المعارضة، خوفاً من أن يتحول أصحاب الرأي الصريح بمرور الوقت، وبدافع من الخوف، إلى مجموعة من المنافقين والمطبلين لكل من في السلطة، وأن يتحول نواب الأمة رويدا رويدا إلى مجرد بصامين يسبحون بحمد الحكومة صباح مساء مشيدين بعبقريتها وقدرتها على الإنجاز، وأن يأتي يوم يتدخل فيه رجال السياسة في القضاء، وأن تصبح السجون هي المكان المناسب الذي يتم فيه تغيير قناعات المعارضين من النواب والكتّاب، ويتحول القانون إلى أداة سياسية تستخدم في إرهاب حملة الأقلام ممن يحملون رأيا مخالفا، وأن يشعر المواطن البسيط بأن خصمه الأول هو حكومته المسؤولة عنه!

كل الذين كتبوا عن قضية الجاسم والفضالة، كتبوا إحقاقا للحق وبدافع وطني محض، ليس حبا فيهما، ولا بغضا في الشيخ ناصر المحمد، إنما حبا في هذا الوطن الذي علمهم أن يحترموا الرأي الآخر مهما كان قاسيا، وأن النقد هو السبيل الوحيد لتعديل الأوضاع وللتقدم والتطور، وأن "الكبار" في هذا البلد كانوا دائما المثل الأعلى في سعة الصدر وقبول الآخر، وأن الكويت تبقى دائما جميلة بتعدد ألوانها وأطيافها وآرائها، وليس هناك ما هو أبشع من أرض لها لون واحد وطيف واحد ورأي واحد، والأبشع... أن يكون هذا بأمر القانون!  

***

من غير العدل والإنصاف تحميل مسؤولية الأزمة الكهربائية الحالية بالكامل للوزير الحالي الدكتور بدر الشريعان، فالمشكلة تاريخها يعود الى سنوات طويلة مضت وتراكمت حتى وصلنا إلى هذه الحال، مشكلة عامة يتحملها الجميع حكومة وشعبا، تسبب بها الفساد وسوء الإدارة الحكومية إلى جانب ثقافة الهدر والتعامل السيئ، وعدم دفع المستحقات المالية للوزارة من قبل المواطنين والمقيمين، واعتبار هذه الخدمة خدمة مجانية لا تستحق أن يدفع مقابلها دينارا واحدا، ولذلك، إن أردنا حقا حل هذه المشكلة فعلينا أن نبذل جهودنا مع الوزير الشاب ليقوم كل منا بدوره المطلوب، ففي الوقت الذي نطالب به الوزارة بشراء المولدات اللازمة، وذلك بإشراف لجنة متابعة من قبل ديوان المحاسبة تفاديا لما حدث في عهود سابقة من شراء مولدات متهالكة كلفت الدولة مئات الملايين دون طائل، ومطالبتها بأن تباشر بعمل حملة توعية بـ"كافة اللغات" كي تؤتي أكلها سريعا في هذا الصيف الحار، علينا نحن كمواطنين أن نتحمل مسؤوليتنا ونقوم بدورنا في التقليل من استهلاكنا الكهربائي، ولأنني أشك في أننا سنقوم بذلك من تلقاء أنفسنا، أرى أن تسارع الوزارة إلى تطبيق نظام الدفع المسبق عن طريق كروت التعبئة، والتي ستضمن انخفاضا في استهلاك الكهرباء، لأن الدفع المباشر أولا بأول سيضمن توفير المواطن والمقيم لاستهلاكهما، لأنهما سيشعران يوميا بقيمة الأموال المستحقة عليهما، أما في الوضع الحالي الذي لا يُدفع فيه فلس للوزارة، فلا شيء سيردعهما عن البذخ في استهلاك الكهرباء والماء بانتظار أن يتم إسقاط المبالغ المتراكمة عليهما كما حدث سابقا!

الهجوم على الشريعان وتحميل رجل واحد مسؤولية مشكلة عامة هما أسهل ما يمكن القيام به، لكنه لن يحل المشكلة أبدا، حتى لو أتى "سوبر" شريعان آخر ليحل محله، فلن يستطيع ذلك من دون  تعاون الجميع لأنها مشكلتهم جميعا، هم من تسببوا بها، وهم من يجب أن يحلوها جميعا... لا الوزير وحده!

back to top